الغرب في مصيدة «التضخم».. أسعار الغذاء تصل لأعلى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية

كتب: محمد حسن عامر

الغرب في مصيدة «التضخم».. أسعار الغذاء تصل لأعلى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية

الغرب في مصيدة «التضخم».. أسعار الغذاء تصل لأعلى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية

ما كان أحد يتوقع أن تصل الأمور إلى هذه المرحلة فى أوروبا، ما كان أحد يتوقع أن يأتى وقت يُقال فى دولة مثل بريطانيا إن البيتزا ستكون بلا طماطم لارتفاع أسعار الأخيرة، وإن الشيكولاتة ستكون بلا سكر لارتفاع سعر السكر.

لكن هذا حدث بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، القلق والتوتر أصبحا مسيطرين على جموع الشعوب الأوروبية، إنهم يفكرون فى غدٍ وما بعده، وكأنهم يسألون بشكل يومى ما الذى تحمله لهم الأيام المقبلة، فى ظل مؤشرات تؤكد أن الأزمة المعيشية وتكلفة المعيشة عند أعلى مستوى لها منذ الحرب العالمية الثانية.

معدلات التضخم بلغت فى بعض الدول الأوروبية مستوى لم تصله منذ عشرات السنوات، وأسعار الطاقة قفزت إلى مستويات قياسية جعلت فاتورة الكهرباء على سبيل المثال عبئاً يثقل كاهل المواطن الأوروبى.

وليت التحليلات تخرج بما يثير التفاؤل ولو قليلاً بانفراجة، لكن التحليلات تشير إلى أن القادم فى أوروبا أصعب، وأن العالم ربما يُقدِم على أزمة اقتصادية عالمية تتجاوز فى حدتها أزمة 2008.

تتحرك الحكومات الأوروبية وتتخذ التدابير للتخفيف من أعباء المعيشة المتزايدة، لكن التوقعات تشير إلى أن الفترة المقبلة ستشهد اضطرابات سياسية متصاعدة بل واضطرابات مجتمعية نتيجة ضيق المعيشة.

الأزمة تصل «رغيف العيش» بفرنسا والتضخم يواصل التصاعد

جاءت الحرب الروسية الأوكرانية ومن قبلها جائحة كورونا لتفتح على أوروبا بل والعالم كله أبواب جهنم فيما يتعلق بتكلفة المعيشة التى ارتفعت لتصل إلى مستويات غير مسبوقة على الأقل منذ الحرب العالمية الثانية، وهو ما تقوله وكالة بلومبرج، فى تقرير حديث حول تطورات الأوضاع المعيشية فى أوروبا، مؤكدة أن أسعار المواد الغذائية ترتفع بوتيرة لم نشهدها فى تاريخ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كشفت بيانات الأسبوع الأول من أبريل أنه رغم تراجع معدلات التضخم إلا أن أسعار الغذاء سجلت على سبيل المثال فى فرنسا 16٪، وكذلك كان الحال فى ألمانيا، حيث تجاوز تضخم أسعار الغذاء الـ20٪.

ووفق الوكالة، فإن «هذا يدفع مزيداً من الحكومات الأوروبية إلى تكثيف الإجراءات لوقف وتيرة الزيادات، وهى السياسات التى تتبعها عادة البلدان ذات الدخل المنخفض، حيث ألغت البرتغال الضرائب على المواد الأساسية، فى حين دفعت فرنسا محلات السوبر ماركت لتلقى ضربة على هوامش الربح، وصعدت السويد من الرقابة على محلات البقالة». وقال أنجيل تالافيرا، رئيس قسم الاقتصاد الأوروبى فى أكسفورد إيكونوميكس إنه لا يعتقد أن هذا سيحدث فى مكان مثل أوروبا، أى إن الدول الأوروبية ستفلح فى الحد من ارتفاع أسعار الغذاء، ولكن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 15-20٪، وبالنسبة لبعض المواد الغذائية بشكل أكبر، فإن الحكومات تزداد توتراً، فتضخم الغذاء مضر حقاً وخاصة مع اقتراب الانتخابات، فإنه يغضب الناس حقاً».

وتؤكد الوكالة أن معالجة تضخم الغذاء أكثر تعقيداً من التدخلات فى أسواق الطاقة الأكثر تنظيماً، حيث أدت عوامل متعددة إلى ارتفاع الأسعار، من الجفاف واضطراب تدفق التجارة إلى تكاليف الأسمدة والأمراض مثل إنفلونزا الطيور، علاوة على ذلك، يؤدى ارتفاع تكاليف الطاقة والعمالة إلى الضغط على منتجى الأغذية ومزارعيها، فى حين أن التدخل حتى الآن صغير مقارنة بالحجم الهائل لدعم الطاقة، وهذا ما يجعل دائماً هناك قلقاً بشأن أسعار الغذاء فى البلاد.

«الشريف»: إذا لم تبتكر دول أوروبا وسائل جديدة للحد من تصاعد الأسعار سنرى حكومات تسقط  

يقول محمد فتحى الشريف، الباحث السياسى، فى اتصال هاتفى لـ«الوطن»، إن الأوضاع المعيشية فى أوروبا لم تُرَ من قبل، ويتوقع أن يكون لها انعكاسات كبيرة على طبيعة العلاقة بين الدولة والمواطن، موضحاً أن ارتفاع تكلفة المعيشة بهذه الدرجة غير المسبوقة سيدفع إلى مرحلة من التوترات والاضطرابات المجتمعية، وتدفع كثيراً من الشعوب الأوروبية للخروج فى مظاهرات احتجاجية على الأوضاع المعيشية وهو ما قد كان فى عدة دول مثل فرنسا وبريطانيا. ويرى «الشريف» أنه إذا لم تبتكر الدول الأوروبية وسائل جديدة للحد من هذا المنحنى التصاعدى للأسعار، فإننا سنرى قريباً حكومات تسقط وأزمات لن تتوقف. وأشار إلى أن بريطانيا التى كانت النموذج الأشرس لما وصلت إليه الأوضاع، حيث بلغ التضخم مستويات قياسية جعلت المواطنين يلجأون إلى البحث عن كل الوسائل الممكنة من أجل توفير المال وترشيد الاستهلاك خصوصاً فى مجال الطاقة، لكن ذلك لم يساعدهم حتى على أن يواجهوا الارتفاع غير المسبوق فى الأسعار. وقال الباحث السياسى إن هذه الأزمة المعيشية التى تعيشها أوروبا تشير إلى مرحلة جديدة من الاقتصاد العالمى، أو نظام اقتصادى عالمى جديد يتشكل من رحم الحرب الروسية الأوكرانية، وقد مهدت له أزمة جائحة كورونا.

فى فرنسا، تقول بيانات المعهد الوطنى للإحصاء والدراسات الاقتصادية إن رغيف الخبز كان سعره شاهداً على عدد من القفزات حتى تجاوز عتبة الواحد يورو، فى المقابل حاولت الحكومة الفرنسية دعم الأسر عبر المساعدات الاجتماعية، لكنها دون جدوى بل تزداد الأمور سوءاً، للدرجة التى جعلت جميع النقابات تقريباً تشارك فى الإضرابات والتظاهرات الأخيرة وتتواصل المطالب برفع الرواتب. يأتى هذا فيما تشير الأرقام إلى أن سعر القمح فى فرنسا تذبذب من 180 يورو (193 دولاراً) إلى 460 يورو (492 دولاراً) للطن فى بداية الصراع الروسى الأوكرانى، ليستقر عند حوالى 360 يورو (385 دولاراً) للطن، وقد أثر هذا الارتفاع فى الأسعار بشكل مباشر على ما فى جعبة المستهلكين من أموال.

فيما أشارت هيئة الإحصاء الأوروبية فى فبراير إلى أن معدل التضخم فى أوروبا بلغ 8.5 فى المائة خلال يناير، وهى نسبة أقل مقارنة بديسمبر 2022 إذ كانت 8.6 فى المائة لكنها لم تكن ذات أثر على الأسعار، حيث تتصدر أسعار الطاقة والمواد الغذائية عوامل التضخم، فيما يسود الترقب انتظاراً لنشر بيانات أسعار المستهلكين الجديدة الجمعة أى عقب اجتماع المركزى الأوروبى، وذلك بحسب ما نقل تقرير سابق لقناة «سكاى نيوز عربية».

وأمام ارتفاع معدلات التضخم لجأت البنوك الأوروبية وعلى رأسها البنك المركزى الأوروبى إلى رفع أسعار الفائدة التى بلغت 3.5% بهدف كبح جماح التضخم، إلا أن هذا الإجراء تسبب فى أزمة كبيرة تتعلق بمن يريد الاقتراض أو المقترضين الذين يجدون صعوبة فى سداد أقساط القروض نتيجة ارتفاع معدلات الفائدة. ومن المتوقع أن تواصل الدول رفع أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة للتعامل مع التداعيات المالية والاقتصادية التى أفرزتها الحرب الروسية الأوكرانية والتى طالت كل دول العالم، وسط مخاوف بأن يتحول الأمر إلى أزمة اقتصادية عالمية تتجاوز تلك التى كانت عام 2008 بحسب توقعات خبراء اقتصاد. 

3 آليات أوروبية لمواجهة ارتفاع تكلفة المعيشة 

أمام ارتفاع الأسعار الذى انعكس على تكاليف المعيشة، تباينت تحركات الحكومات الأوروبية للتعامل مع هذه المعضلة، وكذلك تحركاتها للحد من انعكاسها وتأثيرها على المواطنين مع الحفاظ على النهج الليبرالى الذى يعد عدم التدخل الحكومى فى تنافسية الأسواق أهم أسسه.

وتنوعت التدابير بين تخفيضات ضريبية للمحال التجارية حتى لا تلجأ إلى رفع أسعار السلع كثيراً، وبعض الدول لجأت إلى تحديد أسعار للسلع، خصوصاً الغذائية، ودول أخرى لجأت إلى تشديد الرقابة على الأسواق لضمان عدم التلاعب بالأسعار فى ظل الظروف الاقتصادية العالمية الحالية. 

التخفيضات الضريبية 

بعض الدول اتجهت إلى التخفيضات الضريبية، على سبيل المثال، ستقوم البرتغال حيث ترتفع أسعار المواد الغذائية بأكثر من 20٪ على أساس سنوى، بخفض ضريبة القيمة المضافة مؤقتاً إلى الصفر على سلة من المواد الغذائية الأساسية، إنها أحدث دولة تتخذ مثل هذا الإجراء بعد دول من بينها بولندا وإسبانيا.

وفى إسبانيا، غطت الإجراءات الضريبية السلع الأساسية، مثل الخبز وزيت الزيتون، لكنها لم تكن كافية لوقف الارتفاع المستمر فى الأسعار.

وهذا يضغط على رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، الذى يخوض الانتخابات بحلول نهاية العام، للقيام بالمزيد من الإجراءات ودعا شريكه فى الائتلاف الحكومى إلى وضع حد أقصى لأسعار المواد الغذائية وخصم 14٪ على 20 سلعة أساسية، فيما تخطط بولندا للإبقاء على ضرائبها الغذائية الصفرية سارية خلال النصف الأول من هذا العام، وقد تمددها أكثر، فيما تبحث الحكومة الإيطالية فرض ضرائب على بعض الأساسيات، مثل المكرونة والخبز والحليب.

لكن التخفيضات الضريبية تثير عدة تساؤلات حول المدى الذى يمكن أن تصل إليه، خصوصاً فى ظل ارتفاع أسعار السلع المتواصل دون توقف، كما أن التخفيضات الضريبية ستكون لها تبعات على الاقتصاد ككل.

وتهدف التخفيضات الضريبية فى جانب كبير منها إلى جعل التجار يستعيضون عن رفع الأسعار بالاستفادة من تلك التخفيضات الضريبية، لكن هذا الإجراء، وفق وكالة بلومبرج، لم يساعد بدرجة ملموسة فى مواجهة ارتفاع الأسعار، لكنه قد يكون مقبولاً فى ظل ما يمر به العالم.

تحديد أسعار المواد الغذائية 

تُعد حدود أسعار المواد الغذائية تدخلاً شرساً لا يحرص العديد من الحكومات على تنفيذه، إذ كانت المجر دليلاً على ذلك، فقد أدخلت حدوداً قصوى فى أوائل عام 2022، لكن تضخم أسعار الغذاء تسارع منذ ذلك الحين إلى ما يقرب من 50 ٪، فسياسة الحد الأقصى جعلت تجار التجزئة يضطرون إلى بيع سلع معينة بخسارة، ولكن للتعويض عن ذلك، قاموا بزيادة أسعار المنتجات الأخرى.

وانتقد صندوق النقد الدولى الشهر الماضى الإجراءات التى تثبّط مرور الزيادات فى الأسعار ووصفها بأنها «دون المستوى الأمثل»، لأنها باهظة الثمن ويستفيد منها حتى أولئك الذين لا يحتاجون إليها حقاً.

وقال الاقتصاديون فى ورقة عمل إن التحويلات النقدية المستهدفة هى «الطريقة الأكثر فاعلية من حيث التكلفة لتخفيف العبء عن الأسر الضعيفة».

وبالنسبة للعديد من الحكومات الأوروبية، يتمثل التحدى فى معرفة كيفية حماية المستهلكين دون تشويه آليات عمل الأسواق. وهناك حكومات أوروبية تتعرض فى الوقت الحالى لمشكلات سياسية واحتجاجات داخلية بسبب وتيرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية التى تدفع التضخم إلى مستوى قياسى فى دول اليورو، مثل الاحتجاجات التى تطال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون.

تشديد الرقابة 

مع تعرض المستهلكين للضغط وحصول العديد من الشركات على أرباح جيدة، هناك اتهامات بأن آلام التضخم تقع على عاتق المتسوقين.

وكانت سلاسل محلات السوبر ماركت فى البرتغال هدفاً لعمليات فحص الأسعار، وبدأت إسبانيا اجتماعات شهرية مع المتاجر وشركات النقل ومزارعى الأغذية للتأكد من أن التخفيضات الضريبية تترجم إلى انخفاض الأسعار بالنسبة للمستهلكين.

وفى السويد، واجه بائعو البقالة تدقيقاً متزايداً بعد أن أظهرت البيانات أن أسعار المواد الغذائية ترتفع بأسرع وتيرة منذ أوائل الخمسينات من القرن الماضى، وقد أدى ذلك إلى دعوات لوضع حد أقصى للأسعار، واستدعى وزير المالية فى البلاد أكبر ثلاث شركات لبيع المواد الغذائية بالتجزئة.

ومع السيطرة على ما يقرب من 90 ٪ من قطاع البقالة السويدى من قبل ثلاثة تجار تجزئة فقط، ستعزز الحكومة تمويل هيئة مراقبة المنافسة فى البلاد.

وتتخذ النرويج خطوات مماثلة، وقالت إن جهاز الرقابة التابع لها سيُمنح «قوة أكبر» للتدخل فى وقت مبكر وعلى نطاق أوسع للتعامل مع أى أمر يضر بالمنافسة والتلاعب بالأسعار.

وتشديد الرقابة ليس متبعاً فى أوروبا فقط، بل أصبحت ممارسة ذات أهمية كبيرة فى مختلف دول العالم، خصوصاً فى كثير من دول العالم النامى، التى تكثر فيها مسألة تلاعب التجار بالأسعار، أو القيام ببعض الممارسات الاحتكارية التى تستهدف تعطيش السوق من أجل إخراج السلع لاحقاً بأسعار مرتفعة، ومن ثم تحقيق ربح مضاعف على حساب المواطن. 

هناك أيضاً بعض الإشكاليات تواجه هذا الإجراء منها أن تحديد أسعار بعض السلع ربما يتعارض مع فكرة تنافسية السوق التى يقوم عليها الاقتصاد الليبرالى، أى أن سعر كل شىء يخضع لقوانين العرض والطلب، لكن يبدو كذلك أن الدول الأوروبية قررت غض الطرف ولو نسبياً عن اتباع هذه القواعد.

بريطانيا.. ارتفاع أسعار الطاقة 3 أضعاف 

عند الحديث عن الأوضاع المعيشية فى أوروبا خلال الفترة الأخيرة، دائماً ما تذهب الأنظار إلى بريطانيا، التى تواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة، حيث كشف تقرير مؤخراً لمؤسسة «ريزولوشن فاونديشن» أن أعداد الفقراء فى بريطانيا مرشحة للزيادة بمقدر 3 ملايين ليصلوا إلى 14 مليوناً بين عامى 2023 و2024، وأن مستويات الطلب على بنوك الطعام ارتفعت بنسبة 50 فى المائة، حيث لجأ إليها 320 ألف شخص لأول مرة، كما أن أسعار الطاقة ارتفعت 3 أضعاف لدرجة أن نصف البالغين فى بريطانيا لديهم صعوبات فى دفع فواتير الطاقة.

ووصلت أزمة ارتفاع الأسعار إلى بعض المنتجات الغذائية أو المأكولات لنحو لا يصدق، فبعض المحال التجارية، وفق صحيفة جارديان البريطانية، دعت المواطنين إلى الاستعداد لتناول البيتزا بدون طماطم أو بصلصة أقل، نتيجة ارتفاع أسعار الطماطم، كما أن بعض محال الشيكولاتة أيضاً دعت المواطنين إلى التكيف مع الشيكولاتة ذات السكر القليل أو ذات الطعم اللاذع نظراً لارتفاع أسعار السكر.

عضو «العمل البريطانى»: نعانى من تداعيات «كورونا» والحرب الروسية - الأوكرانية 

فى هذا السياق، يقول مصطفى رجب، عضو حزب العمال البريطانى، فى اتصال لـ«الوطن»، إن بريطانيا تعانى معاناة كبيرة جرَّاء أوضاع معقدة ومركبة، فتعانى من تبعات جائحة فيروس كورونا، ثم الحرب الروسية - الأوكرانية، إضافة إلى تبعات الخروج من الاتحاد الأوروبى، مؤكداً أن خروج بريطانيا من الأسواق الأوروبية كان له دور كبير، والشركات البريطانية تشعر بذلك، والمواطن البريطانى بدأ يشعر بذلك، لأن الشركات الكبيرة كى تعوض الخسارة تضطر إلى رفع أسعارها، ومن ثم فإن المواطن البريطانى هو الذى يدفع الثمن.

ولفت عضو حزب العمال البريطانى إلى أن الأسعار ارتفعت بنسب تصل إلى 16 و17 بالمائة، وبالتالى لم يعد بمقدور الشركات تقديم العروض التى كانت تقدم لجذب المستهلك، سواء ما يتعلق بالحلويات مثلاً كما كان الحال فى عيد الفصح، أو غيرها من السلع الغذائية التى تخلو منها أرفف المتاجر.

أما صحيفة «إندبندنت» فوصفت الوضع فى الفترة الأخيرة، خلال تقرير حديث لها، بـ«السيئ»، وقالت إن البريطانيين يستعدون دائماً للأخبار السيئة، فى ظل عدم ثقتهم فى وعود رئيس الوزراء ريشى سوناك بأنه سيخفض معدل التضخم التاريخى للنصف بحلول 2024، وسط مخاوف بأن يصل سعر الفائدة إلى 5 بالمائة. 

أمريكا.. معدلات تضخم تهدد بأزمة أعنف من 2008

ليست أوروبا وحدها التى تعانى أمام ارتفاع تكليف المعيشة، بل الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً طالها ما طالها من أزمة ارتفاع الأسعار، بحسب محمد العالم الكاتب الصحفى المقيم فى الولايات المتحدة الذى قال إن مستويات التضخم وصلت إلى مستويات غير مسبوقة انعكست على الأوضاع المعيشية بداية من جائحة كورونا ومروراً بالحرب الروسية الأوكرانية، وهذا الوضع ربما يصل بنهاية العام إلى ركود تضخمى يفوق آثار الأزمة الاقتصادية 2008 فى مجمله، على حد قوله. ويضيف أن زيادة أسعار الطاقة أدت إلى ارتفاع فى جميع السلع، ما اضطر معظم الأسر إلى الاقتصاد وهو الأمر الذى كان له انعكاسه كذلك على الجاليات المسلمة خلال شهر رمضان المبارك.

ويشير الكاتب الصحفى إلى أن هناك أمراً آخر وهو أن ارتفاع قيمة الإيجارات وأسعار العقارات دفع كثيرين إلى مغادرة أماكنهم والاتجاه إلى ولايات يكون الإيجار والتكلفة المعيشية بها أقل.

ويقول «العالم» إنه بشكل عام تأثر المجتمع الأمريكى اقتصادياً بما تأثر به العالم، حيث بدأ الأمر بتضخم فى 2022 والآن يأتى الركود ليكمل الأزمة على الجميع، والجالية الإسلامية تأثرت اقتصادياً كون غالبية الجاليات الصغيرة استثماراتها صغيرة تتركز على المطاعم وبالتالى تأثرت بالتضخم.

أحدث استطلاعات الرأى أجراه مركز أبحاث «أميريكان كومباس» حول أوضاع المعيشة، كشف عن أن أعداد الأمريكيين الذين يشعرون بضيق الأوضاع المعيشية فى تزايد، عندما يقارنون أوضاعهم المعيشية بأوضاع آبائهم على سبيل المثال، فى وقت يضطرون إلى زيادة أوقات عملهم من أجل تغطية نفقاتهم.

استطلاع لـ«أميريكان كومباس»: انخفاض قيمة الدخول للثلث.. والتأثير سيصل للانتخابات المقبلة

موقع «ميترو» الأمريكى بدوره قال إنه مع ارتفاع تكلفة المعيشة فإن قيمة الرواتب واقعياً نقصت لتعادل الثلث تقريباً، أى إن الذى يحصل حالياً على 300 ألف دولار فهى لا تساوى إلا 100 ألف دولار مقارنة بتكلفة المعيشة من قبل، وبالتالى أصبح الأمريكيون مطالبين بأن يضاعفوا دخولهم كى يستطيعوا الوصول إلى نفس مستوى المعيشة لعام 2021.

ومن المتوقع أن يكون للأوضاع الاقتصادية الحالية انعكاسات كبيرة على الانتخابات الرئاسية المقبلة فى 2024، إذ إن هناك كثيراً من التساؤلات حول الأداء الاقتصادى للرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن الذى يتمسك بأن الأداء الاقتصادى يعد جيداً مقارنة بالأوضاع العالمية خصوصاً فى مرحلة ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية.


مواضيع متعلقة