«وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن».. البابا يطفئ نار الفتنة بالحكمة

كتب: مريم شريف

«وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن».. البابا يطفئ نار الفتنة بالحكمة

«وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن».. البابا يطفئ نار الفتنة بالحكمة

كنائس المهجر تحولت إلى سفارات شعبية لتصحيح صورة «30 يونيو» خارجياً.. وحملات من المقر البابوى لتشجيع السياحة ودعم الاقتصاد

كان للكنيسة والأقباط دور عظيم فى مواجهة حكم الإخوان، فقد كانوا طرفاً فاعلاً خلال تلك الثورة الشعبية التى التحم فيها جميع أطياف الشعب المصرى للتخلص من حكم التنظيم الإرهابى، ودفعوا ثمناً باهظاً فى سبيل تخليص البلاد منهم.

ولعبت الكنائس المصرية «الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية» دوراً كبيراً عقب الثورة لتصحيح صورتها فى الخارج، فى مواجهة كمّ الشائعات والأكاذيب التى رُوِّجت عنها، وألصقت بها أوصافاً غير صحيحة، كما قامت الكنائس مع أقباط المهجر بلعب دور كبير فى التبشير بمشروعات دولة الثلاثين من يونيو ومستقبل مصر خلال عهد الجمهورية الجديدة، فلم يكن دور الكنيسة والأقباط مقتصراً على مشهد نهاية الإخوان فى 30 يونيو، أو إعلان خريطة الثالث من يوليو 2013، بل بدأت بوادر الرفض القبطى والكنسى لحكم التنظيم مع انسحاب الكنائس المصرية من الجمعية التأسيسية لدستور 2012، واستمرت الكنيسة والأقباط ملتحمين مع باقى أطياف المجتمع فى رفض انسلاخ مصر عن هويتها، ومعارضة اختطاف الدولة المصرية وصبغها بصبغة دينية، ولم يُثنِهم عن ذلك ما لاقوه من تهديد وترويع وقتل وحرق وتدمير اعتداء طال، لأول مرة فى التاريخ، المقر البابوى فى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حتى جاء مشهد الثلاثين من يونيو.

وعقب المشاركة الكبيرة للأقباط فى الثورة تم استهدافهم بالإرهاب، ليسجل التاريخ للبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، أن ما حدث من قتل وترويع وحرق للكنائس إنما هو ثمن بسيط لحرية الوطن تقدمه الكنيسة عن طيب خاطر، وقال جملته الشهيرة: «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن»، ليئد فتنة أراد لها أهل الشر أن تقضى على النسيج المجتمعى للبلد.

الدور الوطنى للبابا تواضروس لم يتوقف عند إطلاق الشعارات البراقة، بل تخطاها لمطالبة كل كنائس المهجر لتكون سفارات شعبية لمصر فى الخارج، تُعرِّف الغرب بما يحدث فى مصر وتكشف عن زيف الادعاء بأن «30 يونيو» كانت انقلاباً وليست ثورة شعبية ضد حكم الدين، وتجاوز البابا عن هدم الكنائس وتربُّص الإخوان بالأقباط وتنكيلهم بهم فى بعض محافظات الجمهورية، ورفض أن يطلب شيئاً من وفود الخارج التى توالت فى زيارات متعاقبة على المقر البابوى بالعباسية، بل رفض البابا مقابلة العديد من تلك الوفود فى ذلك الحين، ودفع بالأنبا موسى، أسقف الشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لمقابلتهم، وهو الذى لم يختلف عن البابا وطنية، فأخذ يوضح حقيقة الأحداث فى مصر وما يتعرض له الأقباط، رافضاً أن يقدم مطلباً طائفياً، وطالب تلك الوفود بأن تعمل على تصحيح صورة مصر فى بلدانها، مبشراً بمصر ومستقبلها فى ظل ثورتها التى حماها الجيش من يد من اختطفها من التيارات الظلامية والإرهابية.

 «تواضروس»: شاركت فى «خارطة الطريق» لإنقاذ البلاد

وحول ذلك سبق أن أكد البابا تواضروس، فى تصريحات إعلامية له، أن عام حكم جماعة الإخوان الإرهابية والمعزول محمد مرسى كان بمثابة «سنة كبيسة وسوداء ومظلمة»، وكان شعوره العام أن الوطن يتعرض للسرقة، وذلك كان إحساساً مدمراً له، وقد شارك فى «خارطة الطريق» لإنقاذ البلاد بعد جلوسه على الكرسى البابوى بـ7 أشهر، مشيراً إلى أن مشاركته فى ثورة 30 يونيو كانت من منطلق الإحساس بالشعب، حيث كان يشعر أن كل المصريين فى الشارع، وأن من المفترض أن يشارك فيما يحدث، قائلاً: «الرؤية التى كانت أمامى أن هناك مسئولين على أعلى مستوى يريدون إنقاذ الوطن وأنا معهم، والحمد لله أن الأمر نجح، ولا أستطيع تخيُّل أن الأمر لم ينجح، فأحلامى دائماً هى السلام على أرض مصر، وأن نعيش الحياة الهادئة والناعمة، وما يؤلمنى هو موجات العنف والإرهاب».

دور البابا الوطنى لم يقتصر على الداخل فقط، بل صار سفيراً فوق العادة لمصر فى الخارج، أخذ بالدعوة إلى زيارتها والتبشير بمستقبلها، والتحدث عن مشاريعها القومية التى يطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، مزيلاً ما التبس فى عقول الغرب عما يتعرض له الأقباط من بعض المضايقات من الجماعات الإرهابية، حيث أكد أن التاريخ المصرى يكشف أن المصريين عاشوا جنباً إلى جنب مسلمين ومسيحيين منذ القرن السابع للميلاد فى سلام ووئام على مدار 1400 عام، وأن مصر الدولة الوحيدة التى زارتها العائلة المقدسة ومكثت فيها ثلاث سنوات ونصف السنة، وهى تُعتبر أرضاً مقدسة ولها نعمة خاصة، ولذلك فهى فى يد الله وقلبه، وأن مصر لم تعرف التيار المتشدد والغريب على الشعب المصرى إلا من 40 سنة.

ومدّ البابا والكنيسة يدهما عبر دورها الاجتماعى بمساعدة الدولة فى المشروعات القومية التى بنتها «الجمهورية الجديدة»، فلم تبخل الكنيسة بأموالها على الدولة، وتبرعت لمشروع قناة السويس الجديدة فى 2015، وتوسعت فى بناء المستشفيات والمدارس، وأطلقت المبادرات الواحدة تلو الأخرى لدعم الدولة المصرية، سواء عبر تشجيع أقباط المهجر على دعم السياحة المصرية بعد حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، أو إطلاق حملة لتشجيع الأقباط فى الخارج على شراء الشهادات الدولارية لدعم الاقتصاد المصرى.

أندريه زكى: ثورة شعب أعادت بناء مصر وبدأت عهداً جديداً من الاستقرار والتنمية

وهو ذاته الدور الذى لعبته الكنائس المصرية الأخرى، سواء الكاثوليكية أو الإنجيلية، التى لعبت دوراً كبيراً، عبر علاقاتها الخارجية أو مساهماتها الوطنية فى الداخل من خلال الهيئة القبطية الإنجيلية برئاسة القس الدكتور أندريه زكى، الذى سبق أن أكد، فى تصريحات له، أن «30 يونيو» هى ثورة الشعب التى ساندتها القيادة الوطنية المخلصة من القوات المسلحة للتأكيد على أن مصر لكل المصريين، ولإعادة بناء مصر الحديثة، وبداية عهد جديد من الاستقرار والتنمية.


مواضيع متعلقة