كيف ارتبطت ملابس العيد بالتراث المصري؟.. كلمة السر في دار الكسوة

كتب: كريم روماني

كيف ارتبطت ملابس العيد بالتراث المصري؟.. كلمة السر في دار الكسوة

كيف ارتبطت ملابس العيد بالتراث المصري؟.. كلمة السر في دار الكسوة

أيام قليلة تفصلنا عن عيد الفطر المبارك، وهو ضمن سلسلة المناسبات الدينية التي تولي لها الأسر المصرية أهمية خاصة، حيث تعتاد الأسر على شراء ملابس جديدة، ولم تكن هذه العادة وليدة الصدفة بل لها جذور تاريخية ترجع إلى أقدم العصور، فيؤكد الدكتور محمد أحمد إبراهيم، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة بني سويف، وصاحب دراسة «تطور الملابس في المجتمع المصري من الفتح الإسلامي حتى نهاية العصر الفاطمي»، التي استند عليها مسلسل الإمام الشافعي، الذي يُعرض في الموسم الدرامي الحالي من بطولة الفنان خالد النبوي، أنه عُرف عن المصريين القدماء تخصيصهم أزياء مميزة يرتدونها في الأعياد والاحتفالات.

الدولة الفاطمية اهتمت بزي العيد

رسّخ الإسلام والحضارة الإسلامية تفضيل ارتداء الملابس الجديدة، وأفضل الثياب في الأعياد، استنادا إلى كونها سنة عن الرسول، وأحد أشكال تعظيم شعائر الله بالعمل على الاحتفال بالأعياد، وفق ما رواه الدكتور محمد إبراهيم لـ«الوطن»، لافتا إلى أن الدولة الفاطمية عنيت بالزي والملابس والاهتمام بتصنيعها وتفريقها في عيد الفطر، حتى أنها خصصت دارا لصناعتها سميت بدار الكسوة، بل أطلقت على عيد الفطر تحديدا وتميزا له «عيد الحلل»، والكلمة تعني 3 أجزاء مكونة للثياب وهي العمامة والقميص والسروال.

كل ما تود معرفته عن دار الكسوة

ودار الكسوة التي خصصتها الطولة الفاطمية لصناعة الملابس، أنشاها الخليفة العزيز بالله، وكانت مسؤولة عن توزيع كسوة العيد، بداية من الوزير والأمراء مرورا بكبار وصغار موظفي الدولة، وصولا إلى الفراشين، وكان المسؤول عن دار الكسوة يُعرف باسم «صاحب المقص»، وكان لرجاله والعاملين معه مكاناً خاصا، يقومون فيه بأعمال الخياطة والتفصيل، وكان يعمل وفقا للأوامر الصادرة إليه من الخليفة وحسب ما تدعو إليه الحاجة.

وكان الهدف من تفريق كسوة العيد وتوصيلها إلى أصحابها ليلة العيد، ليكون كل الناس وموظفي الدولة في استقبال الخليفة أثناء خروجه لصلاة العيد، لذلك كانت الطرقات في ذلك اليوم أشبه بالكرنفال للملابس الجديدة ذات الألوان الزاهية، وبعد زوال الدولة الفاطمية، صار تفريق الملابس في عصر الدولة المملوكية عادة مُتبعة، فضلا عن حرص مؤسسي المدارس والمساجد والكتاتيب بصرف كسوات للموظفين والطلاب بمناسبة عيد الفطر.

معاني متعلقة بملابس العيد استمر المصريين بتوالي العصور على استحباب شراء وارتداء الملابس الجديدة في عيد الفطر، تعبيرا عن فرحتهم بانقضاء صيام شهر رمضان والاحتفال بالعيد، ومن العجيب بحسب وصف أستاذ التاريخ الإسلامي، أنهم أطلقوا على ملابس العيد كلمة «هدوم العيد»، وهي في اللغة تشير إلى الثوب الخلق المُرقّع كما تشير إلى نوع من ملابس الصوف المرقعة والهدمة هي الثوب الخلق والجمع «هدوم».

ذكريات ملابس العيد لدى الأسر المصرية

وقدّم الدكتور محمد أحمد إبراهيم، تفسيرا آخر لارتباط الملابس بالتراث المصري، فقد ارتبط شراء الملابس الجديدة في عيد الفطر بالصغار قبل الكبار، بل فضل دائما الوالدين شراء الملابس أولاً لأبنائهم، لإدخال السرور والبهجة عليهم في العيد «ومن منا اليوم لا يذكر ذكرياته الجميلة ببعض أجزاء ملابس العيد، وتشبثه بها بين ذراعيه أثناء النوم أو وضعها تحت المخدة أو تحت السرير حتى تكون جاهزة للبس صباح العيد».

وأضح الدكتور محمد أحمد إبراهيم، حالة الفرحة التي تنتاب الأسر عند شراء وارتداء «لبس العيد»، قائلا «من منا لا يذكر حالة الزهو والفخر ببعض الملابس وجودتها وأحدثها بين أصحابه وجيرانه، ومن منا لا يذكر ترديدنا لأغنية يابرتقال أحمر وجديد بكرة الوقفة وبعده العيد، استعدادا لإرتداء الملابس الجديدة».

 


مواضيع متعلقة