الخطاب الإعلامى قبل الدينى

حينما ترى البعض من الإعلاميين كل صباح ومساء ينال من ثوابتنا، وتراثنا وعلمائنا، يزداد المرء حيرة وتصاب الرؤوس بالدوار، ومع يقينى أن هذا الدين له رب يحميه، فإننى فى غاية الألم النفسى مما أشاهد وأسمع من استهتار ضد تعاليم ديننا التى نقلت إلينا بصدق، وكنت لا أود ذكر أسماء فهذا منهجى الذى أسير عليه إلا أن المسألة قد ازدادت عن حدها وبلغ السيل الزبى بسبب ما ينثره المغرضون من نقض لا نقد لتعاليم ربنا ورسولنا وعلمائنا!! لذا لا بد من ذكر هؤلاء لعل الناس يتنبهون لما يقولون، ويطعمون أنفسهم بمضادات حيوية فكرية بسبب ما يلقى من أفواههم من ميكروبات لفظية، وفكرية، وإلا فليخبرنا العقلاء ممن يقولون بحرية الفكر والتنوير: هل من الحرية والتنوير أن نسمع فى مدة يوم أو يومين أعداداً مهولة من هؤلاء الذين يملكون جزءاً من ناصية الإعلام ليقذفوا قيمنا دون استحياء؟ وما معنى أن تخرج بالأمس فريدة الشوباشى لتقول إن الحجاب ليس فريضة إسلامية ولكن هو من صنيعة الإخوان؟!!! وكأن الإسلام هو الإخوان، والإخوان هم الإسلام!، ونحن نسأل سعادتها: هل تظنين أن الناس فى مصر صاروا مغفلين لدرجة أن حضرتك تتلاعبين بقيمهم، وموروثهم الدينى لتصلى لمرادك؟ وهل الرسول الذى بلّغ بفرضية الحجاب نساءه ونساء المؤمنين كان إخوانياً ونحن لا نعرف؟! هل العبط الفكرى وصل بكم إلى هذا الحد؟! نسأل الله لكم الهداية، ثم لو ذهبنا إلى السيد إبراهيم عيسى لوجدناه يدّعى أن الرئيس يقصد بالثورة الدينية فى خطابه: الثورة على كتاب البخارى، الذى يراه «عيسى» أنه «كتاب هايف»، وهنا نسأل سؤالاً لكل المسئولين فى الدولة هل إبراهيم عيسى صار متحدثاً رسمياً باسم السيد الرئيس؟ وهل من حقه أن ينسب للرئيس ما لم يقل؟ ألم يعلم إبراهيم عيسى أننا سمعنا الرئيس، ولم نره يتهجم على «البخارى» ولا غيره من الأئمة، إنما طلبه كان واضحاً، فقال بالنص: (أنا أقصد تجديد الفكر وليس المعتقد)، فأين هجوم الرئيس على «البخارى»؟ وإذا كان لـ«عيسى» موقف يلتقى مع مواقف شيعية تجاه «البخارى» فهل يليق أن يورط الرئيس فى مشاكل هو والبلد جميعاً فى غنى عنها؟! ومن الذى أعطى له الحق فى أن يكون مفسراً لكلام رمز البلد؟ على كل حال لا بد من إيقاف هذه المهازل التى يقوم بها هذا الإعلامى بدءاً من تقولاته على الأزهر اليومية وانتهاءً بما ادعاه على الرئيس، وليعتبر هذا بلاغاً منا، وإذا انتقلنا إلى جريدة «اليوم السابع» نرى سيد حجاب يترك شعره ويلملم فكره لكى يقذف الأزهر ويقول: «هو سبب تدمير مصر»، ولا نرد عليه إلا بكلام مفتى البوسنة، وفى نفس العدد من الجريدة حيث قال: «الأزهر هو منارة العلم، وهو سند الأمة الإسلامية فى دفع شبهات المتطرفين.. إلخ»، ثم نرى أيضاً كاتبة فى جريدة «الوطن» الغراء تتهجم على الإمام الأكبر، وتكتب مقالاً تسميه (سلطان العمامة) وفى المقال لا تحترم العمامة الرمز، ولا علم الإمام، ولا رسالة الأزهر، بل تنفى أن يكون هناك للمسلمين إمام أكبر، وتستفسر هل «أبوبكر» كان شيخاً؟ و«الشافعى» كان إماماً أكبر؟ وتدعى أن الإمام لم يدرك رسالة الرئيس! ثم تعرضت للمناهج كعالمة مناهج، ومنظّرة للفكر الدينى بوجه عام! ومقال بهذا الأسلوب ضد الأزهر وإمامه يكتفى بالقول لكاتبه سلاماً، ولا يرد عليه، لأنه مستفز فقط، ولا يحمل رؤية بنّاءة مفيدة. هذه نماذج رصدناها فى يومين فقط، وهى تدق ناقوس الخطر فى تفكك أواصر المجتمع وقيمه، وتنبه المسئولين فى كل اتجاه لخطورة هذا النهج الإعلامى الجديد فى التطاول على الشرع والرموز، ومن ثّم لا بد من تصحيح وتجديد مسار الخطاب الإعلامى قبل الدينى، وأن يلتزم الجميع بالحفاظ على المصالح العليا للبلاد، ولا يصح أن نطالب الأزهر والعلماء بتجديد خطاب دينى والخناجر الإعلامية تطعن فى صدور كبار علمائه يومياً، وإلى الله المشتكى.