30 يونيو.. ثورة للعالم العربي (4)
الإسلام السياسى هو سبب الفوضى فى المنطقة، وستظل دون استقرار طالما أن هناك إسلاماً سياسياً يسعى للوصول إلى السلطة، قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى صراحة وعلى الهواء مباشرة عقب لقائه نظيره الأمريكى دونالد ترامب فى نيويورك.بهذه الكلمات عبر الرئيس السيسى عن العرب جميعهم، ورغم أنه لم يشر إلى جماعة الإخوان الإرهابية بالاسم، إلا أن الرسالة وصلت للعالم كما أرادها.استغل التنظيم العالمى للإخوان المسلمين حالة الفوضى التى عمت الدول العربية تحت مسمى «الربيع العربى»، وتحالف مع تنظيمات إرهابية متطرفة باعتبارهم تحت مظلة واحدة، واستطاعت جماعة الإخوان الإرهابية السطو على الحكم فى مصر، وباتت الفرصة مهيأة للسطو على الحكم فى أكثر من بلد عربى مثل سوريا وليبيا وتونس.وسرعان ما كشف الشعب المصرى حقيقة الجماعة الإرهابية التى هيمنت على البلاد، واتضح أنها سلطة تابعة لتنظيم مسلح، يديرهما مكتب الإرشاد من خارج القصر الرئاسى، ويحرك خطواتها تنظيم دولى مدعوم من أطراف عربية وإقليمية ودولية متعددة المصالح والأهداف الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية.لم يدم (الربيع الإخوانى) فى المنطقة طويلاً، وبدأ فى الانهيار.. بدأ من مصر بقيام ثورة 30 يونيو، بعد أن حدد الشعب المصرى مطلبه بدقة.. إسقاط حكم المرشد.. ولم يقف عند حدود خلع الرئيس الإخوانى، وكان المطلب الأساسى هو إنقاذ البلاد من حكم الجماعة الإرهابية، وتحدى المصريون ما صدّره لهم البعض بأنه المسار الطبيعى للتاريخ الذى سيتيح للجماعة الإرهابية حكم مصر لقرونٍ مقبلة، وأن الرهان على إسقاطها يبدو مستحيلاً وفقاً لمحددات واضحة وضوح الشمس، أهمها على الإطلاق الدعم الأمريكى اللا محدود سياسياً ولوجيستياً، ورعاية بعض القوى الإقليمية فى المنطقة.نجحت ثورة 30 يونيو فى مصر، وامتد تأثيرها إلى عموم المنطقة العربية، ووفى كل البلدان التى أوشكت على السقوط، تكشفت هشاشة تنظيمات الإخوان، ولفظت الشعوب أيديولوجيتهم المخادعة التى لا تؤمن بالأوطان، وأدركت الشعوب أن الخطر كل الخطر يتمثل فى فكر المتسترين بالدين ممن لا يؤمنون بمفهوم الدولة الوطنية.إذا كانت رسالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الداعمة لثورة 30 يونيو، هى التى دشنت علاقة ثورة 30 يونيو الوثيقة بالمنطقة العربية على مستوى العلاقات الرسمية، فهناك من دشنها على المستوى الشعبى، ليؤكد تأثير مصر ومكانتها فى محيطها الإقليمى، فى ليبيا خرج الشعب العربى هناك فى مظاهرات حاشدة فى العاصمة طرابلس تأييداً لقوات الجيش الوطنى فى مواجهة ميليشيات «السراج»، وهتف الليبيون للرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى: (يقطع لاخوان وطاريهم، نبو سيسى كى سيسيهم).وبالعامية المصرية يعنى الهتاف (قطيعة تقطع الإخوان ومن يذكر اسمهم، ومن يدعمهم، نريد سيسى مثل سيسيهم.. أى زعيماً مثل الرئيس السيسى).. الهتاف مسجل صوتاً وصورة، وهو وثيقة تاريخية تسجل تأثير ثورة 30 يونيو على المنطقة العربية ليس على مستوى الأنظمة الحاكمة فقط، ولكن على مستوى الشعوب أيضاً.لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين مقولة رائعة تلخص علاقة مصر بالعالم خارج حدودها «مصر خليقة أن يُحسب لها حساب حين ترضى، وأن يُحسب لها حساب حين تغضب، وأن يُحسب لها حساب حين تريد».