الشاعر فتحي عبد السميع الفائز بجائزة التفوق في الآداب: جمهور الثقافة قليل بسبب تراجع التعليم

الشاعر فتحي عبد السميع الفائز بجائزة التفوق في الآداب: جمهور الثقافة قليل بسبب تراجع التعليم
قال الشاعر الجنوبى فتحى عبدالسميع، الحاصل على جائزة الدولة للتفوق فى مجال الآداب، إن الجائزة بمثابة أمل لأدباء الأقاليم، والصعيد تحديداً، فى الحصول على التقدير اللائق من أعلى المؤسسات، مشيراً إلى الإيجابيات والسلبيات التى يقابلها المبدع حين يتخذ قراره بالمعيشة فى الأقاليم بعيداً عن صخب العاصمة.
وتحدّث «عبدالسميع»، فى حواره لـ«الوطن»، عن أبرز القضايا التى عمل عليها والهموم التى تشغله والطموحات التى يأمل تحقيقها فى إطار مشروعه المعنىّ بالتراث وبالإنسان بشكل أساسى وبأبناء الصعيد خصوصاً، وعن كيفية الاستفادة من الدراسات التى تتناول قضايا مهمة على أرض الواقع، وإلى نص الحوار:
ما قيمة جائزة الدولة للتفوق فى مشوارك؟
- جميل طبعاً أن يتم تقدير مشروعى، خاصة أن الكتابة والثقافة مرتبطة بالخسائر المادية، وقيمة الجائزة المعنوية والمادية تُعتبر تعويضاً رمزياً للأسرة بسبب انشغالى عنها برسالتى الثقافية، كما أنها تعطى نموذجاً وأملاً كبيراً لأى أديب مهما كان وحيداً وأعزل فى أن يحصل على حقه حتى لو تأخر هذا الحق، خاصة البعيدين عن العاصمة ولديهم أفكار سلبية عن الجوائز من قبيل أنها تُمنح للمشاهير أو بالتربيط والمحسوبية، بخلاف القيمة الفنية، أما أنا فسأعمل لآخر لحظة من حياتى، سواء حصلت على جائزة أم لا، لأن الكتابة بالنسبة لى رسالة حياة والمعنى الحقيقى لوجودى.
ما الجهة التى رشحتكم؟
- تقدمت للترشح لجائزة التفوق فى الآداب بنفسى عن مجمل أعمالى الشعرية، وطلبى عُرض على لجنة قرأت أعمالى ورأت أنى أستحق الترشح لجائزة الدولة، وكنت آمل أن تقوم جامعة جنوب الوادى بترشيحى لكنها لم تفعل، ومن واجبها ترشيح مبدعى قنا المجتهدين، ولا أعرف لماذا تتجاهلهم وهى الأولى بهم من غيرها، وفوزهم يُنسب لها.
بعض الأعمال الفنية تشوه صورة الشاعر والفضل في شهرتي لـ«الإنترنت والفيس بوك»
إلى أى مدى تؤثر الحياة بعيداً عن العاصمة سلباً وإيجاباً على المبدع؟
- فضلت الحياة فى قنا بجوار أسرتى، ورضيت بوظيفتى الحكومية، ولدىّ إحساس أن الشاعر يمكن أن يتحقق من أى مكان، لكنى لست مغرماً بالأضواء أو المصالح، والمقيم فى الصعيد يُظلم من ناحية الوجود على الساحة الثقافية، وحتى ندوات المؤسسات الثقافية فى القاهرة تتهرب من دعوتنا لأنها تبدو مكلفة لهذه المؤسسات، ولا أعرف لماذا لا يتم تخصيص بدل مناسب للمبدعين من الأقاليم، لذلك وجودى فى الصعيد جعلنى شاعراً على الهامش فى الفترة السابقة، لكنى فى الأساس لم أكن أقف عند هذا، وأشعر أن حقى سيأتينى، ودائماً كان فرحى الأكبر فى كتابة القصيدة نفسها، ولم آخذ حقى من الشهرة إلا بعد ظهور الإنترنت والفيس بوك، وفى العموم أى مبدع من الأقاليم من الممكن أن يحصل على أى جائزة، بالرغم من أنه أحياناً ما يتأثر بعض المحكِّمين بالبريق الإعلامى.
وكيف يكون للثقافة نفسها حضور فى مجتمع الأقاليم؟
- جمهور الثقافة قليل جداً قياساً بعدد السكان، وهى مأساة بسبب عدم اهتمام التعليم والإعلام بتنمية الوعى والذائقة عند المتلقى، كما يقدم الفن صورة ظالمة ومشوَّهة عن الشاعر، ولا بد أن يكون فى حسابنا جميعاً أن الإنسان أنشأ الحضارة على الثقافة، وحتى مشكلاتنا الاقتصادية أصلها ثقافية، والعالم الغربى بدأ يتطور عندما طوَّر أفكاره وتعليمه، وبناء وجدان الشعوب بالآداب والفنون.
ما رؤيتك لدور المثقف فى التأثير فى المجتمع؟
- المثقف يكفيه أن يكافح ويجتهد من أجل أن يبنى ويطور نفسه باستمرار، وهو أداة مثل الطبيب والضابط، أى لا بد من توظيفه فى إطار رؤية وعمل المؤسسات، من أجل أن تستفيد به فى بناء الإنسان، لأن المبدع بمفرده لا يمكن أن يجلس مثلاً على المقهى ليقول للناس: تعالوا اسمعونى! وأتمنى أن تلتفت المؤسسات، مثل وزارة الثقافة والجامعات، لهذه النقطة.
كيف يمكن الاستفادة بمثل هذه الدراسة المهمة على أرض الواقع؟
- حالياً يتم الاستفادة بها فى الواقع خلال جلسات المصالحات الثأرية، حتى إن الدراسة أصبحت -وعلى ما نقله لى الزملاء- «مرجعية» فى هذه الجلسات العرفية، تساعد فى إنهاء المصالحات الثأرية فى الصعيد. كما تتضمن الدراسة فصلاً عن علاقة المصالحات بالفن وكيف تمنح مساحة كبيرة لأعمال فنية جديدة تتناول هذه الظاهرة بمنظور مختلف عن المنظور الموجود فى السابق والذى كان يركز على القتل فقط، فى حين تغفل الأعمال الفنية جانب التسامح الثأرى، بالرغم من وجود تسامح ثأرى فى الصعيد على مستوى كبير ويندر وجوده فى أى مكان فى العالم، وخلال السنوات الماضية حدثت مئات المصالحات الثأرية، وهو ما يُصحح الصورة النمطية ويُظهر جانب التسامح فى ثقافة الصعيد.
الصعيد
الصعيد جزء من المجتمع المصرى، وأدرس الثقافة الشعبية وأتعامل مع الجانب الإنسانى فى القضايا الاجتماعية فى البيئة الصعيدية، أبرزها كانت قضية الثأر التى أعتقد أنى حققت نجاحات فى دراستها دراسة عميقة، وقد حصلت على جائزة الدولة التشجيعية فى العلوم الاجتماعية عن دراسة بعنوان «القربان البديل» فى 2015، وتناولت قضية الثأر لأنه موضوع كبير وإنسانى له آثار أليمة جداً.