أصحاب مصانع قمر الدين: مصر تتميز بأفران التجفيف.. وإعادة تدوير الفائض

أصحاب مصانع قمر الدين: مصر تتميز بأفران التجفيف.. وإعادة تدوير الفائض
بدأت صناعة قمر الدين فى مصر منذ 70 عاماً، وكانت يدوية وتستلزم جهداً بدنياً كبيراً ووقتاً طويلاً، حتى تطورت وأصبحت تعتمد على أحدث الآلات والماكينات، لإنتاج كميات أكبر فى وقت قياسى، يتحقّق فيه الاكتفاء الذاتى للمواطنين من السلعة خلال شهر رمضان، وإعادة تدوير الفائض فى صناعات أخرى، مثل حلوى المولد النبوى.
يُصنع قمر الدين من المشمش الفيومى أو البلدى، لاحتوائه على نسبة عالية جداً من السوائل، من خلال عصر المشمش مع القليل من المياه للحصول على الخليط «البيوريه»، وقديماً كان يُضاف ثانى أكسيد الكبريت، سواء فى صورة بخار أو كبريتات بوتاسيوم أو صوديوم، للحصول على اللون الذهبى المفضّل لدى المصريين، وحالياً أصبح اللون لا يشكل عائقاً فى الصناعة، تجنّباً لكثير من الأمراض التى تضر بصحة الإنسان، فيفضّل صناعة قمر الدين بدون «كبرتة»، ووضع نسبة بسيطة من السكر من 2٪ إلى 3٪.
«عاطف»: تدريب مكثف للعمالة
يحكى عاطف مولانا، صاحب مصنع قمر الدين بمحافظة القاهرة، عن أهمية اتباع خطوات التصنيع بدقة ومهارة عالية، وعدم وجود احتمالية للخطأ ولو بنسبة بسيطة فى صناعة قمر الدين، إذ يتم إخضاع العمالة للتدريب مدة طويلة، حتى يصلوا إلى درجة كبيرة من المهارة، خاصة عند وضع المقادير وخلطها مع بعضها: «قمر الدين من الصناعات الدقيقة جداً، علشان بيُستخدم فيه السكر ومواد تانية ذات درجات حرارة مرتفعة، وقد تنتج عنها أخطاء كارثية مضرة بالصحة».
تعتمد صناعة قمر الدين فى مصر على استخدام أفران التجفيف لمدة تتراوح بين 6 ساعات كحد أدنى و12 ساعة كحد أقصى، وهى أفضل وسيلة للحصول على قمر الدين بدرجة ممتازة، حسب «عاطف»، ورغم ذلك فإن خطواته لا تختلف كثيراً عن مثيلاتها المتبعة فى سوريا، لكن هناك فروقاً فى الأنواع، إذ تتميز سوريا بقمر الدين الكلابى والحموى، وتعتبر من أوائل الدول فى تلك الصناعة، فى حين عرفت مصر تلك الصناعة منذ 70 عاماً: «عندنا أفران مش متوافرة فى دول تانية، بتجفف قمر الدين بشكل صحى وسريع، وده بيساعد فى تحويل كميات كبيرة من المشمش لقمر الدين فى وقت قياسى».
وشهدت صناعة قمر الدين تطوراً كبيراً، فقديماً كانت العمالة تعتمد على خلط المشمش مع باقى المكونات بشكل يدوى، مما يستلزم وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، ويؤدى إلى انصراف العمالة عن هذه الصناعة التى لا تحقّق ربحاً جيداً فى مقابل التدهور الصحى، أما الآن فإن الاعتماد الأكبر يكون على ماكينات «الريش»، التى تُستخدم فى فرم ثمار المشمش وتحويلها إلى عصير، لدمجه مع بقية المكونات الأخرى فى وقت بسيط، وفقاً لـ«عاطف»: «صناعة قمر الدين زمان غير دلوقتى، كل حاجة اتطورت، وبقى فيه آلات بتوفر مجهود الإنسان».
ويحذر «عاطف» من قلة من المصانع تعتمد مبدأ الغش فى صناعة قمر الدين، عن طريق استبدال المشمش بالجزر ومكونات أخرى متوافرة، مع وضع رائحة المشمش بكميات كبيرة، وفى المقابل هناك مصانع على درجة كبيرة من الحرفية والدقة، وتحتل الريادة فى صناعة قمر الدين على المستوى المحلى: «عندنا فى مصر مصانع محترمة جداً بتعمل قمر الدين من المشمش الخالص، أو مشمش مع بعض المكونات الأخرى، وبأسعار كويسة جداً تناسب كل الطبقات، بس لازم نتأكد من جودة المنتج قبل ما نشتريه».
«عصام»: نطرح 2000 كرتونة قبل رمضان
ينتج محمد عصام 2000 كرتونة خلال الموسم، تزن الواحدة 8 كيلوجرامات، وتختلف المصانع فى حجم إنتاج قمر الدين، حسب احتياجات كل منها، واستهدافها للمواسم المختلفة الخاصة بالمنتج، فمنتج قمر الدين لا يرتبط بالشهر الكريم فقط كما يعتقد البعض، بل يدخل فى معظم حلوى المولد النبوى، خاصة جوز الهند، إذ يتم فرد قمر الدين فى صورته السائلة، وتوضع عليه كميات كبيرة من جوز الهند ليأخذ شكل «الرول»، ثم يُقطّع إلى أجزاء صغيرة، وتغليفه فى أكياس وبيعه ضمن حلوى المولد النبوى: «قمر الدين بيتعمل منه حاجات كتيرة، وأهم حاجة إنه بيدخل فى صناعة حلاوة المولد، وممكن يتعمل عصير طوال شهر رمضان أو مهلبية».
تحتفظ المصانع بالكميات المتبقية من قمر الدين بعد شهر رمضان داخل ثلاجات، لبيعه مرة أخرى على فترات متباعدة طوال السنة، طالما لم تنتهِ مدة الصلاحية، أما إذا انتهت يتم إعدام الكميات المتبقية من قمر الدين، حسب إسلام مملوك، عامل فى مصنع قمر الدين: «ممكن نحفظ قمر الدين فى الجو العادى، بس الأفضل إنه يبقى فى التلاجات، علشان يقعد لفترات طويلة».
يُعد تسويق قمر الدين باب رزق لكثير من الشباب، فى رأى «إسلام»، حيث يتّجهون إلى هذا المجال قبل حلول شهر رمضان، ويبيع المنفذ أو المحل الواحد 3 «كراتين» تحتوى الواحدة على 20 لفة قمر الدين: «ياميش رمضان بصفة عامة فرصة كبيرة للشباب علشان تحصل على مصدر رزق مجزى».