«البرتقالي» لعلاج «الأنيميا الثقافية» بدون أعباء (3)

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

وفقاً لتعريف «اليونيسكو»، فالاقتصاد البرتقالى يضم عدداً من القطاعات، هدفها الرئيسى تسويق الأنشطة والخدمات والمنتجات، أو النشر، أو الترويج، أو الاستنساخ، أو إنتاج محتوى مستمد من أصول ثقافية أو فنية أو تراثية.إذاً هو اقتصاد هجين معنىٌّ بتحويل الأفكار إلى سلع وخدمات ثقافية، ويهتم بالموروث الثقافى والتنمية الاجتماعية دون الإخلال بالمردود الاقتصادى الذى يضمن له الاستدامة، ولهذا لاقى الاهتمام والدعم من عدد من المنظمات العالمية مثل الأمم المتحدة واليونيسكو وغيرهما.

ظهر مصطلح الاقتصاد البرتقالى لأول مرة عام 2013، خلال مؤتمر لبنك التنمية للبلدان الأمريكية عندما أصدر الكولومبيان «فيليبى بويتراجو» و«إيفان دوكى»، مستشارا البنك الإسلامى للتنمية كتاب (الاقتصاد البرتقالى: فرصة لا حصر لها)، وهنا تجدر الإشارة إلى ما يدعونا كمصريين للفخر، حيث أشار المؤلفان إلى أن سبب وصفهما لهذا النوع من الاقتصاد بـ«البرتقالى» يرجع إلى أن هذا اللون يُعد رمزاً للثقافة والإبداع والهوية عند المصريين القدماء، على خلفية استخدامهم الصبغة البرتقالية المصنّعة من كبريت الزرنيخ فى الكتابة والزخرفة بالمعابد والمقابر.

بدأ الاقتصاد البرتقالى فى كولومبيا، وفى سنوات قليلة انتشر فى كل أنحاء العالم، وشاعت الدراسات حوله، وقام المتخصصون بتعميق محتواه ليشمل الكثير من الحرف والصناعات الإبداعية.مصر من أكثر الدول المؤهلة لاقتحام «الاقتصاد البرتقالى» بقوة، فالمكون الحضارى موجود، والحرف التراثية متنوعة، وتضرب بجذورها لآلاف السنين، والصناعات الإبداعية فى الفنون والآداب متنوعة، وقادرة على النفاذ للخارج، سواء إقليمياً أو عالمياً.

لدينا تجارب مشهودة ومحفزة، من بينها تجربة رمسيس ويصا واصف، فى قرية الحرانية، الذى نقل منتجات السجاد اليدوى إلى أعظم متاحف العالم، وتجربة الفنان حبيب جورجى فى الانطلاق بالفن التلقائى للأطفال، فى مجالى الرسم والنحت للعرض فى متاحف لندن وباريس وغيرهما من الدول، وما فعلته السويسرية «إيفيلين بورى» مع صناعة الفخار وسكان قرية «تونس» بأطراف الفيوم، وبسببها نال «فخار تونس» شهرة عالمية من خلال المشاركة فى المعارض الدولية.

لاحظ أن كل هذه التجارب الفذة انطلقت على أيدى أفراد، وعلينا أن نتخيل فيما لو تم السير على نهجها بشكل مؤسسى بمعرفة الدولة، بشرط ألا تعرقلها البيروقراطية المعروفة بجبروتها فى دواليب الحكومة.مصر رائدة المنطقة فى السينما والمسرح والموسيقى والغناء والدراما التليفزيونية، والتعامل مع هذه الفنون باعتبارها من أهم منطلقاتنا للاقتصاد البرتقالى سيصنع الفارق، وإيراداتها لن تمول علاج «الأنيميا الثقافية» فقط، لكنها ستضيف الكثير للناتج القومى.

لا نطالب المسئولين بالتفكير خارج الصندوق، ونريدهم فقط أن يدققوا النظر داخل الصندوق واكتشاف ما به من أشكال وألوان الاقتصاد.

الدولة المصرية اتجهت مؤخرا بخطوات متسارعة نحو اللونين الأخضر والأزرق فى الاقتصاد، وأتمنى لو أكملنا المثلث باللون البرتقالى.