حيل المستريحين للنصب على الضحايا.. خداع النصابين إعادة إنتاج لظاهرة «توظيف الأموال» في الثمانينات

حيل المستريحين للنصب على الضحايا.. خداع النصابين إعادة إنتاج لظاهرة «توظيف الأموال» في الثمانينات
منذ عام 1989، لاحت فى مصر ظاهرة توظيف الأموال فى شركات «الريان» وغيرها، وتستّر أصحابها فى رداء الدين وتوظيف الأموال بطريقة سموها «شرعية»، بعد ترويجهم حرمانية إيداع الأموال فى البنوك.. ووصلت أرصدة شركات «الريان» وغيرها إلى مليارات الجنيهات، ورغم مرور سنوات طويلة على محاصرة الدولة لتلك الظاهرة وإنهائها تماماً، إلا أنها عادت من جديد فى صورة المستريحين. الظاهرة تطورت بمرور الأيام، وأُطلق عليها مسمى «المستريح»، وكانت بدايتها بمحافظة أسوان وتدحرجت إلى باقى المحافظات، وكل نصاب مارس حيل الحصول على أموال المواطنين، ثم التعثّر فى السداد، أطلق عليه «مستريح».
تنوع الأفكار لاستمرار الخداع
وبعشرات الأفكار الماكرة، جرى إقناع المئات، بل الآلاف من المواطنين، بإيداع أموالهم لاستثمارها، ولم تتغير طريقة إقناع النصابين لضحاياهم على مر السنين، تغيرت الأسماء، وظلت الطريقة كما هى بإقناع الضحايا باستثمار أموالهم فى مختلف المجالات، ومن ثم يكتشف الضحايا سراب الأحلام وضياع «شقا العمر»، هذه طريقة «المستريح»، السعى وراء الثراء السريع وحب المال جعل منهم ضحايا.
مستريح المواشى
اتبع «مستريح أسوان» أو «مستريح المواشى» طرقاً أخرى جديدة ومبتكرة للنصب على المواطنين، وهى عدم الحصول على أموال لتشغيلها، بل الاستثمار من خلال المواشى التى يمتلكها الأهالى فى أسوان، عن طريق شرائها منهم ولا يعطيهم المقابل المادى فى حينه، بل يطالبهم بترك المبلغ لمدة 21 يوماً لتشغيله، ثم الحصول على ثمن المواشى والأرباح مضاعفة، وبعد تسليم الأهالى أول دفعة بعد 21 يوماً، ذاعت شهرته بين الأهالى وتهافت عليه العشرات لإعطائه المواشى والأموال من أجل تشغيلها، خاصة مع قيامه بدفع الضعف بعد مرور المدة المحدّدة، ولكن الدفعة الثانية تأخرت على الأهالى، مما أدى إلى تجمع الأهالى عند بيته، ومن ثم تقديم بلاغات إلى أجهزة الأمن بالنصب والاحتيال على الأهالى.
حيلة اللانشون
دائماً ما يُلقى المستريح بالطعم لضحاياه بفكرة يسيل من خلالها لعاب الضحايا نحو الخروج من دائرة الفقر إلى الثراء السريع، مستريح اللانشون فى السويس جمع نحو 40 مليون جنيه منهم لتوظيفها فى تجارة اللانشون وتحقيق مبالغ كبيرة، لأن صناعة المواد الغذائية سهلة، مقارنة بما تحقّقه من أرباح.
نسب ربح تصل إلى 30% شهرياً، كان ذلك هو الطُعم الحقيقى للضحايا.. «مستريح اللانشون»، حسبما كشف أحد المبلغين، حصل على قرض بنكى بـ400 ألف جنيه بعد أن أوهمه المتهم بأنه شريك بإحدى الشركات الكبرى العاملة فى مجال الأغذية، وحصل على أرباح شهرين فقط من المتهم وبعدها اختفى، وشكلت أجهزة الأمن فريقاً تمكن من القبض على المتهم وإحالته إلى جهات التحقيق التى أصدرت قرارها بحسبه، وعاقبته «الجنايات» بالسجن لمدة 10 سنوات.
وفى قرية زهرة القبلية بدمنهور حلقة جديدة من مسلسل النصب على طريقة المستريح عبر توظيف الأموال والاستثمار فى المواد الغذائية، والتى باتت حدثاً متكرراً بلا نهاية، وهذه المرة فى دمنهور بالبحيرة، حيث قال أهالى القرية أمام الشرطة إن المتهم: «خدعنا باسم الدين واستولى على تحويشة عمرنا وهرب بأكثر من 20 مليون جنيه»، وبعدها ألقت أجهزة الأمن القبض عليه بعد هروبه منذ أكثر من عامين لتنفيذ أكثر من 30 حكماً قضائياً بمجموع أحكام تعدى الـ50 سنة سجناً.
مستريح السيارات
لاقت فكرة الاستثمار فى تجارة السيارات إقبالاً غير عادى لدى المواطنين فى أسوان، ونجح من خلالها مستريح أسوان «مصطفى البنك» فى جمع مئات الملايين، وكذلك الحال نجح مستريح السيارات فى أسوان أيضاً، ويُدعى «حسن محمد»، فى جمع مبالغ مالية طائلة من المواطنين بهدف تشغيلها فى تجارة السيارات، وتمكنت قوات الأمن بأسوان من ضبطه بعد أن تم تحرير أربعة محاضر ضده بتهمة النصب وجمع مبالغ طائلة من الأهالى بغرض تشغيلها فى تجارة السيارات، حيث كان يشترى السيارة بأعلى من ثمنها الحقيقى ويسلم صاحبها مستحقاته المالية بعد فترة على حسب الاتفاق بينهما.
وقام «مستريح السيارات» بالنصب والاحتيال عليهم والاستيلاء على أموالهم بزعم توظيفها فى تجارة السيارات بأسلوب «الوِعدة»، وكذا تحصل على سياراتهم لتشغيلها، ولكنه لم يتمكن من السداد فى الموعد المحدد، إذ استولى على أموال المواطنين وقام بشراء ما يقرب من 16 سبيكة ذهبية وزنت 10٫500 كيلوجرام، ومبلغ مالى، وأطلق عليه أيضاً مسمى «مستريح الذهب».
ومن المؤسف أن ضحايا المستريح دائماً ما يندفعون خلف حلم وحيد وهو الثراء السريع، ورغم القبض على نصابين ومستريحين فى قضايا كثيرة، لكن الطمع والجشع يكون بمثابة غشاوة على أعينهم، لا تنكشف أمامهم إلا بعد وقوعهم فريسة للمستريح الذى يستثمر أموالهم، وبعدها يكون الطريق لباب مؤسسات الدولة الرسمية، ممثلة فى الشرطة.
حيل «الأدوية والبيتكوين والحج»
لم يختلف الأمر كثيراً عند «مستريح الإسكندرية» أو «مستريح الأدوية»، الذى تحصل على أموال من المواطنين بدعوى تشغيلها فى تجارة الأدوية، إذ جمع نحو 40 مليون جنيه من عمليات النصب التى حاكها تجاه المواطنين عبر طريقتى نصب إحداهما ببيع سيارات محظورة البيع، وأخرى بإدخالهم فى شراكة شراء أدوية بشكل وهمى والحصول على الأموال ثم الفرار هارباً.
ومن الإسكندرية إلى القاهرة، استخدم «مستريح البيتكوين» حيلة جديدة ومختلفة على الأهالى، وهى تجارة العملات الرقمية، حيث وجّه الدعوة للضحايا بشخصه عن طريق استخدام شبكة الإنترنت، لتجميع أموالهم بحجة توظيفها واستثمارها، إذ استولى على 200 مليون جنيه من المواطنين وفر هارباً.
أما عن «مستريح المنيا» فاستخدم طريقة أخرى للعب بمشاعر المواطنين واستغلال لهفتهم لزيارة بيت الله الحرام، إذ أوهم الأهالى بأنه يقوم بحجز تأشيرات للحج بمقابل مادى مخفّض قد يصل إلى 80 ألف جنيه، فلم تسع الفرحة الأهالى، وعلى الفور استعدوا لتجميع المبلغ المقرّر لتحقيق حلمهم، لكن المستريح جمع الملايين وفر هارباً.
فخ الكتاكيت
يختار المستريح فكرة ماكرة يستطيع من خلالها إقناع ضحاياه بتقديم أموال كثيرة بغرض الثراء السريع، وخلال أزمة زيادة أسعار الدواجن ظهر شاب فى الإسماعيلية ادّعى أن لديه مشروعاً سيدر أرباحاً كبيرة على المساهمين فيه وهو الاستثمار فى مزرعة لتربية الكتاكيت، ونجح فى الاستيلاء على مبالغ كبيرة من ضحاياه تزيد على مليون جنيه.
وحسب بيان وزارة الداخلية فإن 4 أشخاص تقدموا ببلاغات إلى الأموال العامة لتضرّرهم من صاحب شركة للاستيراد والتصدير له معلومات جنائية مقيم بمحافظة الإسماعيلية لقيامه بتلقى مبالغ مالية منهم لتوظيفها لهم فى تجارة الدواجن، إلا أنه لم يلتزم بما وعد به ورفض رد المبالغ المالية المستولى عليها، مما مكّنه من الاستيلاء على مبالغ مالية بلغت مليون جنيه، وتمكنت الشرطة من القبض عليه، وبمواجهته اعترف بتفاصيل جريمته، وأحيل إلى النيابة العامة التى قرّرت حبسه على ذمة التحقيقات.
خديعة حديث الموتى
يغازل المستريح ضحاياه بخديعة ما للاستيلاء على أموالهم، منذ قرابة شهرين خرج شاب فى حديث كانت تكسوه الصبغة الدينية ادّعى خلاله أنه طبيب ولديه القدرة على التحدّث مع الموتى ومعرفة أسباب وفاتهم، وكانت لديه عشرات الحالات من الجُثث التى تحدث معها داخل مشرحة زينهم، وبعد تداول الفيديو على نطاق واسع، أُلقى القبض عليه وثبت أنه ليس طبيباً.
مفاجأة كشفتها التحقيقات أن الطبيب المزيف استولى على مبالغ مالية كبيرة تقدّر بملايين الجنيهات، واتهمته إحدى السيدات من المجنى عليهن فى التحقيقات بالاستيلاء منها على مبالغ مالية بلغت 92 ألف دولار، بزعم قيامه بالتبرع بتلك المبالغ للفقراء والمحتاجين لكنه استولى عليها لنفسه.
وعُرف المتهم بـ«مستريح الطب» لادعائه القدرة على الحديث مع الجثث ومعرفة أسباب وفاتها، واستغلال ذلك فى النصب على المواطنين، من خلال الظهور فى قنوات فضائية وكذلك إصدار مجموعة من المؤلفات والكتب التى تروج لقدرات خارقة بالحديث مع الموتى.