دراسة: الطبيعة الجغرافية للمناطق العشوائية تصعب السيطرة الأمنية عليها

كتب: محمد مجدى ومحمد الأبنودى

دراسة: الطبيعة الجغرافية للمناطق العشوائية تصعب السيطرة الأمنية عليها

دراسة: الطبيعة الجغرافية للمناطق العشوائية تصعب السيطرة الأمنية عليها

استعرضت الدراسة العلمية التي أعدّها المجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية بالمجالس القومية المتخصصة، التابع لرئاسة الجمهورية، حول ظاهرة العشوائيات فى مصر، وانفردت "الوطن" بنشرها، المظاهر المجتمعية السائدة فى «التجمعات العشوائية»، إذ أشارت إلى عدة عوامل تؤدى إلى صعوبة السيطرة الأمنية عليها، أولها ضيق الطريق الذى لا يسمح بمرور سيارات الأمن، وإحجام سكان المناطق العشوائية عن اللجوء للشرطة، قائلة: «نظراً لانتقال سكان المناطق العشوائية إلى بيئتهم الجديدة بشكل مفاجئ وإجبارى، وانتشار أعمال البلطجة والعنف فى البيئة الجديدة، وإحساس هؤلاء بالقصور الأمنى، تولد لديهم شعور بالقهر وتقبل الظلم الواقع عليهم من جيرانهم، وعدم الإبلاغ عن بعض الجرائم وقبول التسوية السلمية، وتسامح المتضررين قسراً خوفاً من البطش الذى قد يقع عليهم فى حالة قيامهم بالإبلاغ». ولفتت إلى أن عدم وجود خرائط مساحية دقيقة للمناطق العشوائية نتيجة التغيرات السريعة لها من حيث زيادة مساحتها وتطويرها بإقامة مساكن جديدة بها، هو أمر يجعل جهاز الأمن يواجه صعوبة بالغة فى وضع خطط أمنية كفيلة بفرض السيطرة الأمنية على تلك المناطق، فضلاً عن صعوبة وجود حصر دقيق لسكان المناطق العشوائية، لأنه عندما تتاح فرصة لأحد سكانها للانتقال لمنطقة أخرى أكثر رقياً فلا يتوانى عن الانتقال إليها فوراً، إضافة إلى التوسعات المستمرة فى تلك المناطق ونزوح سكان جدد إليها باستمرار. وأشارت إلى إمكانية عدم توافر معلومات عن التاريخ الإجرامى لسكان المناطق العشوائية، بسبب نزوح أعداد كبيرة من سكان القرى والنجوع إليها، وعدد منهم من ذوى الأنشطة الإجرامية المختلفة، ويلجأ بعضهم إلى الإقامة فى تلك المناطق مستتراً وراء اسم آخر، أو إلى استخراج بطاقة شخصية بهذا الاسم الجديد بوسيلة غير مشروعة. وأوضحت أن تلك البيئة مشجعة للفكر المتطرف نتيجة لسوء الأحوال المعيشية وانخفاض المستوى الاقتصادى لسكان المناطق العشوائية، والحرمان من أغلب الخدمات والمرافق ما قد يولد شعوراً بالإحباط والحقد على المجتمع، مما قد يجعل بعض شباب تلك المناطق فريسة سهلة لمروجى الأفكار المتطرفة والداعين إليها، وبالتالى يدفع هؤلاء نحو القيام بأعمال إرهابية. وأكدت أن واقع الجوانب الصحية فى تلك المناطق يؤكد وجود تقاعس فى مواجهة أزماتها، حيث نقص فرص الحصول على مياه نقية، ووجود صرف صحى متهالك، ونقص فى التغذية، وتزايد نسبة الإصابة بالأمراض المعدية والأوبئة الفتاكة نتيجة التكدس والتلوث المحيط، وتدهور الأوضاع المادية لساكنى العشوائيات، مع تزايد نسب الوفيات وبخاصة حديثو الولادة والأطفال حتى 5 سنوات، وكذلك وفيات الأمهات. ولفتت إلى نقص أعمار الرجال بتلك المناطق مما يتسبب فى شيوع الإعالة للأرامل، والمسنات خاصةً، مع زيادة نسبة الأمراض المعدية خاصةً الحصبة، وإسهال الصيف، مضيفة: «وإن كانت المجموعات المرضية المزمنة تمثل حجم العبء المرضى فى مصر، إلا أن المراجع تشير إلى أن هذا العبء يتضاعف فى المناطق العشوائية حيث أمراض القلب والدورة الدموية تمثل 19.5%، وأمراض الجهاز الهضمى 10%، والأمراض العصبية والنفسية 6.6%، والحوادث والإصابات 8%». ولفتت إلى أن وزارة الصحة تقدم عدداً من الخدمات لأهالى العشوائيات، ففى حالة إمكانية تدبير مكان يصلح لتقديم خدمة صحية تقوم الوزارة بتوفير التجهيزات الأساسية فيها وتدعيمها بفريق صحى، أما إذا كانت المنطقة بتعداد سكنى أقل من 5 آلاف نسمة ولا يمكن إنشاء وحدات بها؛ فيتم تقديم الخدمة عبر القوافل الطبية الشاملة طبقاً لبرنامج زيارات محدد يتم الإعلان عنه مسبقاً، أما فى حالة وجود خدمات صحية مقدمة من القطاع الخاص أو الجمعيات الأهلية فتتعاون معها الوزارة، حيث يتم دعم هذه الجهات عن طريق توفير المعايير القياسية للخدمة مع الاهتمام بفرص التدريب». وأشارت إلى معاونة الوزارة بالتنسيق مع جهات حكومية وغير حكومية لتقديم خدمات تنموية، ومساعدة الأسر فى الحصول على قروض صغيرة لمشروعات صغيرة ومتناهية الصغر. وعن الأوضاع الأسرية الاقتصادية والاجتماعية داخل العشوائيات، قالت إن أنماط الدخل والإنفاق تتنوع داخل الأسرة الواحدة، بحيث يكون مصدر دخل الأسرة بطرق مشروعة أو غير مشروعة عبر الاعتماد فى الدخل على عمل أكثر من فرد بالأسرة، وقيام رب الأسرة بأكثر من عمل، والتسول فى الشارع، والمساعدات الأهلية التى قد يقدمها بعض الأفراد والجمعيات الأهلية لهذه الأسر الفقيرة، والمساعدات الحكومية التى تقدمها الوزارات والهيئات الحكومية مثل وزارتى التأمينات والشئون الاجتماعية، والأوقاف، إلا أنها أشارت إلى أنه على الرغم من تعدد مصادر الدخل، فإنه يظل فى مجموعه منخفضاً لكبر حجم الأسرة وارتفاع أسعار السلع. أما عن المستوى المهنى فإنه يتسم بالتدنى عبر عمل الرجال فى القطاع غير الرسمى غير المستقر، مما يعرضهم للبطالة فى معظم فترات العام، لذا فإنه تنتشر البطالة ونسبة العاطلين، مما دعا البعض إلى ممارسة أعمال غير مشروعة مثل السرقة وتجارة المخدرات أو النصب والاحتيال على الآخرين. وعلى المستوى الغذائى، لفتت إلى أن ساكنى المناطق العشوائية الفقراء يلجأون لشراء الأصناف الغذائية متدنية الأسعار، ويعتمدون بشكل دائم على النشويات والبقول والبدائل زهيدة الثمن، مردفة: «الإنسان الفقير لم يقف عند هذا الحد بل يكتفى فى العديد من التجمعات العشوائية بوجبة واحدة أو وجبتين كحد أقصى يومياً من منطلق التوفير وليس الاكتفاء الذاتى». وأفادت الأبحاث العلمية -حسب الدراسة- فى مجال كساء الأسرة والطفل فى الطبقات الفقيرة أنه لا يوجد لدى هؤلاء الأفراد ملابس تتغير بتغير المناسبات والأجواء، كما أن الأمهات لا يحرصن نتيجة الفقر على توفير ملابس ثقيلة للأطفال أثناء فصل الشتاء، مما يعرضهم للإصابة بنزلات البرد، ويملك الطفل قليلاً من الملابس الداخلية المهلهلة. وأوضحت أن العلاقات الاجتماعية تتلخص فى فقدان الحياة الأسرية لخصوصيتها، قائلة: «أصبحت أغلب الأسرار والأمور الخاصة مباحة للجميع»، كما أن العلاقات الاجتماعية تتسم بالتفكك والسلبية الناتجة عن محدودية الدخل، وضيق السكن، وعدم توافر أى مرافق به، وعدم توافر الخدمات اللازمة له، كما أن العلاقة بين الزوجين تأخذ صورة البلطجة من جانب الزوج؛ فهو تارة يستغل عمل الزوجة أو أن يتزوج بأكثر من واحدة، ويسكنهن مع بعضهن البعض، بل قد يدفعهن للتسول. وأشارت إلى انتشار زواج الشابات فى بعض المناطق العشوائية من كبار السن الذين تجاوزوا الخمسين أو الستين من أعمارهم، كما تزداد حالات الطلاق لأسباب يرتبط بعضها بالقلق النفسى للأزواج، مما يدعوهم إلى الهروب من مسئولية الصغار كثيرى العدد أو الظروف المعيشية المتدنية. ملف خاص دراسة لـ"القومي للتنمية الاجتماعية" عن العشوائيات على مكتب الرئيس دراسة: 12 مليون نسمة يعيشون في المقابر والعشش والجراجات وتحت السلالم "القومي للخدمات" يضع "روشتة" لعلاج مشكلة العشوائيات