الدولة تحمي صناعة الفوانيس.. والحرفيون استبشروا بوقف «الصيني»: دقت ساعة العمل

كتب: محمد عبدالعزيز

الدولة تحمي صناعة الفوانيس.. والحرفيون استبشروا بوقف «الصيني»: دقت ساعة العمل

الدولة تحمي صناعة الفوانيس.. والحرفيون استبشروا بوقف «الصيني»: دقت ساعة العمل

صناعة الفوانيس من الحرف التراثية الأصيلة، إذ بدأت وتطورت من مصر، ثم دخلت الصين وأنتجت فوانيس لعبة تضىء وتغنى بأسعار فى متناول الجميع، فغزت الأسواق المصرية لتتأثر الصناعة حينها وتغلق بعض الورش، لكن بعد سنوات عادت الهيبة إلى الفانوس المصرى واستعاد الصُناع أمجادهم، فبدأت الحياة تدب فى أرجاء منطقة «تحت الربع»، إذ فتحت الورش أبوابها المغلقة ودارت الماكينات المتوقفة، وعاد الفانوس المصرى ليغزو الأسواق ويزين شوارع المحروسة.

فرحة شهر رمضان لا تكتمل إلا بوجود الفانوس، وتوفير جميع الأدوات والخامات اللازمة لها يسهم فى سعادة المصريين كل موسم، فمصر منذ قديم الأزل تصنع الفانوس، ويرى الدكتور خالد الشافعى، خبير اقتصادى، أنّ الدولة يجب أن توفر المناخ الأمثل للصناعة وتلبية احتياجات الصُّناع، وعدم استيراد الفوانيس من أى دولة خارجية تصنعه، وعدم صرف أى مبالغ من احتياطيات النقد الأجنبى على استيراده، فهى صناعة محلية يشهد بها الجميع، فأصلها وأساسها فى مصر: «يجب على وزارة الصناعة والتجارة أن تتبنّى كل الحرف اليدوية والصناعية الصغيرة وتعمل على تطويرها، خاصة الصناعات المصرية الأصيلة زى الفانوس».

غرفة صناعة الحرف اليدوية: الدولة تدعم المنتجين ومطلوب إخراج جيل جديد

تتطور الصناعات بين يوم وآخر، دون تأثير يُذكر على الفانوس، وهو ما أوضحه الخبير الاقتصادى، مُتحدثاً عن ضرورة إقحام التكنولوجيا فى صناعة الفانوس: «نشوف الجديد موجود فيه إيه، الذكاء الاصطناعى ماسابش حاجة، عاوزين نستغل التكنولوجيا ونوفر الخامات للإنتاج بأقل تكلفة»، مطالباً بضرورة الإبقاء على التراث المصرى القديم، وعدم تأثير التكنولوجيا عليه: «ما زال التراث القديم محط جذب من المواطنين، لازم لو هندخّل التكنولوجيا فى صناعة الفانوس لا يتأثر شكل الفانوس».

الكثير من المناطق التراثية القديمة، مثل «تحت الربع»، يمكن استغلالها بشكل كبير فى زيادة إنتاج وتطوير الفانوس، عن طريق إحياء مُجمّعات صناعية صغيرة بعيدة عن المساكن: «صناعة الفانوس تكون فى موسم واحد فقط، فلو هنطور من مناطق معينة ونزود الإنتاج، يجب التصدير إلى الخارج».

«الشافعي»: يجب توفير المناخ الأمثل للصناعة

التصدير إلى الدول بالخارج أمر يطمح إليه «الشافعى»، فالفانوس المصرى محط أنظار واهتمام الكثير من الدول، ولكن المهم هو التسويق الأمثل له: «تصدير الفوانيس إلى دول العالم الإسلامى ضرورى، وهيتم الترحيب بها، لأنها متميزة، إحنا عندنا القدرات الكافية على استغلال صناعة الفانوس والتطوير منها بشكل كبير».

خلال أعوام طويلة مضت كانت مصر تستورد الفانوس الصينى، ومنذ عام 2015، قرّرت الحكومة المصرية حظر استيراده، وظلت بالسوق كميات كبيرة من الفوانيس إلى أن نفدت من الأسواق، وبدأ الصُناع فى مصر بزيادة إنتاجهم، وصناعة الفانوس بأيدٍ مصرية مع إضافة بعد المُميزات، فتفوق عليها، وحقّق نجاحاً كبيراً، فانتعشت الورش بمنطقة «تحت الربع».

تحدّث «الشافعى» عن تأثير وقف استيراد الفانوس الصينى على الصناعة المصرية، فأى منتج يتوقف استيراده يعطى فرصة للصناعة المحلية بالتعافى والوقوف على قدميها مرة أخرى: «لما بتمنع استيراد الحديد بتقوى صناعتك ومنتجك، ولتطوير الصناعة لازم يكون فيه خريطة كاملة ومتكاملة للصناعات التراثية، نعرف إيه المشكلات والعقبات، والعمل على إتاحة المناخ المناسب لها».

صناعة الفانوس فى مصر انتعشت خلال الفترة الماضية وتطورت بشكل كبير عما كان يظهر فى الأسواق قبل سنوات، حسب الدكتورة هدى الملاح، الخبير الاقتصادى: «أى صناعة تتم داخل مصر لها تأثير إيجابى، لأنك هتصنع وتبيع وتشترى، ولكن يجب تصنيع الفانوس بكميات بسيطة، لأنها صناعة موسمية فى الأساس، مش بنستخدمها طول السنة أو صناعة دائمة، فلازم نصنعه ببساطة وليس بكثرة، علشان اللى بيفيض بيتشال لرمضان اللى جاى». وترى «هدى» أن صناعة الفانوس فى مصر صناعة ترفيهية، فوقف استيراده هو قرار صائب: «منع استيراد الفانوس، سواء الصينى أو غيره، أدى إلى وفرة فى الدولار والحد من الصرف عليه».

عدم استيراد الفانوس الصينى أسهم فى حماية الصناعة الوطنية بشكل كبير، وشجّع صغار الصناع على إنتاج كميات أكبر، وفقاً للدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى: «طوال السنين اللى فاتت مصر كانت فاتحة الاستيراد للمنتجات اللى نقدر نصنعها محلياً، ووقف استيراد الفانوس الصينى حمى الورش الصغيرة اللى شغالة فى تصنيع الفانوس، فحافظنا على الصناعات دى وشجعنا الناس تصنع وتنتج وتبيع ويكون فيه أيدى عاملة».

«الشعراوى»: نحتاج إلى اهتمام أكبر لأن عندنا مواهب

تطور صناعة الفانوس الصينى خرج من أفكار التجار، فبعد وقف استيراده ونفاده من الأسواق، بدأ التجار يحاولون إنتاجه فى ورشهم الصغيرة، عن طريق وضع بعض اللمسات والإضافات عليه، وإخراجه بشكل يتفوق على الصينى، حسب أحمد الشعراوى، الخبير الاقتصادى: «دلوقتى بقينا بنعدّل على شكل الفانوس، وبننتج أفضل منه فى الورش، الصناعة محتاجة اهتمام أكبر وهنقدر نحقق تقدم كبير، لأن عندنا مواهب وصُنّاع يقدروا يغيروا ويطوروا الصناعة».

حمادة العادلى، رئيس غرفة صناعة الحرف اليدوية باتحاد الصناعات، يرى أن صناعة الفوانيس حرفة وليست صناعة، مُضيفاً أن الدولة تقدّم الكثير من المجهودات لهذه الحرف،  منها جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، المُخصّص لخدمة الحرف اليدوية، كما تحاول الغرفة التخطيط لتحويل الحرفيين من قطاع غير رسمى إلى رسمى.

وتواجه الصناعات اليدوية، ومنها صناعة الفوانيس، مشكلات كثيرة، أبرزها ارتفاع أسعار المواد الخام التى تأتى من الخارج، وعزوف الأجيال الجديدة عن الإقبال على الحرف اليدوية، فهى صناعة متوارثة،  وقلّت نسبة التصدير إلى الخارج بسبب عدم إقبال التجار على شرائها نتيجة الحالة الاقتصادية خارج مصر.

ويرى «العادلى» ضرورة تشجيع الشباب على العمل بهذه الصناعات، وإنشاء مدارس خاصة بالحرف اليدوية لإخراج جيل جديد مُتخصّص فى هذه الحرف: «علشان نخرّج جيل جديد دارس وشغال فى نفس الوقت، وكمان ضرورة إننا نعلم الستات وندخلهم السوق، لأنهم قوة عاملة متوافرة».


مواضيع متعلقة