أستاذ دراسات بيئية: مصر بحاجة للتحلية حتى لو كانت مياه النيل تغطي احتياجاتنا

أستاذ دراسات بيئية: مصر بحاجة للتحلية حتى لو كانت مياه النيل تغطي احتياجاتنا
أكدت الدكتورة إيناس أبوطالب، أستاذ معالجة المخلفات السائلة والدراسات البيئية، رئيس جهاز شئون البيئة السابق، أن مصر بحاجة لتحلية مياه البحر بغض النظر عن قلة المخصصات المائية أو الفقر، حيث إنه لا يمكن الاعتماد على مصدر واحد للمياه، لا سيما أن مصر مرشحة للنمو الاقتصادى بصورة كبيرة.. وإلى نص الحوار:
إلى أى حد مصر تحتاج الآن لتحلية مياه البحر فى ضوء معدل الفقر المائى الذى وصلنا إليه؟
- مصر بحاجة للتحلية بغض النظر عن الفقر المائى وقلة المخصصات المائية من نهر النيل، لأنه لا يمكن الاعتماد على مصدر واحد للمياه، ومصر من الدول المرشحة للنمو الاقتصادى بصورة كبيرة وهذا يحتاج إلى موارد مائية وموارد بشرية وطاقة، الحمد لله نحن لدينا اكتفاء ذاتى من الطاقة والموارد البشرية التى يمكن توجيهها وتدريبها، ولكن لدينا مشكلة فى الموارد المائية، فلذلك نحن بحاجة لإيجاد مصادر عديدة للمياه، ليس فقط لأن مخصصاتنا محدودة من مياه النيل ولكن لكى نواكب التنمية المرجوة. وطبقاً للاتفاقيات الدولية والمعاهدات فنحن ملتزمون بالحفاظ على النيل من التلوث وإعادة تدوير المياه، وهذه الإجراءات تتم بكفاءة، ولكننا نهدف إلى تعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة بتحلية مياه البحر لضمان استدامة المشروعات التنموية.
إيناس أبوطالب: مخلفات التحلية تحتوي على عناصر ثمينة يمكن استخدامها في الصناعة
ما التحديات التى تفرضها عمليات تحلية مياه البحر والحاجة للتوسع بها على مصر؟
- تحلية مياه البحر لها شقان، الأول أنها توفر مياه الشرب للأماكن البعيدة عن نهر النيل التى تتطلب توصيل إمدادات لأماكن بعيدة. لكن مثل أى عملية صناعية، فإننا عندما نقوم بعملية التحلية ينتج عنها بعض المخلفات التى لا بد من التعامل معها لمنع تأثيراتها البيئية، كما أن التحلية من الناحية الاقتصادية مكلفة، ونحتاج لاستيراد أغلب مكونات محطات تحلية المياه، هذا فضلاً عن استهلاكها الكبير للطاقة وما يمكن أن ينتج عن ذلك من آثار بيئية أيضاً.
كيف يمكن الحد من السلبيات الناتجة عن التحلية وتحويلها من نقمة إلى نعمة والاستفادة بها؟
- الدولة المصرية تقوم حالياً بإجراءات حثيثة لتوطين تكنولوجيات تحلية المياه وزيادة نسبة المكون المحلى فيها، وبالنسبة لاحتياجات محطات التحلية لمعدلات مرتفعة من الطاقة، أصبحنا نستخدم الطاقة النظيفة وتحديداً الطاقة الشمسية فى محطات التحلية، وفيما يتعلق بالتأثير البيئى السلبى للمخلفات الناتجة عن عمليات التحلية، والمعروفة بـ«البراين»، وهو المحلول شديد الملوحة الذى يتخلف عن عمليات تحلية المياه بنسبة كبيرة، وعلى سبيل التوضيح، فإن معالجة متر مكعب من مياه البحر ينتج حوالى 60% براين، وحالياً تجرى دراسة كيفية الاستفادة منه وتحويله من نقمة لنعمة.
وكيف يمكن الاستفادة من محتويات «البراين»؟
- عندما درسنا مكونات البراين وجدنا أنه يحتوى على عناصر ثمينة، منها «الليثيوم»، وهو مكون مهم جداً فى صناعة البطاريات الكهربائية التى تستخدم للسيارات الكهربائية، وبذلك فإننا نعظم الاستفادة من خلال استخلاص العناصر الثمينة منه واستخدامها فى صناعات أخرى. وذلك علماً بأن تركيزات المعادن الثمينة فى البراين تُعادل 100 ضعف تركيزها فى مياه البحر، ومن ثم فإننا لو قمنا باستخلاصها من «البراين» فإن ذلك يكون أفضل من استخلاصها من مياه البحر.
هل هناك رؤية لعملية استخلاص المعادن الثمينة من «البراين» والاستفادة بها فى الصناعة؟
- فى إطار خططنا التنموية، ينبغى أن يكون هناك ملحق بكل بمحطة تحلية وحدة لاستخلاص هذه المعادن الثمينة من المحلول الملحى الناتج عن عملية التحلية، أو تجميع مخلفات عدد من المحطات وإنشاء مصنع للاستخلاص ويجب أن نُحدد الظروف المثلى لعمل هذه المصانع، بالتوازى مع دراسة تبين كمية المواد التى يمكن إنتاجها منها، وتوطين التكنولوجيات الخاصة بهذه المصانع، خاصة أن التكنولوجيا الخاصة بها ليست سهلة، ويجب دراسة كل ذلك بصورة مفصلة، وهو الأمر الذى سيوفر لنا مواد خام سنحتاجها فى عمليات صناعة البطاريات الكهربائية المستخدمة فى السيارات الكهربائية، وبالتالى فإن الموضوع سيكون متكاملاً ضمن عملية تنمية شاملة.
التأثير البيئي لـ«البراين»
على مستوى العالم كله، كان يتم إرجاع «البراين» للبحر مرة أخرى، بمنظومة توزيع لا تؤثر على البيئة البحرية، وهذا لم يكن يؤثر على البيئة البحرية فيما مضى، لأن عدد محطات التحلية كان قليلاً، لكن مع التغيرات المناخية لم يعد التوازن البيئى للبحار يعود بسهولة، وذلك نظراً لقلة الأمطار العذبة التى كانت تعادل ملوحة مياه البحر، ومع زيادة الاعتماد على تحلية مياه البحر أصبح وجود المحلول الملحى (البراين) له تأثير بيئى شديد، وبالتالى كان لا بد من التفكير فى بديل عن إعادة إلقائه فى البحر مرة أخرى، أو تركه فى برك تجفيف فى الصحراء.