على الرضا الجعفري يكتب: قيمة الأخلاق عند أهل البيت عليهم السلام

على الرضا الجعفري يكتب: قيمة الأخلاق عند أهل البيت عليهم السلام
- قيمة الأخلاق
- آل البيت
- الإمام على زين العابدين
- الإمام الحسين
- قيمة الأخلاق
- آل البيت
- الإمام على زين العابدين
- الإمام الحسين
إن حياة الإمام زين العابدين عليه السلام وسيرته الطاهرة مليئة بمكارم الأخلاق وهى تشكل قسماً مهماً من بحر فضائله ومكارمه، فكان الإمام عليه السلام خير دليل وأسوة للإنسان الصالح ومن أفضل النماذج للبشرية ككل فى طريق الخير والسعادة فى الدنيا والآخرة مقتدياً برسالة جده الحبيب المصطفى، صلى الله عليه وآله وسلم ورسالته السمحة يقول فيه أحد الشعراء:
من ذا يكافئ زهرة فواحة أو من يثيب البلبل المترنما
فينبغى للإنسان بصورة عامة وللمسلم بصورة خاصة أن يكون كباقة ورد عطرة وأن يخدم الإنسانية دون توقع مكافأة من الناس له وأن يكون عمله خالصاً لوجه الله، كما ورد فى القرآن عن أهل البيت عليهم السلام.
(إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً)
وأن يحب الناس وإذا ما أُسىء إليه قابل هذه الإساءة بالعفو والإحسان، فإن النبى صلى الله عليه وأهل بيته كانوا يغضون الطرف عن الذنب ويُحسنون إلى المذنب وهذه من مزايا أهل البيت عليهم السلام وأن المجرم فى عالم اليوم إن لم يلتزم بمنطق القانون، فإنه يجبر بالقوة من أجل المحافظة على حقوق الآخرين، أما فى سيرة أهل البيت عليهم السلام الأخلاقية فإن المجرم يقوم ويعدل سلوكه ليكون عنصراً بناءً لا هادماً فى مجتمعه، فسياستهم عليهم السلام هى سياسة اللين واللاعنف والأخلاق الطيبة، فقد نقل عنهم قولهم: من لان عوده كثفت أغصانه. ولهذا فكان الناس يتجمعون حولهم ملتمسين الهدى والحكمة والموعظة الحسنة فإنهم حملوا رسالة المحبة إلى الناس أجمعين وبيّنوا أن معالم الدين قائمة المحبة والتسامح واللطف وتلك كانت سيرتهم حتى مع من عاداهم وكان الإمام زين العابدين غصناً من أغصان هذه الشجرة النبوية العظيمة المورقة والتى تفىء بظلالها على رؤوس الخلق إلى أبد الآبدين وقد كانت أخلاقه الطيبة مدرسة للأجيال، فكان سلوكه المحبة والرأفة حتى مع من نصب له ولأهله العداء فبعد مذبحة كربلاء، ثار أهل المدينة على الأمويين ولم يجد مروان بن الحكم ملجأ ولا ملاذاً لأولاده غير الإمام زين العابدين بن الحسين الذى قتلوه هم، فما كان من الإمام زين العابدين إلا أن ضمهم إلى أولاده وبلغهم مأمنهم وحماهم من البطش بهم وأحسن إليهم ولا عجب فى التصرف فإن لم يفعل هذا، فمن ذا يفعله حتى قال الفرزدق فى حقه وحق أهل البيت عليهم السلام:
«إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم وإن قيل من خير أهل الأرض قيل هموا»، نعم كان الإمام زين العابدين رمزاً للتسامح والتواضع لله وهو القائل: «اللهم صل على محمد وآل محمد ولا ترفعنى فى الناس درجة إلا حططنى عند نفسى مثلها ولا تحدث لى عزاً ظاهراً إلا أحدثت لى ذلة باطنة عند نفسى بقدرها).
وقد قال ابنه الإمام الباقر: أوصانى أبى فقال: يا بنى لا تصحبن خمسة ولا تحادثهم ولا ترافقهم فى طريق، فقلت جعلت فداك يا أبه، مَن هؤلاء؟؟ قال: لا تصحبن فاسقاً فإنه يبيعك بأكلة فما دونها فقلت يا أبه فما دونها؟؟ قال: يطمع فيها فلا ينالها فقلت مَن الثانى؟؟ قال: لا تصحبن البخيل فإنه يقطع بك فى ماله أحوج ما كنت إليه. فقلت مَن الثالث؟؟ قال: لا تصحبن كذاباً فإنه بمنزلة السراب يبعد القريب ويقرب البعيد، فقلت ومَن الرابع؟؟ فقال: الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك. قلت فمَن الخامس؟؟ قال: لا تصحبن قاطع رحم فإنى وجدته ملعوناً فى كتاب الله.
كان هذا جزءاً من سيرته العطرة وقطفة من شجرة أهل البيت المثمرة التى تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها، فالسلام على سيدى زين العابدين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الأطهار وصحبه الأخيار، ما أظلم ليل وأشرق نهار وسبحان ربك، رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.