حكاية جريمة حدائق الأهرام.. «كارت شحن متقطع» يقود لقاتل رجل أعمال

كتب: محمود الجارحي

حكاية جريمة حدائق الأهرام.. «كارت شحن متقطع» يقود لقاتل رجل أعمال

حكاية جريمة حدائق الأهرام.. «كارت شحن متقطع» يقود لقاتل رجل أعمال

المكان: شقة سكنية بمنطقة حدائق الأهرام، غرب محافظة الجيزة.

الزمان: الساعة الثالثة عصر يوم 30 ديسمبر عام 2013.

الحدث: جريمة قتل رجل أعمال في ظروف غامضة، وكارت شاحن ممزق ساعد قوات الشرطة في كشف غموض الواقعة، وسجلت تحريات المباحث وتحقيقات النيابة تفاصيل الواقعة في 4 مشاهد، على النحو التالي:

المشهد الأول

كانت عقارب الساعة تشير إلى الثالثة عصرا، حضر محصل الكهرباء - شاب في العقد الثالث من عمره- إلى عقار سكني، بمنطقة حدائق الأهرام، وطلب من حارس العقار، الصعود إلى الشقة لتحصيل رسوم الكهرباء، واستغرق قرابة 15 دقيقة، حتى وصل إلى الطابق الثالث، وطرق على باب إحدى الشقق، ولم يرد مالكها، فاستعان المحصل بحارس العقار، واستمروا في طرق الباب بعد أن أكد الأخير للمحصل أن مالكها ويدعى «زهير» لم يغادر شقته منذ أمس، مما دفعهما لكسر باب الشقة، بمجرد دخولهما شاهدا مالك الشقة ملقيًا على الأرض في صالة الشقة غارقا في دمائه.. وما هي إلا لحظات وغادر، حارس العقار الشقة واستقل سيارة «تاكسي»، وتوجه إلى قسم شرطة الهرم، الذي يبعد قرابة 10 دقائق من منطقة حدائق الأهرام - مسرح الجريمة - وبمجرد وصوله إلى قسم الشرطة طلب مقابلة رئيس مباحث الهرم، وعقب دخوله مكتبه قال له: « ياباشا.. الحقني.. زهير بيه اتقتل.. اتقتل في شقته عندنا في حدائق الأهرام».

المشهد الثاني

بمجرد ما انتهى كلام حارس العقار، عن تفاصيل البلاغ، توجه رئيس المباحث إلى مكتب معاوني مباحث القسم، وطلب منهم التحرك إلى مكان البلاغ، وأثناء التوجه إلى مكان البلاغ، أجرى رئيس المباحث اتصالا هاتفيا بـ«اللواء محمود فاروق» مدير المباحث الجنائية، آنذاك، أخبره بتفاصيل البلاغ، قائلا: «يا فندم عندنا بلاغ بالعثور على رجل مقتول داخل شقته في منطقة حدائق.. وانا رايح أفحص البلاغ».. ودقائق ووصلت القوات إلى مكان الواقعة - مسرح الجريمة - وفرضت كردونا أمنيا في محيط البلاغ وهو عقار مكون من 5 طوابق.

وتبين أن الجريمة وقعت في إحدى الشقق السكنية بالطابق الثالث، وصعد رئيس المباحث، وحضر اللواء محمود فاروق، ومحقق النيابة، والأدلة الجنائية، وبمجرد دخول الشقة بدأ المحقق في إجراء المعاينة ومناظرة الجثمان، وجاءت كالتالي: «مسرح الجريمة عبارة شقة سكنية في الطابق الثالث تقع على يسار الأسانسير، مكونة من 3 غرف وصالة ومطبخ و2 حمام، تبلغ مساحتها 210 أمتار»، وعثر على المجني عليه، غارقا في دمائه ملقى في صالة الشقة، وتبين أنه يرتدي بنطلونا لونه أسود قماش، وقميص أزرق اللون، ومصاب بحرج ذبحي في الرقبة، و3 طعنات في الظهر، مما يشير إلى أن الجاني - المجهول - تخلص منه بسلاح أبيض، وأيضا تبين سلامة منافذ الشقة؛ مما يؤكد أن المتهم دخل الشقة بطريقة مشروعة، وكان يجلس مع الضحية في صالة الشقة وقام بمغافلته وتخلص منه، وبفحص الشقة عثر على سلاح الجريمة - سكينا مطبخ عليه آثار دماء وملقى تحت الكنبة بالشقة، وأيضا تبين اختفاء هاتف الضحية، وحافظة نقوده»، وعقب الانتهاء من مناظرة الجثمان، قرر محقق النيابة آنذاك، عرض الجثة على الطب الشرعي لتشريحها لبيان أسباب الوفاة، والتصريح بدفن الجثة، وطلب تحريات المباحث حول الواقعة، واستدعاء أسرة الضحية لسماع أقوالها حول الواقعة.

المشهد الثالث

بينما كان محقق النيابة يعاين مسرح الجريمة، ويناظر الجثمان.. كان اللواء محمود فاروق يفحص مسرح الجريمة، ورئيس مباحث الهرم يناقش حارس العقار الذي أكد له: «أن الضحية مقيم في الشقة منذ 6 أشهر وليس له خلافات أو عدوات مع أحد، وأن هناك عددا من الأشخاص يترددون على الشقة، بصحبة المجني عليه، هو لا يعرفهم أو يعرف أي معلومات عنهم».

انتهى ضباط المباحث، ومحقق من معاينة مسرح الجريمة، ومناظرة الجثمان، وتوجهت القوات إلى قسم شرطة الهرم، واستعرض اللواء محمود فاروق، خطة البحث والتحري لكشف ملابسات الواقعة التى جاءت كالتالي: «فحص علاقات الضحية، تتبع هاتف المجني عليه، ومناقشة حارس العقار ورواد المنطقة للوصول إلى أي معلومات عن شخص غريب عن المنطقة - ظهر في مسرح الجريمة بالتزامن مع وقوع الحادث».. وبدأ فريق البحث تنفيذ خطة البحث، واستمر قرابة 10 أيام ولم تتمكن القوات من الوصول إلى أي معلومات، غير أن الضحية ليس له معلومات أو خلافات تستدعي ارتكاب جريمة قتل، وأن سمعته طيبة في المنطقة.

لم ينتهِ البحث عن المتهم بالقتل عند هذه المعلومات، إذ تحرك اللواء محمود فاروق إلى مسرح الجريمة مرة أخرى، وبدأ في فحص الشقة، حتى شاهد وجود كارت شحن ممزق يحمل شبكة مختلفة عن رقم الضحية، مما يشير إلى أن كارت الشحن خاص بشخص - غريب - وجمع اللواء فاروق كارت الشحن الممزق واستعلم من الشركات المختصة، وتمكنت عن طريق الأجهزة الفنية من تحديد رقم الشخص ومكانه، وتبين أنه مسجل خطر، وأنه من محافظة البحيرة، وكان يعمل دليفري في منطقة حدائق، وتبين أختفاؤه، في وقت معاصر للجريمة.

المشهد الرابع

عقب تحديد هوية الشاب المشتبه فيه بارتكاب الواقعة، وتم عرض المعلومات على محقق النيابة، وأصدر قرارا بضبطه وإحضاره لمناقشته حول ما ورد في التحريات، وتقرير شركات الاتصالات، وانطلقت مأمورية من المباحث، وتمكنت من ضبط المتهم في مسقط رأسه بمحافظة البحيرة، وتم اقتياده إلى قسم شرطة الهرم، ومثل المتهم أمام اللواء محمود فاروق، واعترف بتفاصيل الواقعة، وقال في محضر الشرطة: «إنه كان يتردد على المجني عليه ويقوم بتوصيل له طلبات دليفري، وأنه علم بثرائه ويقيم بمفرده، وأثناء توصيل وجبة بيتزا له، طلب منه استخدام الحمام، وأثناء ذلك قام بمغافلة الضحية، واستل سكينا من مطبخ الشقة وسدد له عدة طعنات في الظهر والرقبة حتى فارق الحياة، ثم استولى على هاتفه وحافظة النقود، ودخل الحمام ونظف ملابسه وتناول وجبة الغداء، وشحن رصيد له، وغادر مسرح الجريمة بعد قرابة 8 ساعات.. «بس ده كل اللي حصل».. ما جاء على لسان المتهم، في محضر الشرطة، أكده أمام النيابة العامة، والمحكمة أثناء محاكمته، وأصدرت المحكمة في وقت سابق قرارًا بإعدامه، ونفذت الجهات المختصة حكم الإعدام على المتهم.


مواضيع متعلقة