فتاوى من لغو الكلام (1)
فى مصر فقط دون بقية دول العالم، تحول شهر رمضان من كونه شعيرة دينية فقط، إلى مناسبة اجتماعية أيضاً، وفيه تكثر التجمعات التى تضم على موائد الإفطار والسحور مسلمين ومسيحيين، ومصريين وعرباً.. وأجانب فى أحيانٍ كثيرة، وتدور الأحاديث فى موضوعات عديدة ومتنوعة، وما لاحظته فى السنوات الأخيرة أن البعض يتجه برأيه إلى طلب الفتوى فى موضوعات لا تقترب من الدين من قريب أو بعيد، ولا علاقة لها حتى بالفقه.
هذه الملاحظة ذكرتنى بما انتهى عام 2022 حاملاً معه الرقم القياسى فى عدد الفتاوى التى تصدرها دار الإفتاء المصرية فى تاريخها بمليون و563 فتوى، بزيادة تقدر بنحو 200 ألف فتوى عن العام الأسبق 2021.
ولا يقتصر الإفتاء فى مصر على دار الإفتاء وحدها، ولكن تشاركها فى ذلك أيضاً مؤسسة الأزهر بفتاوى عبر هيئة كبار العلماء، ولجنة الفتوى، ومجمع البحوث الإسلامية، ومركز الأزهر العالمى للفتوى، وفوق كل ذلك توجد فتاوى لمشايخ وزارة الأوقاف، وأساتذة الفقه والشريعة، وأعضاء الجماعات الدينية، مما يرشح عدد الفتاوى المعلن من دار الإفتاء للمضاعفة.
البعض قد يرى أن إقبال المصريين على طلب الفتاوى الرسمية دلالة واضحة على تدينهم، وقد يرجع ذلك فى رأى آخر لكثرة المشكلات والمسائل التى تظهر فى حياة الناس، وثمة وجاهة لهذه الآراء، لولا أن عدداً لا يستهان به من الفتاوى لا يستأهل الرد عليه سوى بعبارة «هذا من لغو الكلام».
من فتاوى «لغو الكلام» التى يمكن أن نوصم بعضها بالإباحية، ولذلك سبقت شهرتها شهرة قائلها، تلك المعروفة بـ«مضاجعة الوداع» للدكتور صبرى عبدالرؤوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، بإباحة نكاح الزوجة المتوفاة!، وكذلك فتوى الدكتور عزت عطية رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بحق المرأة العاملة فى إرضاع زميلها فى العمل منعاً للخلوة المحرمة، وقال إنه إذا كان لا بد من وجود الاثنين فى غرفة مغلقة وفقاً لظروف العمل، فعلى المرأة أن تقوم بإرضاع زميلها خمس رضعات تبيح لهما الخلوة، مع حق المرأة فى خلع حجابها أمام من أرضعته وتوثيق هذا الإرضاع رسمياً، والدكتور رشاد حسن خليل عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أفتى بأنه لا يجوز للزوجين التجرد التام من ملابسهما أثناء المعاشرة الزوجية لأن هذا حرام شرعاً، ويبطل عقد الزواج.
وهناك أيضاً فتوى الداعية السلفى أسامة القوصى، بجواز تلصص الشاب على خطيبته خلال استحمامها ليشاهد منها ما يمكن رؤيته ويجعله يقرر الزواج منها، بشرط أن تكون نيته بالفعل الزواج منها وعدم تركها.
ومن أبرز الفتاوى الغريبة تلك الفتوى التى أطلقها دون مقتضى الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، حيث أجاز للزوج ترك زوجته لمغتصبها، إذا خشى على نفسه من الموت، وما زالت فى الذاكرة فتوى الشيخ الأزهرى أنس السلطان الشيخ الشهير بـ«شيخ العمود» نسبة لعنوان منصته الدعوية على «يوتيوب»، عن حكم استخدام «الشطاف»، وقال إن ماء «الشطاف» لو اندفع بقوة ودخل من فتحة الشرج إلى الجوف.. فإنه يبطل الصيام!.وللحديث بقية
