عالم جلال الدين الرومي الروحي.. واحة للتسامح بين الأديان وله حضور خاص في الأدب العالمي

كتب: إلهام زيدان

عالم جلال الدين الرومي الروحي.. واحة للتسامح بين الأديان وله حضور خاص في الأدب العالمي

عالم جلال الدين الرومي الروحي.. واحة للتسامح بين الأديان وله حضور خاص في الأدب العالمي

يظل مولانا جلال الدين الرومى صوتاً خاصاً، واسماً بارزاً، فى الثقافة العالمية، كونه صاحب تجربة إسلامية منفتحة على الإنسانية، بأفكاره المنشورة عبر أشعاره وكتاباته، ولعل من أبرزها كتاب «مثنوى» بأجزائه الستة، كذلك «قواعد العشق الأربعون»، التى أسهمت فى تقديم صورة جميلة عنه، وكذلك استدعاؤه التصوف كغذاء روحى للإنسان، حيث يتميز مولانا بأن لغته سهلة نسبياً عن كبار المتصوفة.

«سالم»: تجربته في التصوف غذاء للروح

د. أحمد سالم، أستاذ الفلسفة الإسلامية فى جامعة طنطا، أكد لـ«الوطن» أن الحاجة إلى مولانا الرومى والتصوف بصفة عامة تلبى الحاجة إلى الانتقال من إيمان الجوارح الجامد إلى الإيمان الحى، ومن إيمان الشعائر والطقوس والعادة إلى إيمان اليقين القلبى، كما قدّمت الكاتبة التركية إليف شفق صورة جميلة للرومى فى رواية «قواعد العشق الأربعون»، التى أسهمت فى حبه وبدأ الشباب والمثقفون فى الاهتمام بكتابات الرومى على نطاق أوسع.

قال «سالم» إن «الرومى» كان مفتاحاً للتسامح والانفتاح مع الأديان السماوية والمعتقدات البشرية، و«الرومى» يكتسب خصوصية، لأنه أتى فى مرحلة متأخرة من تحلّل الحضارة العربية الإسلامية، وكانت رؤيته تنطلق من بناء الفرد لبناء مجتمع قوى.

وتحدّث عن مكانة «الرومى» فى الثقافة العالمية: له مكانة فى الثقافة العالمية، ويعتبر ضريح «الرومى» مزاراً سياحياً كبيراً يزوره السياح من جميع أرجاء العالم ومن مختلف الطوائف، كما نجد اسمه بارزاً فى الأدب الألمانى، بل إنه شخصية مركزية فى الثقافة الغربية بصفة عامة، إذ إن التجربة الروحية له تجربة مؤثرة فى ثقافات الآخرين، ليست بوصفها تجربة إسلامية، ولكنها تجربة إنسانية عالمية، وقد تم عمل الكثير من الدراسات عن تأثير «المثنوى» فى الآداب العالمية، ونجد «آن مارى شميل» المستشرقة الألمانية منحت جزءاً كبيراً من حياتها فى دراسة «الرومى» وتأليف كتب عنه.

فتوح: يجب استثمار ميراثه الفكري والسلوكي في تجديد الخطاب الديني ومقاومة الإلحاد

وقال د. تامر فتوح، الباحث الشرعى فى دار الإفتاء: إن مولانا الرومى كان وما زال أيقونة فى الثقافة العربية والإسلامية، بل والعالمية أيضاً؛ إذ كان يبحث فى حقيقة الإنسان وفى الدين نفسه كطريق موصّل إلى معرفة الله، هذه المعرفة التى تُعد هى الغاية التى تطمح إليها النفس الإنسانية فى سعيها نحو تحقيق الكمال الإنسانى، ومن ثم الانسجام والسلام النفسى والكونى، وقد تمثَّل «الرومى» الدين كحقيقة واقعية لا مجرد مظاهر شعائرية، وتحقق بإنسانِه إلى أعلى درجات التحقّق والوعى والسمو.

وأشار «فتوح» إلى أنه يمكن استثمار تجربة «الرومى» الفكرية والإبداعية والسلوكية فى تجديد الخطاب الدينى، ومقاومة أفكار الإلحاد فى الوقت الحالى، من خلال التعرّف على حقيقة الأديان عبر كتابات وأفكار «الرومى» التى تغوص على المعنى، وإبراز الجانب الروحى فى الدين كأصل أصيل، وهو ما يجعله قدوة حسنة للشباب، وبالتالى يمكن معرفة الإنسان بنفسه والعالم كذلك، من خلال الحالة السامية التى عبّر عنها مولانا جلال الدين الرومى، سواء فى المثنوى أو غيره من كتاباته.. ومن عرف نفسَه عرف ربه.

بدوره، قال د. محمود الضبع، أستاذ الأدب العربى بجامعة قناة السويس، إن اللغة صوفية رمزية، ومن بين كبار المتصوفة يتميز جلال الدين الرومى بأن لغته سهلة نسبياً عن كبار المتصوفة، مثل محيى الدين بن عربى والحلاج، وبالتالى تأثيره يكون أسرع، فمثلاً يقدم «الرومى» الاعتقاد فى المثنوى فى صورة حكى مع الطيور أو بين الطيور وبعضها، مضيفاً: «الصوفية من خلال الرومى كانت تجدّد روح الدين، إذ إن التصوف يقدم قراءة مختلفة للإسلام، من خلال التجارب الفردية للمتصوفة، وكان يؤمن بنسبية الحقيقة.

وأوضح: الفقه يعلم الإنسان كيف يؤمن، ويؤدى الطقوس؟، ولكنه لا يعلم الإنسان لماذا يؤمن بالأساس، وما الحاجة إلى وجود الله فى القلب، وما تأثير وجود الله فى القلب؟، وكل هذا موجود فى صفحات «الرومى» والصوفية، إن الإيمان مسألة شخصية فى علاقة الفرد بربه، ووعى الإنسان بذاته وبالآخرين وبالعالم، وبالتالى فالتصوف يقدّم رؤية منسجمة ورؤية قائمة على التسامح، لأن الإيمان فى التصوف علاقة وجدانية.


مواضيع متعلقة