وجهات نظر متقاربة وتأثير متبادل لـ مصر والهند

كتب: نوران علام

وجهات نظر متقاربة وتأثير متبادل لـ مصر والهند

وجهات نظر متقاربة وتأثير متبادل لـ مصر والهند

تتعدد مجالات التعاون بين الهند ومصر، ولا تقتصر على مجرد العلاقات الأساسية فى مجال السياسة والاقتصاد رغم البعد الجغرافى بين الدولتين، لكن التعاون والتقارب والتأثير والتأثر كان فى مجالات السياحة والثقافة، ثم أتت ظاهرة التغيرات المناخية لتكون ساحة جديدة للتعاون بين القاهرة ونيودلهى عبَّرت عنه عدة لقاءات مشتركة.

هذه المجالات المتشعبة للتعاون نتاج لعلاقات لها جذور ضاربة فى عمق التاريخ منذ الحضارات القديمة، وصولاً إلى واحدة من أعظم صور التعاون بين البلدين فى تشارك الأفكار، بشأن تنظيم حركة عدم الانحياز من قِبل «عبدالناصر» و«نهرو»، والتى تطرح نفسها من جديد فى ظل الأزمة «الروسية - الأوكرانية» وتداعياتها.

حضارتان يجمعهما تاريخ عريق

تتمتع مصر والهند بتاريخ طويل من الصداقة والتعاون كما يجب أن تكون بين دولتين عظيمتين لهما مواقع جغرافية استراتيجية فى منطقتيهما، وعلى مدى آلاف السنين، ارتبطت مصر والهند منذ فترة طويلة بعلاقات تاريخية فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

وكمهدين للحضارة العالمية، كانت لمصر القديمة والهند متوازيات فريدة وعناصر مماثلة فى الفنون الشعبية واللغات والكتابات والمعتقدات الدينية والثقافات الريفية، وقد أصبح هذا ممكناً بفضل الاتصالات التجارية بين الحضارتين القديمتين اللتين نشأتا على طول ضفاف نهر النيل ونهر السند.

أما فى التاريخ الحديث، فترتبط مصر والهند ببعضهما البعض وتلهم كل منهما الأخرى، فبينما قاد الزعيم الثورى فى مصر، سعد زغلول، حملة عصيان مدنى ولعب دوراً رئيسياً فى الثورة المصرية عام 1919، التى أسفرت عن إعلان بريطانيا من جانب واحد استقلال مصر فى فبراير 1922، تولى المهاتما غاندى القومى المناهض للاستعمار المؤتمر الوطنى الهندى فى عام 1921 واستخدم المقاومة اللاعنفية، التى أدت إلى الحملة الناجحة لاستقلال الهند عن الحكم البريطانى فى أغسطس 1947.

أما فى الخمسينات من القرن الماضى، فأصبحت مصر والهند أكثر قرباً، ولديهما صداقة وثيقة بشكل استثنائى بين الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورئيس الوزراء الهندى جواهر لال نهرو، وتحت قيادتهما، أبرم البلدان معاهدة صداقة تاريخية فى عام 1955 وشكلا حركة عدم الانحياز التى لعبت دوراً أساسياً فى تشكيل النظام الدولى على مدى عقود كثيرة.

تبادل ثقافى وسياحى

تعزّزت العلاقات الثقافية الودية والشعبية بين مصر والهند خلال السنوات القليلة الماضية، وتجلى ذلك من خلال زيادة عدد المشاركين الهنود فى منتدى الشباب العالمى الذى يُعقد سنوياً فى مدينة شرم الشيخ.

كما تم إثبات ذلك من خلال تنظيم مزيد من الأحداث الثقافية فى الدولتين، بالإضافة إلى تقديم مزيد من المنح الدراسية وبرامج التبادل التعليمى للطلاب المصريين والهنود. وفى هذا السياق، خفّفت مصر إجراءات التأشيرة لجذب مزيد من السائحين من الهند، بالإضافة إلى ذلك، استأنفت شركة «مصر للطيران» فى مايو 2022 رحلاتها المباشرة بين القاهرة ومومباى، وتخطط حالياً أيضاً لربط مباشر بين القاهرة ونيودلهى.

وشهدت السنوات الثلاث الماضية زيادة ملحوظة فى أعداد السياح المصريين الذين يزورون الهند والعكس صحيح.

وفى 18 أغسطس 2022، أصدر البريد المصرى طابع بريد تذكارياً للاحتفال بمرور 75 عاماً على العلاقات الدبلوماسية بين مصر والهند، التى أقيمت مع اعتراف مصر باستقلال الهند فى 18 أغسطس 1947.

وفى الفترة من 1 إلى 4 ديسمبر 2022، نظمت سفارة مصر فى نيودلهى، بالتعاون مع المجلس الهندى للعلاقات الثقافية ومركز أنديرا غاندى الوطنى للفنون، معرض الصور الفوتوغرافية والمنحوتات المصرية.

وفى 3 نوفمبر 2022، نظمت سفارة مصر فى نيودلهى، بالتنسيق مع المجلس الهندى للعلاقات الثقافية «أمسية ثقافية مصرية»، تُوجت بحضور الدكتور ميناكشى ليخى، وزير الدولة للشئون الخارجية والثقافة فى الهند.

شراكة لمواجهة التغيرات المناخية

مواجهة التغيرات المناخية أحد أبرز أوجه التعاون بين مصر والهند، ففى 12 سبتمبر 2022 أجرى وزير الخارجية سامح شكرى ورئيس مؤتمر الأطراف السابع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، اتصالاً هاتفياً مع الدكتور شرى بوبندر ياداف، وزير البيئة والغابات وتغير المناخ الهندى، حيث ناقش الوزيران مختلف قضايا المناخ وتشاورا بشأن الاستعدادات لمؤتمر المناخ وقتها.

وقام الدكتور محمود محيى الدين مبعوث الأمم المتحدة رفيع المستوى لتغير المناخ فى COP27، بزيارة الهند فى الفترة من 4 إلى 6 أكتوبر 2022 لعقد اجتماعات ومناقشات مع المسئولين الحكوميين فى الهند والقطاع الخاص ومراكز الفكر والمنظمات غير الحكومية. وتمت هذه الزيارة وقتها استعداداً لمؤتمر COP27 الذى انعقد فى شرم الشيخ فى الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر 2022.

وفى 25 أغسطس 2022، شارك السفير وائل حامد، سفير مصر فى الهند، فى اجتماع البيئة والطاقة الذى نظمته غرفة تجارة وصناعة البنغال، وألقى السفير حامد كلمة رئيسية شرح فيها رؤية مصر وأولويات جدول أعمال «كوب27»، كما شدد على أهمية دفع العمل الجماعى بشأن أجندة المناخ وتحويل الالتزامات إلى تنفيذ فعلى على أرض الواقع. كما أن مصر والهند شريكان فى التحالف الدولى للطاقة الشمسية وهما قدوة عالمية للعمل ضد تغير المناخ.

كما شاركت الهند بوفد حكومى وغير حكومى كبير فى مؤتمر «COP27»، وفى 18 فبراير 2022 ألقى وزير الخارجية سامح شكرى كلمة أمام الدورة الحادية والعشرين للقمة العالمية للتنمية المستدامة (WSDS-2022) التى نظمها معهد الطاقة والموارد بالهند تحت شعار «نحو كوكب مرن: ضمان مستقبل مستدام ومنصف».


مواضيع متعلقة