مكافحة التطرف بالإنشاد والتصوف.. «المداح» ياسين التهامي في مواجهة «داعش»

كتب: أحمد عاطف وسعيد حجازى

مكافحة التطرف بالإنشاد والتصوف.. «المداح» ياسين التهامي في مواجهة «داعش»

مكافحة التطرف بالإنشاد والتصوف.. «المداح» ياسين التهامي في مواجهة «داعش»

فى سبتمبر 2014 عاش الشيخ ياسين التهامى أياماً صعبة عصفت بعقله ووجدانه، كان يشعر بأنه يعيش فى عالم متوحش، فارق الحب وخاصم التسامح، بسبب أفعال داعش، وقيام أبى بكر البغدادى الخليفة المزعوم لتنظيم داعش بجمع كتب الفلسفة والتصوف التى تعود إلى سلطان العارفين محيى الدين بن عربى وحرقها.

يقول «الباز» فى كتابه عن حالة الشيخ التهامى: «كان يسأل نفسه كثيراً، لمن أنشد إذا كان كل شىء من حولى لا يكف عن الصراع والخصام والعنف؟ ولمن أوجه قصائدى إذا كان هناك مَن يصر على أن يجعل لغة التفاهم بين البشر هى القتل، ولا شىء سواه؟ وهل أصبح العالم الذى نعيش فيه غابة يأكل فيها مَن ضل مَن اهتدى؟.. كذا بكلمة واحدة يهيل الخليفة المزعوم كل تراب القسوة على تراث طالما نهل منه وأنشد، فقد هام بأربعين قصيدة من قصائد ابن عربى، وتغنى بها، وتمايل المريدون على أنغامها طالبين المزيد، فهل يمكن أن ينتهى الأمر بابن عربى إلى الفناء؟».

من يريد أن يعرف ابن عربي وما قدمه للإنسانية يستمع إليه بصوت التهامي

وبحسب «الباز»، فما تم حرقه هو ما تم العثور عليه فى العراق فقط، وهو ما يعنى التعبير عن موقف متطرف ومتشدد من تراث الإنسانية الروحى، ولم يكن ذلك يعنى أبداً أن الإنسانية حُرمت من تراث الشيخ الأكبر، فتراثه لا يزال موجوداً فى مكتبات العالم وفى صدور من وصلوا إليه وعرفوا قيمته ووثقوا فيما ذهب إليه، كما أنها حاضرة فيما صنعه «التهامى» نفسه وقدمه لجمهوره فى لياليه وحفلاته، وهى كثيرة، وسيكون سهلاً على من يريد أن يعرف ابن عربى وما قدمه للإنسانية أن يستمع فقط إليه بصوت التهامى.

حزن «التهامى» كان لأنه يدرك كم ظُلم ابن عربى فى حياته وكذلك تعرضه للظلم بعد موته، فكان ابن عربى يشبه التهامى كثيراً، فالاتهامات التى لاحقت الصوفى الكبير هى الاتهامات نفسها التى لاحقت المداح الأعظم بعد ذلك عندما أنشد الكلمات التى اعتبرها البعض بجهل شديد وغفلة أشد تفارق صحيح الدين وتعانده.

جمع التهامي على هامش إنشاده بين عبدالقادر الجيلاني وعبدالكريم الجيلي

ويتعانق فى عالم ياسين التهامى اسمان كبيران من أقطاب الصوفية، الأول هو عبدالقادر الجيلانى، والثانى هو عبدالكريم الجيلى، وقد جمع على هامش إنشاده لهما، لما تربطهما من قرابة ونسب، فالجيلى هو حفيد الجيلانى. كان «الجيلى» يرى أن أصحاب الديانات غير السماوية جميعاً يعبدون الله، لكن كل واحد بطريقته الخاصة، ذلك لأن الله خلقهم للعبادة، وبعبادتهم تظهر حقائق الأسماء والصفات الإلهية، ويكون الله متجلياً على جميع مخلوقاته، فيظهر الله فى المراتب الحقية والخلقية، وتصير رحمته عامة فى جميع الموجودات من الحضرة الرحمانية.

وينظر «التهامى» إلى مَن لا يدينون بدين سماوى نظرة الجيلى، تعرف عليهم فى حفلاته خارج مصر، وأدرك عظمة الله فيهم، لأنه كان يجد رد فعلهم واحداً على ما ينشده، وهو ما دله على أن قلوب العباد كلها تسبح فى فلك واحد، وهو فلك يقودهم فى النهاية إلى الله وحده.


مواضيع متعلقة