لعلك من عشاق مشاهدة أفلام الزمن الجميل.. إذا كنت مثلى، فإنك سمعت هذه الجملة (فوت علينا بكرة يا أستاذ) فى كثير من المشاهد، التى تصوِّر ذلك الموظف «الكسول» أو «معدوم الضمير»، الذى يتعمد تعطيل مصالح المواطنين بحجج واهية، أو بمبرِّرات لا أساس لها.. متعللاً بأن «الختم مش واضح»، أو الأوراق غير مستوفاة، أو شهادة الميلاد قديمة.
ويظل المواطن المسكين حائراً بين المكاتب.. من مكتب إلى آخر.. ومن ختم لغيره.. حتى ينقطع نَفَسُه فى دائرة مغلقة.. وبدلاً من أن ينجز ما يريد فى ساعة أو فى يوم أو حتى أسبوع.. يظل يجرى مضيِّعاً وقته بين المكاتب دون جدوى.. وربما ترتب على هذا التعطيل خراب بيوت، وتشريد أسر.. كصرف معاش أو توزيع ميراث أو نقل ملكية..الآن.. يتجه العالم -ومن ضمنه بلدنا مصر- إلى نقل جميع مصالح المواطنين إلى النظام الإلكترونى و«الرقمنة».. والشباك الواحد.. وبذلك نستطيع أن نقول للمواطن إنك ربما مستقبلاً لن تسمع هذه الجملة البغيضة مرة أخرى «فوت علينا بكرة يا أستاذ».. أو «السيستم واقع»، مع ضرورة تشديد الرقابة ومتابعة أداء الموظفين فى دولاب الدولة كلها، والضرب بيد من حديد على يد كل مَن تسوِّل له نفسه تعطيل مصالح المواطنين.
لكن وسطة العتمة تجد النور.. فلن نعدم الخير أبداً، فكما قال الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: «الخير فىَّ وفى أمتى إلى يوم القيامة»، فمع كل ما ذكرت، هناك موظفون وعمال بهم تنهض الأمم.. يحاولون بكل ما يملكون من قوة العمل والتفانى والإخلاص التيسير على خلق الله، وقضاء مصالحهم.. ويدركون عاقبة التقصير، ويعلمون علم اليقين أن الله هو الرقيب فى الأولى والآخرة وله الحكم وإليه المرجع.. ويمتثلون لقول القائلة قديماً: (إن كان عُمرُ لا يرانا فربُّ عمرَ يرانا).. ولا يرفعون فى وجوه المواطن: (اللايحة بتقول كده).. هذه النوعية من الناس وجودها ضمانة لتقدُّم الأمم ونهضة البلاد وإسعاد العباد.