«مركز الترميم» أنامل 125 مرمما تعيد 56 ألف قطعة أثرية للحياة

«مركز الترميم» أنامل 125 مرمما تعيد 56 ألف قطعة أثرية للحياة
- المتحف الكبير
- القطع الأثرية
- بيت الخبرة
- الآثار العضوية
- المتحف الكبير
- القطع الأثرية
- بيت الخبرة
- الآثار العضوية
لا يكاد يخلو موقع بالمتحف الكبير من كتائب العمل التى تواصل الليل بالنهار لوضع اللبنات الأخيرة للمتحف المصرى الكبير المقام على نصف مليون متر مربع، يحوى إلى جانب القاعات المتحفية ومناطق الخدمات والحدائق المفتوحة صرحاً عالمياً آخر مجهزاً بأحدث معامل الترميم العالمية، كان هو بداية الانطلاقة لبناء المتحف المصرى الكبير، إنه مركز ترميم الآثار بالمتحف المصرى الكبير.
19 معملاً ما بين معامل أخشاب وحلى وآثار عضوية وآثار ثقيلة وغيرها من المعامل المجهزة بأحدث أجهزة الصيانة والترميم والأشعة الرقمية، تضم بين جنباتها جيشاً من المرممين المهرة تجاوز عددهم 125 مرمماً نجحوا بأناملهم الذهبية فى إعادة الحياة لـ56 ألف قطعة أثرية شقت طريقها بالفعل نحو قاعات العرض المتحفى للمتحف المصرى الكبير.
ويقول الدكتور حسين كمال، المشرف على معامل الترميم بالمتحف المصرى الكبير، إن مهمة المرممين لا تقتصر على الترميم والصيانة ولكن تتخطاه لنقل الآثار وتثبيتها بالقاعات، وترقيم وتوثيق الآثار ومتابعة الصيانة الوقائية للقطع ومتابعة الحرارة والرطوبة لكل قطعة بعد وضعها فى قاعات العرض.
مدير المركز: رحلة العثور على آثار «توت» وعرضها الأغرب.. وقطع النسيج كانت شبه متفحمة
وأضاف مدير مركز الترميم «كانت رحلتنا داخل قاعات الترميم مع كل قطعة أثرية بمثابة عمل فنى متكامل يبدأ بدراسة القطعة وبحث طرق معالجتها والأساليب المثلى لفك لغز صناعتها، ولم تخل الرحلة من التحديات فكانت آثار «توت عنخ آمون» المجهولة التى تركت لسنوات فى المخازن، خاصة آثار الملك الذهبى العضوية من نسيج وجلود وأخشاب، والتى أهملها كارتر موجهاً اهتمامه للكنوز الذهبية، لتأتى أنامل المرممين وتزيل عنها خطايا كارتر وتعيدها إلى صيغتها الأولى وكأن المصرى القديم قد فرغ منها تواً».
وتابع قائلاً: كانت قصة ترميم أجنة الفرعون الشاب واحدة من أغرب قصص القطع الأثرية، حيث كان المتعارف عليه أنها بالمتحف المصرى ولم يكن معروفاً أنها نقلت عام 1932 لطب قصر العينى لتحفظ هناك، ثم تم نقلها لتستقر بين يدى مرممى المتحف الكبير، ومن هناك سيتم عرضها للمرة الأولى فى قاعة الفرعون الشاب جنباً إلى جنب، إلى جانب قفازات وقميص كانا شبه محترقين ووجبات محنطة حرص كهنة توت على أن تصحبه للعالم الآخر واليوم تعود للحياة.
وعن مصير معامل الترميم قال كمال «منذ 2012 وضعت خطة استراتيجية لما سيكون عليه مركز الترميم بعد الافتتاح الرسمى للمتحف، حيث تم تجهيزه ليكون مركز ترميم إقليمياً لترميم وصيانة الآثار بالشرق الأوسط وكبيت خبرة لتدريب المرممين، بعدما أصبح مرمموه أصحاب خبرة متفردة.
«الوطن» شهدت أعمال الترميم لآخر القطع الأثرية بمعامل الترميم بالمتحف الكبير، التى تعتبر أحدث قاعات ترميم على مستوى العالم، حيث يواصل مرممو المتحف المهرة إبهار العالم بإعادة تجميع قطع كان يعتقد باستحالة جمعها وترميمها، ومنها تابوت نادر من الرصاص وصدرية الفرعون الذهبى توت عنخ آمون وتوابيت من نتاج حفائر سقارة ومجموعة من نتاج خبيئة العساسيف.
وانتهى مرممو المتحف المصرى الكبير من ترميم قطعة فريدة من نوعها لتابوت تم نقله للمتحف، استعداداً لعرضه عند افتتاحه، مصدر ندرة التابوت ليس لصنعه من الذهب الخالص، كما هو الحال مع أقنعة وتوابيت الفرعون الذهبية توت عنخ آمون، ولا حتى لصناعته من أى معدن نفيس ولا لنقوشه وألوانه وزخارفه، فالتابوت النادر مصنوع من الرصاص ولا يحوى أى نقوش أو ألوان، حتى إن صاحبه مجهول الهوية بعدما تم العثور على التابوت بلا مومياء، ويرجح أنه يرجع إلى العصر المتأخر.
وعن سر ندرة هذا التابوت، قالت شيماء محمود، أخصائية الترميم بمعمل المعادن بالمتحف المصرى الكبير إن: «الرصاص فلز سام ومعروف أنه غير صلب وصعب التشكيل، ويكسر سريعاً، لذا لم يكن متعارفاً أن يُستخدم فى صناعة التوابيت، وتعتبر تلك القطعة الوحيدة التى تم العثور عليها بهذا الشكل، حتى إنها لم تكن من القطع التى كان من المفترض جلبها للمتحف لترميمها، لكن حين اطلعت عليها لجان الآثار بأحد مخازن المنصورة، قررت نقلها للمتحف الكبير لترميمها، خاصة أن معامل ترميم المتحف تحوى أجهزة متخصصة ستعيد تجميع التابوت بشكله الصحيح، واستغرق العمل فى التابوت عاماً ونصف العام.
واستكملت: «أعقب ذلك إجراء أعمال الفحص، وتحديد الأجزاء المتساقطة من التابوت تحت الميكروسكوب الضوئى، لتحديد مظاهر التلف الموجودة به والتى لا ترى بالعين المجردة أو التصوير الفوتوغرافى، ولدينا أجهزة تستطيع تحديد كيفية تصنيع تلك المعادن، لأن هناك اختلافاً فى الصناعة فمنها الصب أو التركيب، أما فى المرحلة الثالثة فيتم إعداد التحاليل لمعرفة مناطق الصدأ الموجودة فى التابوت ولمعرفة طرق التعامل سواء الميكانيكية أو الكيميائية، وتحديد درجة تركيز المحاليل، وأخيراً قمنا بجمع وتثبيت وترميم التابوت حتى عاد لصورته الأولى».
على مقربة منها تعمل نسرين خربوش على قطعة أخرى من أندر القطع الأثرية فى العالم وأكثرها دقة، الصدرية الذهبية «لتوت عنخ آمون»، التى تعتبر قطعة من أندر القطع التى اكتشفها «هوارد كارتر» بمقبرة الفرعون الذهبى وأكثرها إعجازاً، لدقة صنعها قديماً وبراعة ترميمها حديثاً، حيث كشف الفحص الدقيق للقطعة بأجهزة الأشعة الحديثة عن تكنيك الصناعة كما تقول مشرفة الترميم بالمعمل، والذى كان يقوم به فى الأغلب عمال من الأقزام ذوى أنامل دقيقة تستطيع التعامل مع هذا الكم من القطع الصغيرة من الأحجار والذهب، التى تم جمعها جنباً إلى جنب من آلاف القطع لتشكل القطعة النهائية التى تزين ملابس الملك.