من الذى لا يحب «رودينا»؟
الحقيقة ما زالت غائبة بين «أب وأم وعم وجد» فى واقعة العثور على الطفلة رودينا ابنة العام و3 أشهر.. رودينا التى عثر عليها ملقاة بمقلب قمامة فى شبرا الخيمة وهى مصابة بكسور فى القدم، كانت لا تقوى على الحركة أو الكلام وكان صوتها منهكاً، والصدفة وحدها قادت العجوز لتراها، وتنزل دموعها وهى تحتضن الصغيرة وتهرول بها إلى منزلها، وتذهب إلى مباحث شبرا الخيمة والنيابة وتقول لى طلب وحيد: «اكتبوا هذه الصغيرة باسمى.. لو ولد مش عايزاه.. لكن دى بنت.. وأنا هاعتبرها زى بنتى وحفيدتى.. أنا يا ابنى اسمى الحاجة فاطمة.. وده تليفونى وآدى عنوانى».
ويتطور الأمر عقب بلاغ الحاجة فاطمة وتظهر مفاجآت فى قصة الصغيرة رودينا، الآن الاتهامات متبادلة بين جميع الأطراف، الأم طرف أول تقول إن أسرة والدها هم من كسروا قدمها وألقوا بها حية فى مقلب القمامة لتأكلها الكلاب الضالة، الطرف الثانى ويضم: «العم وزوجته والأب والجد» يتهمون الأم بأنها شيطانة، على حد قولهم، وهى التى اعتدت بالضرب على ابنتها وكسرت قدمها ثم أحضرتها إلى المنزل وتركتها للجد للتخلص منها، ولكن العم عدّل أقواله فى المباحث وأمام النيابة وقال: «زوجتى هى التى كسرت قدم رودينا وليست والدتها، وأنا طلقتها بعد هذه الواقعة وتخلصت منها وهذا ما أعرفه عن رودينا وفوجئت بأن وسائل الإعلام تتحدث عنها، وعن العثور عليها ملقاة فى مقلب قمامة». هذا التطور جعل النيابة تحتجز الأم والعم وتصدر قراراً بضبط وإحضار زوجة عم رودينا وجد رودينا للوصول إلى حل اللغز، خاصة مع تأكيد الأم وتحريات المباحث بأن الجد هو الذى ألقى حفيدته فى مقلب قمامة تواجه الموت والخوف والرعب والكلاب الضالة.[FirstQuote]
المستشار هشام بركات، النائب العام، كلف نيابة شبرا الخيمة ثان برئاسة وليد مندور بالتحقيق مع جميع الأطراف لكشف ملابسات الحادث، وجار التحقيق بمعرفة أحمد خلاف وكيل أول النيابة.
صباح الأحد الماضى استيقظت الحاجة فاطمة ونزلت من منزلها متوجهة إلى «فرن بلدى» فى شبرا الخيمة لشراء الخبز، عادتها اليومية، وأثناء سيرها سمعت صوت بكاء طفلة، تتبعت الصوت وبحثت عنها ولكنها لم تعثر عليها، ثم اقتربت من مقلب القمامة، فاقتربت من الصوت، بحثت خلفه لم تشاهد شيئاً، واستمرت الحاجة فاطمة فى البحث عن صوت لمدة نصف ساعة تقريباً.
شاهدت يد طفلة تتحرك داخل مقلب القمامة، فأصيبت بصدمة وقالت «يا عينى يا بنتى منهم لله اللى سابوكى هنا»، الحاجة فاطمة حملت الطفلة وعادت مسرعة إلى البيت ولم تشتر الخبز لأفراد أسرتها، تحمل الطفلة تصرخ من الألم، علمت الحاجة فاطمة أن الطفلة مصابة بكسر وسحجات فى قدمها ووسطها، استدعت أولادها وروت لهم تفاصيل قصة العثور على الطفلة، وطلبت من ابنها أن يذهب بالطفلة إلى المستشفى لعلاجها، وبالفعل لم يتأخر الابن عن العمل النبيل مثل والدته، وعاد بالطفلة إلى المنزل وتم علاجها ثم اشتروا لها ملابس جديدة، وأبلغوا الشرطة بالعثور على الطفلة وحرروا محضراً بالواقعة.[SecondImage]
وطلبت الحاجة فاطمة من مأمور القسم أن تظل الطفلة فى منزلها حتى علاجها، واستجابت الشرطة لها، وقامت حفيدة الحاجة فاطمة بنشر صور الطفلة على مواقع التواصل الاجتماعى وروت تفاصيل المأساة وتم نشرها فى برامج تليفزيونية وبعد مرور 3 أو 4 أيام توجه شاب يدعى عادل عيد إلى قسم شبرا الخيمة وحرر محضراً يفيد بأن الطفلة التى تم نشر صورتها فى وسائل الإعلام هى ابنة شقيقه.
داخل مبنى قسم شرطة شبرا ثان الخيمة التقى عادل ضابطاً وطلب منه تحرير محضر يفيد بالعثور على ابنة شقيقه الأكبر، وأفاد فى المحضر أنه فوجئ بصور الطفلة يتم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت، وقال: والدى وراء تلك الكارثة هو من أخذ طفلة أخى وألقى بها فى مقلب القمامة.
وروى العم المأساة وقال: «إحنا أسرة مفككة والدى جاحد وتربيته لنا كانت غلط، الأسرة فيها مشاكل وخلافات، وأخى تزوج من شيطانة، يقصد والدة الطفلة، حولت حياته إلى جحيم بسبب النكد والمشاكل، وذلك بعد أن أنجبا طفلتين منها من بينهما رودينا البالغة من العمر عاماً و3 أشهر، تزوج منها منذ 5 سنوات تقريباً، وانفصل عنها بعد مرور 3 أعوام، وتركها وعاد إلى قريتنا فى محافظة سوهاج، فكانت تحضر زوجة أخى إلى المنزل وتتشاجر مع أبى يومياً بسبب مصاريف الأطفال وترك شقيقى لهم.
يضيف: «منذ شهر ونصف تقريباً حضرت إلى منزل والدى وتركت الطفلة فى حالة إعياء واحتفظت بالرضيع وقالت لأبى: «أنا مش هربى عيالكم ابنكم سابنى ومشى وخدوا البنت عندكم»، وبعد مرور 6 أيام تشاجرت زوجتى مع الطفلة وكسرت قدمها وأصابتها بسحجات، وبعدها بمرور 5 أيام اختفت الفتاة من المنزل، ظننت أن أمها حضرت وأخذتها وأنا طلقت زوجتى عقاباً لها، والآن شاهدت صورها على شاشات التليفزيون فحضرت إلى قسم الشرطة لاستلامها».
دينا نعيم والدة الطفلة رودينا قالت لـ«الوطن»: «تزوجت سامح وأنجبت منه رودينا بعد عام ونصف وهى الآن عمرها سنة وثلاثة أشهر ثم أنجبت ملك وعمرها 4 أشهر، ومنذ زواجى منه تحولت حياتى إلى جحيم ولم أر يوماً سعيداً، شاهدت كل أنواع الذل والمهانة، بسبب الضرب وعدم اللامبالاة».[SecondQuote]
وتضيف الأم: أنا من أسرة بسيطة أعيش فى محافظة القليوبية كنت متزوجة من عامل ورزقنى الله بطفل، ثم حدثت خلافات بيننا وانفصلنا، وتعهدت بأنى لن أتزوج مرة أخرى، وحضر والد رودينا وطلب من أسرتى الزواج منى، كنت أعتقد أنه سوف يعوضنى الحنان الذى افتقدته من زوجى الأول، تزوجنا وعشنا 4 أيام سعداء ثم تحولت إلى خادمة له.
استولى منى على شبكة الزفاف «حلق ودبلة»، وفى أحد الأيام فوجئت به يطلب منى إنهاء إجراءات الحصول على قرض من البنك قيمته 10 آلاف جنيه لافتتاح مشروع لزيادة الدخل، وبعد حصوله على القرض اختفى ثانى يوم، بحثت عنه فى كل مكان ولم أستطع العثور عليه، توجهت إلى منزل والده أخبرنى أنه لا يعلم شيئاً عنه، وشقيقه يقول إنه سافر إلى الخارج، ومضت شهور، وحضروا إلى المنزل واعتدوا علىَّ بالضرب وأهانونى أمام الجيران ثم خطفوا ابنتى رودينا، وشاهدتها على شاشات التليفزيون.
ومن ناحية أخرى قررت نيابة قسم شرطة شبرا ثان الخيمة التحقيق فى الواقعة لكشف ملابسات الحادث وتحديد الجانى، واستدعى وليد مندور رئيس النيابة والدة الطفلة وعمها، وأجرى مواجهة بينهما بمعرفة أحمد خلاف وكيل أول النيابة وتبادل الطرفان الاتهامات فيما بينهما، وقررت النيابة استدعاء الأب والجد وزوجة العم، لمواجهتهم بالاتهامات بالاعتداء بالضرب على الطفلة وإلقائها فى الشارع، والتأكد من رواية الأم باتهامها زوجها بالنصب عليها والاستيلاء على مبلغ 10 آلاف جنيه قيمة القرض، وطلبت النيابة عرض الطفلة على الطب الشرعى وحجزها فى دار رعاية لحين الانتهاء من التحقيقات.
وطلبت النيابة تحريات المباحث حول الواقعة، واستدعى رئيس النيابة الحاجة فاطمة وأولادها الذين عثروا على الطفلة لسماع أقوالهم، وروت العجوز تفاصيل حكايتها مع رودينا، وسمعت التفاصيل والاتهامات بين والدة الطفلة وعمها وجدها، سمعت ودموعها تسبقها وهى تقول: «أنا أربيها، اعتبرونى أبوها وأمها، أنا حبيت البنت دى، ملهاش ذنب عشان يحصل فيها كده، هاتوا البنت والنبى»، جمل رددتها الحاجة فاطمة أمام الجميع، بينما كانت رودينا ترقد فى مستشفى المقاولون العرب عقب تدخل جمعية الأورمان لرعاية الصغيرة، رودينا ترقد لا تدرى ماذا حدث ولا كيف حدث وماذا سيحدث فى الأيام المقبلة ولا تدرى أن من عثر عليها «يحبها»، من شاهد صورها على مواقع التواصل الاجتماعى «أحبها»، من تابع قصتها فى التليفزيون «أحبها»، هؤلاء جميعاً أحبوا رودينا، إلا أسرتها، الأم تركتها والجد ألقاها فى مقلب القمامة والأب اختفى وزوجة العم كسرت قدمها، أسرة رودينا لا تحبها، فى وقت طرح فيه الجميع سؤالاً واحداً: «من الذى لا يحب رودينا؟».