مؤسس «سيرة القاهرة»: «مسك» من أجمل المساجد المملوكية.. كان حكرا باسمها

كتب: أحمد الأمير

مؤسس «سيرة القاهرة»: «مسك» من أجمل المساجد المملوكية.. كان حكرا باسمها

مؤسس «سيرة القاهرة»: «مسك» من أجمل المساجد المملوكية.. كان حكرا باسمها

زيزو عبده: رعت الناصر محمد بن قلاوون وأبناءه.. وتمتعت بمكانة عالية بين السلاطين والعامة

لم يذهب التاريخ كثيراً إلى دور النساء فى الحضارة الإسلامية ‏فى مصر، بل اقتصر على ذكر أسمائهن دون التطرّق إلى ‏سجلهن الكبير وجهودهن فى المجتمع وتشييد المساجد فى دروب القاهرة، وهو ما يشهد عليه عدد من المساجد التى تحمل أسماء سيدات، أبرزها مسجد الست «مسكة» فى قلب منطقة الناصرية بالسيدة زينب، وتحديداً فى السوق التى تحمل اسمها، ويوضح الباحث الأثرى ومؤسس مبادرة «سيرة القاهرة» زيزو عبده فى حواره لـ«الوطن» جانباً من تاريخ هذه السيدة فى عصرها، ويتحدّث عن مسجدها وتطوره وعن المساجد النسوية عموماً، وإلى نص الحوار..

للمساجد النسوية طابع خاص فى مصر.. حدّثنا عن ذلك؟

- فى مصر لدينا طابع خاص فى ما يخص المساجد النسوية أو التى تحمل بصمة نسائية فى القاهرة، ولكنها تتعلق أكثر بالأشراف ومساجد سيدات أهل البيت، التى تمثل حالة خاصة للمصريين وبصمة كبيرة تشكل حالة روحانية ونقاطاً نورانية وبؤراً لامعة تحمل من الأثر والتاريخ، فنجد تجمع السيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة عائشة، خاصة المساجد الموجودة فى شارع الأشراف، الذى يضم أيضاً مسجدى السيدة عاتكة والسيدة فاطمة النبوية، وعدداً كبيراً من المساجد الأخرى، وبعض هذه المساجد يتم ترميمه، أما المساجد المملوكية فعددها ليس كبيراً، ولا يحظى بشهرة شعبية، مثل مساجد أهل البيت، ولكن مسجد الست مسكة من أجمل هذه المساجد وأبرزها.

ما قصة مسجد الست مسكة؟.. وماذا عن المسجد الذى اندثر؟

- المسجد فى الأساس كان عبارة عن حِكر بحسب ما ذكره المقريزى فى كتبه عن الأحكار، وهى ملكية تعود إلى الشخص، متمثلة فى قطعة أرض كبيرة ويتولى تعميرها، وكانت القاهرة مليئة بما يُعرف بالأحكار المتوزعة على الوجهاء والأمراء والمقرّبين للسلاطين، ومن ضمنهم الست مسكة، التى كانت تمتلك حكرين، أحدهما هو «المريس» الذى أنشأت فيه مسجداً أيضاً، وقد اختفت ملامحه بحكم الزمن، أما مسجدها فى قلب الحكر الثانى الموجود حتى وقتنا هذا، وكان يسمى أرض الخشاب، أو سويقة السباعين، والمستخدم حتى هذه اللحظة، فاندثر مسجد وبقى آخر وهو الموجود حالياً فى سوق الست مسكة بالناصرية.

ما الذى ذُكر عن الست مسكة فى الروايات والقصص الشعبية؟

- «الست مسكة» فى التراث الشعبى عُرفت من خلال عدد من القصص الشعبية، من ضمنها بيت شعر على لسان أحمد فؤاد نجم -وهو غير دقيق- وصفها بـ«حيزبونا وشمطاء»، بغضّ النظر عن حقيقة شخصيتها وجمالها ووزنها فى الدولة فى عصرها، وكانت مقربة لواحد من أهم سلاطين الدولة المملوكية، وهى لم تكن مرضعة قلاوون فحسب، بل كانت تتولى رعاية ابنه الناصر محمد بن قلاوون، ثم السلطان حسن، وعاصرت فترة أولاد السلاطين، لدرجة أنها طلبت دخول السجن مع انقلاب المماليك على سلاطينهم، بحكم أنها مربيتهم، فى ظل التمرّد عليهم والانقلابات.

لماذا أطلق عليها المصريون «الست مسكة»؟

- على الجانب الآخر كانت هناك صراعات بين المغول أدت إلى نزوح عدد منهم إلى مصر فى عهد المماليك من ضمن النازحين، فكانت هناك أميرة تُدعى أشلون وتزوجها قلاوون، وكانت معها جاريتها فى نفس عمرها تُدعى الست «جلشانة»، ومعناه «محمرة الوجه»، بالمعنى المصرى «وشها مورد»، وكانت شديدة الحُسن والجمال، وهى الست حدَق أيضاً، وهى نفسها الست مسكة، وهو اللقب الذى أطلقه عليها المصريون، والتى ذاع عنها أنها طيبة الرائحة، وتفوح منها دائماً رائحة المسك، ومن المتداول عنها أنها كانت تعطّر النقود قبل التصدّق بها وتعطى الصدقة معطرة.

ما أهمية دور «الست مسكة» فى العصر المملوكى؟

- كان لها شأن، وما ذكره المقريزى عن الست مسكة أنها كانت من أعلام هذه الفترة، واختارت أن تقوم بدور الأم لسلاطين الدولة المملوكية، فالشائع أنها كانت على العهد دائماً حتى بقيت فى المشهد كله، وكانت شاهدة على صراعات سياسية، وأصبحت من ملاك الأحكار، وكان لها حظوة بين السلاطين وعامة الشعب.

قصة اختيارها السجن برغبتها

مربية البيت القلاوونى ربت واحتضنت أولاد السلاطين، ثم جاء التمرد عليهم واختارت السجن معهم، وهى إشارة إلى المعانى الإنسانية بأن تظل موجودة بجانبهم وتتفانى معهم وتقوم بدور الأم، وما نأخذه من «جلشانة» أنها كانت عبرة فى الإيثار بأن تتفانى وتكون صادقة ووفية ومحبوبة بين المصريين، حيث كانت تتوسط لهم لقضاء حوائجهم، وكانت هى الكهرمانة، أى وظيفتها مسئولة عن المناسبات والولائم، التى يقيمها السلطان، وانتهت حياتها داخل السجن ولم تُقتل على يد أى شخص.

 

 


مواضيع متعلقة