دير القديسة دميانة والـ40 عذراء في «الدقهلية» من أقدم أديرة العالم للرهبنة النسائية

دير القديسة دميانة والـ40 عذراء في «الدقهلية» من أقدم أديرة العالم للرهبنة النسائية
- القديسة دميانة
- مركز بلقاس
- محافظة الدقهلية
- الدير يرمز لتعمير الصحراء
- القديسة دميانة
- مركز بلقاس
- محافظة الدقهلية
- الدير يرمز لتعمير الصحراء
يعتبر دير القديسة دميانة فى بلقاس بمحافظة الدقهلية واحداً من أقدم أديرة العالم للرهبنة النسائية، فقد أُنشئ فى القرن الرابع الميلادى حين جاءت الإمبراطورة هيلانة إلى براري بلقاس، وشيدت مقبرة خاصة بالقديسة دميانة والأربعين عذارى، كما شيدت كنيسة على هذه المقبرة، وقد دشن هذه الكنيسة البابا ألكسندروس البابا التاسع عشر للكرازة المرقسية، يوم 12 بشنس «مايو» وفي عهد البابا ميخائيل الأول البطريرك 46 من بابوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تولى الأنبا بيشوى رئاسة الدير وتمت رسامة 25 راهبة يوم 24 سبتمبر 1978.
ويقع دير القديسة دميانة بالبرارى، فى منطقة بلقاس بمحافظة الدقهلية، إلا أنه قديماً كان جزءاً من مقاطعة مصرية تسمى إقليم البرلس والزعفرانة بوادى السيسبان، سمى الإقليم بالزعفرانة حيث اشتهرت هذه المنطقة بزراعة أنواع نادرة من الزعفران والحشائش العطرية الغالية القيمة، والزعفران اسم لنبات يسمى فى المصطلح اليونانى واللاتينى السيسبان، وحالياً يقع إقليم البرلس فى شمال الدلتا، وهذه المنطقة كانت عامرة بالأديرة القديمة والكنائس الكثيرة المنتشرة فى كل مكان.
ويتبع دير القديسة دميانة حالياً مركز بلقاس وهو الذى تتبعه منطقة دير القديسة دميانة، فيقع جغرافياً غرب فرع دمياط فى الدقهلية وتبعد عنه قرية القديسة دميانة فى منطقة بلقاس خامس، والتى تسمى ببرارى بلقاس نحو 12 كم، وتسمية المنطقة بالبرارى ترجع إلى أن أجزاء كبيرة من هذه المنطقة كانت أراضى بور خالية من الزراعة وبعضها أراضٍ منخفضة عن مستوى البحر وكانت تغمرها المياه وتكسوها النباتات المائية وخصوصاً كلما اقتربت من بحيرة البرلس.
الدير يرمز لتعمير الصحراء.. ورهبنة السيدات بمصر بدأت فى القرن الأول الميلادى
وقال القمص يوسف الحومى أستاذ التاريخ والمخطوطات بالمعاهد اللاهوتية الأرثوذكسية، إن الأديرة تعد اصطلاحاً للصحراء وتعميرها، فالرهبان على مر التاريخ يذهبون للصلاة بعيداً عن زحام العالم فيعمرون الصحراء بما يفيد المجتمع، وهو الأمر المستمر حتى الآن فنجد منتجات خاصة بالأديرة وصناعات صغيرة، فضلاً عن دورهم الأساسى فى إفادة الفتيات خلال فترات الخلوة الروحية التى تقضيها الفتيات بين جدران الأديرة.
وينقسم دير القديسة دميانة إلى جزء به الكنيسة والصلوات وقبر القديسة دميانة و40 عذراء، والجزء الآخر للراهبات، ويحمل كل زائر إلى دير القديسة دميانة معه ذكريات الماضى التى سمعها من أسرته وهو صغير، ويحفظون قصة استشهاد «الست دميانة» التى يتغنون بتقواها ورفضها هى و40 عذراء معها عبادة الأوثان، وذُقن ألوان العذاب حتى استشهدن ودُفنّ فى هذا الدير.
مُقام على 3 أفدنة وسط زراعات قرية تحمل اسمها وله مكانة دينية خاصة فى نفوس المسيحيين
ويقام دير القديسة دميانة على 3 أفدنة وسط زراعات القرية التى تحمل اسمه فى منطقة بلقاس خامس التى كانت تسمى بالبرارى فى محافظة الدقهلية، ورغم زحف العمران قرب الدير إلا أن المكان له خصوصية ورهبة، وقيمة دينية خاصة فى نفوس المسيحيين.
وظل الأنبا بيشوى رئيساً لدير القديسة دميانة على مدار أكثر من نصف قرن إلى أن توفى فى عام 2018 ليتولى الأنبا ماركوس، رئاسة الدير، ويظل دير القديسة دميانة له الأثر الكبير فى الحياة الدينية فى المنطقة، وكان الأنبا بيشوى فى كل مناسبة يحكى قصة استشهاد القديسة دميانة ويسمعها منه الكبير والصغير.
وتابع «الحومى» فى حديثه لـ«الوطن»، قائلاً إنه عند الحديث عن الرهبنة يجب التأكيد على أن الرهبنة النسائية سبقت رهبنة الرجال فى التاريخ المسيحى إذ إنه فى القرن الأول الميلادى تحدث الرسول بولس فى رسالة كورنثوس عن العذارى، وذلك لاتخاذ الفتيات القديسة العذراء مريم نموذجاً.
وأضاف «الحومى» أن الرهبنة فى مصر بدأت مع الرهبنة فى أورشليم، حتى إن الأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة نفسه، حين ذهب للصحراء أودع أخته فى أحد بيوت العذارى، ولكن بداية تنظيم الرهبنة كانت فى عهد البابا باخوميوس فى القرن الرابع الميلادى.
ومرت العائلة المقدسة على زيارتها إلى مصر، بمنطقة البرلس - آتية من سمنود- حيث منطقة البرارى التى أُريقت فيها -فيما بعد- دماء القديسة دميانة والأربعين عذراء، ولقد تقدّست هذه المنطقة وتباركت بهذه الزيارة، وفى القرن الرابع أى بعد ثلاثة قرون من الزيارة المباركة للعائلة المقدسة، نشأ الدير بحرى مدينة الزعفرانة التى كانت بمثابة عاصمة لمنطقة البرلس وبها كرسى أسقفى، وسكن فيها والدا القديسة.
وعن تاريخ الرهبنة النسائية فى مصر، قال: بدأت الرهبنة النسائية فى مصر فى القرن الأول الميلادى بالتزامن مع الرهبنة فى أورشليم، وتمتاز الرهبنة القبطية بأنها رهبنة عابدة أى تكون داخل الأديرة، ورغم أن الراهبات يقمن بأعمال داخل الأديرة منها ما يخدم المجتمع ككل، لكن الراهبات والرهبان فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لا يعيشون فى العالم لكن بين جدران الأديرة.
ولفت أستاذ التاريخ والمخطوطات بالمعاهد اللاهوتية الأرثوذكسية إلى أن الحاجة ظهرت إلى الخادمة المكرسة فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال القرن الـ20، إذ وضع المجمع المقدس قرارات تنظم حياة المكرسات فى عهد البابا شنودة الثالث.
وخرجت الخدمة من جدران الأديرة إلى المجتمع فتخدم المكرسات كبار السن والمرضى والأيتام واجتماعات البنات فضلاً عن الخدمات الخاصة بالتنمية المجتمعية والاقتصادية مثل مشاغل الملابس أو الصناعات متناهية الصغر التابعة للكنائس لخدمة الفقراء، وهناك من المكرسات من تشرف على النواحى الخاصة بالإبراشية، أيضاً المجمع أعطاهن الحق أن يكنّ فى رتب الشماسية لكن بدون خدمة المذبح، فتقتصر مهامهن على مساعدة الكاهن فى تعميد النساء ونظافة الهيكل وتعليم البنات.
وبدأ عصر الرهبنة الحديثة فى دير القديسة دميانة خلال سبعينات القرن الماضى عندما زاره البابا شنودة الثالث مع لفيف من أعضاء المجمع المقدس وقام برهبنة الدفعة الأولى من الراهبات عام 1978 وأصبح قبلة للفتيات الراغبات فى ترك حياة العالم وأطماعه والعيش من أجل الله فقط.
وعند الاحتفال بالذكرى السنوية الثانية لرحيل الأنبا بيشوى، رئيس الدير السابق، وسكرتير عام المجمع المقدس الأسبق، قال الأنبا ماركوس، رئيس الدير ومطران دمياط وكفر الشيخ، إن اسم القديسة دميانة أصبح مقترناً باسم الأنبا بيشوى، فكان له فضل كبير فى هذه الإبراشية وهذا الدير وله فضله على الكنيسة كلها وكان يمثل الكنيسة على مستوى العالم.