«حلمى».. دموع صانع السعادة

«حلمى».. دموع صانع السعادة
«إحنا كتير ولن ننتهى، لأننا 100 مليون مواطن، وإحنا زى الحفرة، كل ما تاخدوا منها هتزيد.. إحنا كتير ومش هنموت»، نبرات واضحة شجاعة، تمتزج بأنفاس متهدجة ودموع حارقة، تنعى دماءً سالت وأرواحاً أُزهقت غدراً، بعيداً عن كلمات الحزن والأسى وعن خطابات التنديد، وعن شريط الحداد الأسود الذى يصبغ الحياة بلونه القاتم، خرجت كلماته تمس قلوب المصريين كدموع ملتهبة على جرح غائر لم يندمل بعد.
لم يستطع الممثل الكوميدى أحمد حلمى خلال برنامج «آراب جوت تالنت» أن يسيطر على مشاعره، فترك لها المجال لتتدفق قوية حزناً على مقتل الجنود والمدنيين المصريين، بعد أن حصد الإرهاب أرواحهم الشابة بمنتهى القسوة، تاركاً خلفهم أمهات ثكلى وأبناء أيتاماً، وأضاف «أنا مواطن مصرى مدنى، فكان من الممكن أن أكون مكان هذا الشهيد، أنا أديت الخدمة العسكرية وأعرف جيداً معنى كلمة خير أجناد الأرض».
بعيداً عن أعماله الفنية والسينمائية، كان للفنان الشاب موقف واضح وصريح مما يحدث من عمليات قتل على مستوى واسع بين جموع الشعب المصرى، «عايز أقول قد إيه صعب تسمع بكاء طفلة أبوها مات، وقد إيه صعب ويهز بدنك ووجدانك، إنك تسمع شهادة بيستشهدها طيار فى طيارته وهى بتقع، وصعب إنك تشوف دموع زوج على زوجته اللى نزلت وهى شايلة ورد علشان تدافع عن الحرية».
فى الوقت الذى كان يستعد فيه حلمى لاستقبال طفله الثانى «سليم» علم بإصابته بورم خبيث يقتضى سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لإجراء جراحة دقيقة هناك، وأشيع على مواقع الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعى أقاويل عن رغبته فى حصول ابنه على الجنسية الأمريكية، الأمر الذى لم يخلُ من ضربات موجعة للفنان الشاب ليعلن بعد ذلك أنه اكتشف المرض فى أواخر فترة حمل زوجته، لكنها أبت أن تتركه يخضع للعلاج بمفرده فقررت الذهاب معه ليستقبلا طفلهما معاً، ولم يطل الوقت حتى بدأ يستعيد عافيته ليدخل بعد ذلك مرحلة جديدة من الأزمات فى حياته، فأزمات الوطن هى الأقوى والأصعب دائماً.
استحق «حلمى» لقب «فارس الضحكة» بجدارة، ليتربع على عرش الكوميديا المصرية بعد أن نجح فى الجمع بين الفن الهادف والأفلام الجماهيرية، بعيداً عن الابتذال والأعمال التجارية، فقدم مجموعة كبيرة من الأفلام التى تحمل بين طياتها رسالات ومعانى هادفة ليتمكن من امتلاك قلوب مشاهديه واستمالتهم، لتتصدر أفلامه أعلى إيرادات الأفلام فى مواسم العرض، منها «مطب صناعى» و«عسل أسود» و«بلبل حيران» و«زكى شان».
لم يقتصر جمهوره على فئة الشاب فقط، بل أجبرت موهبته الفذة المجتمع المصرى كله على الاهتمام بما يقدمه، بعد أن استطاع بخفة دمه أن يحفر عبارات راسخة فى أذهان جمهوره بحرفية عالية من فنان من طراز خاص وعلى جانب كبير من الإنسانية.