أصول الدولة «الهضبة والحديقة»
كنت وما زلت لدىّ قناعة بأننا نمتلك الكثير من الأصول هى كنوز وثروات لو تم استغلالها بفكر استثمارى ربما تغنينا عن إنشاءات جديدة تكلفنا أموالاً طائلة ولن تكون على نفس مستوى الأصول القديمة المهدرة، ولذلك يجب الإشادة بتوجه الحكومة لعلاج أخطاء الماضى واقتحام هذا الملف المسكوت عنه لعقود طويلة، وفى السطور التالية سوف أستعرض قرارين فى هذا الإطار رغم المعارضة الشديدة والهجوم الذى تعرضت له الحكومة بسبب ذلك.. القرار الأول كان إسناد منطقة هضبة الأهرامات إلى شركة «أوراسكوم» لتطويرها وإدارتها بنظام حق الانتفاع لمدة محددة مقابل إيجار سنوى ونسبة فى الأرباح، ولقد تشرفت مع بعض الزملاء الإعلاميين والكتاب بزيارة المنطقة أمس واستمعنا من رئيس مجلس الإدارة المهندس عمرو جزارين للتطوير الذى شهدته المنطقة والذى استمر أكثر من خمس سنوات بتكلفة تتجاوز المليار جنيه لمساحة ثلاثة آلاف فدان، وشمل إنشاء طرق جديدة ومرافق ومجموعة من المحال والكافيتريات والمطاعم وقاعة عرض سينمائى، واستحداث وسائل خدمات عالية التقنية للزائرين مع الاهتمام بالنظافة وإجراءات التأمين، وتوفير وتشغيل وصيانة وسائل انتقال تعمل بالكهرباء والطاقة صديقة للبيئة، «جزارين» أكد أن كل المبانى والمنشآت التى أقيمت كانت تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار حتى تتوافق مع المعايير التى وضعتها اليونيسكو، كما أشار إلى إدخال الخيالة والسياس وأهالى نزلة السمان فى منظومة التطوير وتدريبهم وتوفير عربات لهم وحناطير بشكل يتوافق مع طبيعة هذه المنطقة، والتى كانت مهملة ونموذجاً للعشوائية والفوضى بل وللفرص الضائعة والأموال المهدرة، وقرار تطويرها كان صائباً وسوف يحقق فوائد كثيرة من ناحية الجذب السياحى وتحقيق إيرادات للدولة، أيضاً يسهم فى توفير فرص عمل كثيرة مع وجود مظهر حضارى محترم يليق بعظمة مصر والمنطقة التاريخية. القرار الآخر هو تطوير حديقة الحيوان بالجيزة التى كانت أهم وأقدم حديقة فى أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، بل لها مكانة تاريخية عالمية ولكن بسبب عدم الاهتمام بها خرجت من التصنيف العالمى لحدائق الحيوان منذ ١٩ عاماً ولكن جاء قرار إسنادها لتحالف مصرى لتطويرها تحت إشراف الاتحادين الأفريقى والعالمى لحدائق الحيوان من خلال الاستعانة بأفضل الخبراء والاستشاريين الأجانب حتى تكون على غرار الحدائق الدولية وتعود إلى سابق عهدها تليق بمصر والمصريين. توجه حميد من الدولة فى سعيها إلى تعظيم الاستفادة من أصولها المهدرة أو غير مستغلة وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص، فيجب الاعتراف بأن تجربة القطاع العام أثبتت أن الدولة ليست مديراً ناجحاً ومهمتها الرقابة والتنظيم والحماية وتوفير مناخ المنافسة ومنع الاحتكار، وأن القطاع الخاص الوطنى المحترم هو الأمل والحل لكل مشاكلنا طالما كان يعمل فى إطار تحكمه الشفافية والعدالة والمساواة والحوكمة وتحت مظلة القانون، إذا حدث ذلك فسوف تتحول الأصول المهدرة من الخسائر إلى الأرباح ومن الفشل إلى النجاح، والإخفاقات إلى إنجازات، والله الموفق والمستعان.. وتحيا مصر.