باعة العرقسوس في الشوارع بالملابس الرسمية: «شِفا وخمير»

باعة العرقسوس في الشوارع بالملابس الرسمية: «شِفا وخمير»
«شفا وخمير يا عرقسوس».. جملة يرددها باعة العرقسوس وهم يرتدون العمة والزى الخاص بعملهم ويتجولون فى شوارع المحروسة، حاملين المشروب على أكتافهم، ويركزون على جذب الزبائن باستمرار، ليعودوا إلى أسرهم من جديد راضين بما قسمه الله لهم.
«سويفي»: «الناس عارفاني بالاسم وبيستنوني»
سويفى عبدالعليم، 48 عاماً، يعمل فى بيع العرقسوس لأكثر من 20 عاماً، لا يغير روتينه اليومى، حيث يستيقظ فى السادسة صباحاً، يجهز أدوات عمله وينطلق فى منطقتى العتبة والحسين طوال النهار، ثم يعود إلى منزله راضياً بما قسمه الله له، وقال لـ«الوطن»: «بقالى سنين شغال فى المهنة وبجهّز كل حاجة بنفسى، ولسه محافظ على كده من زمان أوى».
يعيش «سويفى» فى المرج، ويجهز مشروب العرقسوس بنفسه ولا يفضل شراءه جاهزاً من المحلات، يضع العرقسوس فى المياه ويتركه طوال الليل حتى تتم عملية التخمير، ثم يصفّى العصير من الشوائب، وتابع: «بعمل العرقسوس بنفسى فى البيت بنقعه فى ميه وأخمّره وبعدين أصفيه».
يحرص «سويفى» على تغيير عدته كل فترة، يذهب إلى حى الجمالية من وقت لآخر، يشترى القِدرة المخصصة لحمل العصائر، أما الروسية فهى الفتحة المخصصة لسكب العصير، وكذلك إبريق المياه لغسيل الكاسات لكل زبون، تتراوح أسعار هذه المعدات بين 150 و300 جنيه حسب السوق، وأضاف: «بجيب العدة من الجمالية وبغيرها كل سنة أو سنتين وسعرها مش غالى».
اكتسب «سويفى» زبائن كثيرة بسبب جودة العصير، لأنه يشترى العرقسوس الأصلى من العطارين، ولا يقبل على البودر الجاهز فى الأكياس المغلّفة، بسبب الاختلاف الكبير فى الجودة والطعم، ما يجعله مميزاً بين الباعة الجائلين، وواصل: «فيه ناس عرفانى بالاسم، وبيستنونى كل يوم عشان يشتروا منى».
اختار «سويفى» بيع العرقسوس فى شوارع القاهرة، بعدما تخلى عن عمله فى أحد محلات العصير، بسبب قلة راتبه الشهرى الذى لا يكفى نفقات أسرته واحتياجات أبنائه الخمسة، واختار أن يكون حر نفسه وألا يقع تحت ضغط الآخرين، واستطاع تقديم العرقسوس بطعم طبيعى مميز، نظراً لخبرته الكبيرة فى المجال، وقال: «الحمد لله ربنا بيكرمنى وبعمل يومية كويسة علشان أفرّح عيالى».
«رمضان»: براعي ربنا في شغلي.. وباخاف على صحة الناس
أما رمضان خليفة، فقد واجه أزمات كثيرة فى عمله بأحد الفنادق، خاصة وقت أزمة كورونا وقوانين الحظر التى أدت لإغلاق كثير من المنشآت، ولم يكن ملماً سوى بعالم الطهى والمشروبات فاختار أن يكون بائعاً للعرقسوس بشوارع المحروسة، حتى يستطيع الإنفاق على زوجته وأبنائه ويسد كل احتياجاتهم، وقال: «اشتغلت فى المطابخ كتير بس لما سِبت الفندق، قررت أبيع العرقسوس فى الشارع، والحمد لله كنت شاطر فى عمل المشاريب».
واجه «رمضان» مشكلات عديدة عند بيع العرقسوس، بسبب كثرة عدد البائعين فى الشوارع، فضلاً عن محلات العصير بالمناطق السكنية المزدحمة، ما جعل الشاب الثلاثينى يتحدى نفسه وغيره ليصنع لنفسه مكاناً بين الباعة المتجولين، من خلال ارتداء الملابس الخاصة ببائع العرقسوس، فيخرج كل يوم من منزله مرتدياً «جاكيت وبنطلون أسود وقبعة حمراء لافتة للنظر»، وأضاف: «بقى عندى زباين فى وقت قليل وبحب أبيع العرقسوس وأنا لابس الطاقية والجاكيت».
يبدأ «رمضان» عمله يومياً منذ العاشرة صباحاً حتى منتصف الليل، يتجول فى الشوارع طوال يومه لتقديم العرقسوس للمارة، إلى جانب مشروبات أخرى، مثل السوبيا والتمر هندى، ويفضل استخدام الخامات الطبيعية من العطارين لتصنيع المشروبات بمذاق وجودة أعلى، تختلف عن البودر الجاهزة، إلا أنه فى بعض الأحيان يلجأ إلى استخدامها، موضحاً أن سعر الكوب جنيهان ونصف فقط، وتابع: «بخاف على صحة الناس وبراعى ربنا فى شغلى، وبجيب كل حاجة طبيعى من عند العطار، حتى العصاير البودرة باشترى الأصناف الغالية».
استمر «رمضان» فى مواجهة المشكلات، خاصة بعد إزالة منزله من قِبل الحى بسبب بعض المخالفات، وقرر مغادرة المنطقة، وذهب مع زوجته وأبنائه إلى الجيزة ليصبح قريباً من عمله لتأمين مستقبل جيد لأسرته، ويصبّره على ذلك المعاملة الطيبة والكلمة الحسنة التى يتلقاها من زبائنه، وتابع: «ببقى مبسوط جداً لما بسمع كلمة أو دعوة حلوة من الزباين، وده اللى بيصبّرنى على الشقى اللى بشوفه طول اليوم، وبدعى ربنا يعوضنى خير».