«الوطن» ترصد المراحل النهائية للعمل بالمتحف المصري الكبير: ملوك الماضي «نجوم المستقبل»

كتب: رضوى هاشم

«الوطن» ترصد المراحل النهائية للعمل بالمتحف المصري الكبير: ملوك الماضي «نجوم المستقبل»

«الوطن» ترصد المراحل النهائية للعمل بالمتحف المصري الكبير: ملوك الماضي «نجوم المستقبل»

على بُعد 2 كيلومتر من أهرامات الجيزة العظيمة، حلم طال انتظاره، وأصبح تحقيقه على بُعد خطوات بعد انتهاء أعمال الإنشاءات وبدء وضع القطع الأثرية فى قاعات العرض المتحفى لمتحف هو بوابة التاريخ للعبور نحو المستقبل، إنه المتحف المصرى الكبير، أكبر متحف فى العالم يجمع حضارة واحدة، ليصبح الحلم حقيقة.

سوف تودّع القطع الذهبية للفرعون الشاب توت عنخ آمون معامل الترميم لتستقر فى قاعة بُنيت لتذهل العالم، تعيد إحياء زمن الفرعون الذهبى وتجمع مقتنيات مقبرته، التى تتجاوز 5 آلاف قطعة، للمرة الأولى منذ اكتشاف المقبرة.

تستقر المسلة المعلقة على قاعدتها الفريدة، وتُضاء واجهات الأهرامات الذهبية بأضواء مبهرة على حائط المتحف بعد تطهيره من الرموز المسيئة، ويستعد ملوك الفراعنة لاستقبال زعماء العالم والزوار فى احتفالية لن يرى العالم لها مثيلاً بدأ الإعداد لها منذ عامين ليستقبل ملوك الماضى قادة الحاضر ليشهدوا على عظمة فنان ومهندس وعامل مصرى أعادوا صياغة التاريخ بإلهام من الأجداد.

ونجحوا فى السيطرة على أشعة الشمس لتشرق من جديد على وجه رمسيس مرتين سنوياً بالتزامن مع إشراقها على تماثيل معبده فى أبوسمبل، صنعوا قاعدة فريدة لمسلة هى أول مسلة معلقة فى العالم، جمعوا آلاف القطع الأثرية من المخازن وأعادوا ترميمها بأنامل مرممين مهرة أعادت القطع الأثرية لسيرتها الأولى وكأن المصرى القديم قد فرغ من صناعتها الآن.

«الوطن» كانت شاهدة على المراحل الأخيرة للعمل فى المتحف، حيث تبدأ الزيارة للمتحف من الساحة الأمامية المواجهة للحائط العظيم الذى صُمم على هيئة أهرامات تزينها خراطيش لأسماء ملوك الفراعنة العظام.

مسلة معلقة تم تجميعها من آثار «صان الحجر» تستقبل الزوار بختم الملك رمسيس الثانى وحدائق مدرجة ولوحة «قائمة ملوك سقارة»

ويبدأ الجمهور الزيارة بميدان المسلة المعلقة ذات القاعدة التى تزينها خريطة مصر واسمها بلغات العالم، ليقفوا ويشهدوا عظمة فنان مصرى حفر اسم أعظم ملوك الفراعنة «رمسيس الثانى» على قاعدة مسلته كصك ملكية. تقف المسلة شامخة بعد نجاح مهندسى المتحف المصرى الكبير فى تحقيق المستحيل وتجميع المسلة التى تم جلبها من منطقة صان الحجر بمحافظة الشرقية التى تُعتبر إحدى عواصم مصر القديمة عام 2018.

مساعد وزير السياحة: زوار المتحف سيشاهدون المجموعة الكاملة لآثار وكنوز توت عنخ آمون فى مكان واحد لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته

وقال الدكتور الطيب عباس، ‏مساعد وزير السياحة والآثار للشئون الأثرية بالمتحف المصرى الكبير: كانت المسلة على ثلاثة أجزاء منذ مئات السنين، تم جمعها وترميمها بالمتحف، وحرص المشرف العام على المتحف المصرى الكبير، اللواء عاطف مفتاح، صاحب فكرة وتصميم وضعها كمسلة معلقة على قاعدة مرتفعة عن سطح الأرض، على أن يكون التصميم فريداً من نوعه فى العالم، بحيث تكون المسلة معلقة على أربعة أعمدة، مع مراعاة الأحمال والاهتزازات على جسم المسلة، وتم تصميم القاعدة بشكل هندسى فريد من نوعه فنياً وأثرياً، بالتعاون مع مكتب استشارى إنشائى متخصص لدراسة الهيكل الإنشائى للميدان وتوزيع تلك الأحمال بما يتناسب مع وزن المسلة والحفاظ عليها.

وتابع «عباس»: «توجه المسلة الزوار إلى الصالة الرئيسية المعروفة باسم البهو العظيم، والتى تأخذ الزوار إلى عالم من الإبهار وكأنهم عبروا عبر بوابة الزمن، حيث يرحب بهم تمثال الملك رمسيس الثانى المحاط بالمياه، الذى يبلغ وزنه أكثر من ثمانين طناً، واستقر فى محله بعد سنوات ظل فيها منتظراً الافتتاح. على يمين المشهد درج عظيم يحوى 165 قطعة أثرية متفردة لملوك مصر، حيث يصطحب الزائر فى رحلته صعوداً التماثيل المقسمة طبقاً لسيناريو عبر أربع مراحل تُبرز الملكية فى مصر القديمة عن طريق التماثيل الضخمة لملوك مصر العظام والشارات الملكية والتيجان التى كان يرتديها ملوك مصر، ثم الجزء الخاص بتكريس الملوك لمعابد مختلفة جداً فى مصر على مر العصور، أما المرحلة الثالثة فيلخص سيناريو العرض فيها علاقة الملك بالمعبودات المختلفة طوال العصور المصرية».

وفى المرحلة الأخيرة يتابع الزائر اكتمال الرحلة الأبدية بالتوابيت وموائد القرابين المختلفة. إلى جانب الدرج تصطف التماثيل العشرة للملك سنوسرت، ولوحة «قائمة ملوك سقارة» الشهيرة، وأمامه يقف عمود النصر للملك مرنبتاح الذى يؤرخ لانتصارات الملك على الأعداء والذى أنقذه المتحف بعد سنوات كان فيها مهملاً، بالإضافة إلى تمثالين من ملوك العصر البطلمى من نتاج الآثار الغارقة.

ومن هذا المكان يبدأ الزوار رحلتهم لاستكشاف التاريخ المصرى العريق داخل القاعات الرئيسية من خلال آلاف القطع الأثرية الفريدة، كما سيشاهد زوار المتحف المجموعة الكاملة لآثار وكنوز الملك توت عنخ آمون فى مكان واحد لأول مرة منذ اكتشاف مقبرته الشهيرة.

وأضاف «عباس»: يضم المتحف فى قاعاته المختلفة آلاف القطع الأثرية الفريدة، التى يرجع تاريخها لآلاف السنين، ويعكس المتحف التنوع الكبير فى التاريخ والثقافة المصرية ليقدم تجربة ممتعة للزوار تتسم بالإبداع والمعرفة من خلال الدمج بين الثقافة والترفيه وأساليب التعلم المتقدمة والعديد من الخدمات الأخرى، التى تمكِّن الزوار من التعرف على ماضى مصر العريق، والمشاركة فى مستقبلها الواعد.

وعن أقسام المتحف عند افتتاحه، قال مساعد وزير السياحة والآثار للشئون الأثرية: يعتقد البعض أن المتحف مخصص لآثار توت عنخ آمون فقط، وهو أمر غير صحيح، فإلى جانب قاعة توت عنخ آمون التى انتهى العمل بها وتضم أكثر من 5400 قطعة أثرية هى إجمالى ما تم العثور عليه بمقبرته، وتم نقلها إلى قاعة توت المبهرة والمصممة وكأنها جزء من عالم البعث والخلود بأحدث أساليب العرض التكنولوجية، والتى لم يُشهد لها مثيل ليس فى مصر فقط بل فى العالم.

سيضم المتحف المصرى الكبير 3 قاعات كبرى أخرى تؤرخ للحضارة المصرية منذ عصور ما قبل التاريخ، انتهاء بالعصر اليونانى والرومانى، وكل ذلك فى 12 معرضاً مختلفاً تحملنا فى رحلة للحياة الأخرى عند المصرى القديم، كما يضم المتحف متحفاً للأطفال، ومساحة للمعارض المؤقتة، ومكتبة، ومركزاً تعليمياً، بالإضافة إلى مركز لترميم الآثار، مزود بأحدث التقنيات العلمية. ويشتمل المتحف أيضاً على مكاتب، ومسرح كبير، وقاعة مؤتمرات، ومنطقة للأنشطة التجارية، ومطاعم فاخرة.

أما الجزء الخارجى من المتحف فيشتمل على مجموعة من الحدائق، من بينها حديقة المنحوتات، وحديقة النباتات المدرجة ذات التصميم الفريد، التى اختيرت نباتاتها بعناية لتكون نفس النباتات التى حرص المصرى القديم على زراعتها وكان بعضها فى صحبته فى عالمه الآخر، وحديقة النخيل التى وضع فسلاتها منذ سنوات أبناؤنا من ذوى الهمم لتنمو وتُظل الزائرين.

 


مواضيع متعلقة