تشارلز الثالث.. «ملك مقاتل» في مواجهة التغيرات المناخية

كتب: محمود العيسوي

تشارلز الثالث.. «ملك مقاتل» في مواجهة التغيرات المناخية

تشارلز الثالث.. «ملك مقاتل» في مواجهة التغيرات المناخية

«يجب علينا أن نضع أنفسنا في حالة جاهزية حربية للتعامل مع أزمة تغير المناخ»، جاءت هذه الرسالة على لسان وليّ عهد بريطانيا السابق، الأمير تشارلز فيليب آرثر جورج، في عام 2020، قبل نحو عامين من توليه العرش البريطاني، خلفاً لوالدته الملكة إليزابيث الثانية، التي رحلت عن عمر يناهز 96 عاماً، في 8 سبتمبر الماضي.

وفي فبراير من عام 1970، وجّه ولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز أول خطاب مباشر عن البيئة، حذّر فيه من أن العالم سيجد نفسه، وخلال فترة قصيرة، في مواجهة مع ما وصفها بـ«الآثار المروعة للتلوث بجميع أشكاله، التي تنتشر كالسرطان»، ليبدأ الأمير الشاب، منذ ذلك الوقت، تكريس اهتماماته بالقضايا البيئية، سواء في المملكة المتحدة، أو غيرها من دول العالم.

وطوال مسيرته في مناصرة قضايا البيئة، التي تمتد لأكثر من 40 عاماً، دعا ولي العهد، ملك بريطانيا حالياً، إلى إحداث «ثورة في الاستدامة» في كافة المجالات، سواء من خلال الزراعة العضوية، أو توليد الطاقة، أو تبني الشركات ممارسات إنتاج بيئية، إلى أن أصبح ملكاً لبريطانيا، بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية، عن عمر يناهز 96 عاماً، في 8 سبتمبر الماضي.

مخاطر التغيرات المناخية تهدد ملايين البشر

ويُعرف عن الملك الجديد، الذي أصبح يُعرف باسم «تشارلز الثالث»، أنه أكثر أفراد العائلة الملكية صداقة للبيئة، وطالما تبنى مواقف تهدف إلى حماية الموارد والحفاظ على توازن الكوكب، بالإضافة إلى تحذيراته المتكررة من المخاطر الناجمة عن التغيرات المناخية، التي تهدد حياة ملايين البشر، الأمر الذي جعل المهتمين بقضية التغيرات المناخية يعلقون آمالاً عريضة عليه في حشد مزيد من الدعم الدولي.

ومنذ فترة ليست بالقصيرة تمتد لعدة عقود، وضع الملك تشارلز لنفسه مجموعة من الالتزامات والقواعد ليعيش حياة بيئية خضراء، حيث يمتنع عن تناول اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان في بعض الأيام من كل أسبوع، كما أقام مزرعة تتضمن سلالات نباتية وحيوانية نادرة، لتعليم الأطفال قيم الحفاظ على البيئة، ضمن مشروعه الخيري في «دومفريز هاوس» بإسكتلندا، والذي يمتد على مساحة آلاف الأفدنة.

وبحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية، فإن الملك الجديد طلب من مهندسي شركة «أستون مارتن» تعديل السيارة المحببة إليه، والتي يمتلكها منذ ما يقرب من نصف قرن، لتعمل بوقود الإيثانول الحيوي، باستخدام مخلفات عضوية تنتج أثناء عمليات تصنيع النبيذ والجبن، كما قام بتزويد قصره في لندن ومباني مزرعته الخاصة بألواح شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية.

تشارلز: أهوال التغيرات المناخية تفوق الوصف

وفي عام 2017، سأل الأمير هاري والده ولي العهد، عبر القناة الرابعة لهيئة الإذاعة البريطانية «BBC4»، عن أكثر قضية تشغله ويوليها التركيز الأكبر مقارنةً بغيرها من القضايا، أجاب الأمير تشارلز قائلاً إن أكثر ما يشغله هو قضية تغير المناخ، وشرح بقوله إن «التغيرات المناخية تضاعف التهديدات التي نواجهها، وتسبب أهوالاً تفوق الوصف في أنحاء مختلفة من العالم».

تزامنت هذه التصريحات على لسان أمير ويلز مع تسجيل درجات الحرارة في المملكة المتحدة مستويات قياسية، تجاوزت 40 درجة مئوية لأول مرة في تاريخ البلاد، ولاحقاً شهدت العديد من الدول الأوروبية موجة جفاف وصفها البعض بأنها الأسوأ منذ أكثر من 500 سنة، كما شهدت العديد من الدول في وسط آسيا وفي القارة الأفريقية فيضانات جارفة، أسفرت عن مصرع الآلاف وتشريد الملايين.

حملة عسكرية للتعامل مع أزمة تغير المناخ

ومن أبرز تصريحات ملك بريطانيا الجديد بشأن قضية التغيرات المناخية، ما جاء على لسانه في عام 2020، بينما كانت المملكة المتحدة تستعد لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP-26»، والذي عُقد لاحقاً أواخر عام 2021 في جلاسكو، عندما دعا إلى «وضع أنفسنا في حالة جاهزية حربية، للتعامل بإلحاح شديد مع أزمة المناخ، من خلال حملة من الطراز العسكري».

ويعتبر كثيرون من الخبراء والمهتمين بقضايا التغيرات المناخية أن الملك تشارلز الثالث، على عكس الآخرين من الملوك والرؤساء، يمثل صوتاً قوياً بشأن تغير المناخ، كما يصفه البعض بأنه «أول ملك صديق للبيئة في القرن 21»، خاصةً وأن «أمير ويلز» السابق كان يحرص عادةً على حضور الفعاليات والمؤتمرات الدولية المعنية بقضية التغيرات المناخية، في العديد من دول العالم.

خطاب ولي العهد أمام قمة المناخ في جلاسكو

وفي أواخر العام الماضي، وجّه ولي العهد البريطاني خطاباً أمام قادة العالم المشاركين في مؤتمر الأطراف «COP-26»، في جلاسكو بالمملكة المتحدة، أكد فيه أنه «بعد مليارات السنين من التطور، تظل الطبيعة أفضل معلم لنا»، وأضاف: «تشكل خطط استعادة المخزون الطبيعي، وتسريع الحلول المناصرة للبيئة، وتعزيز الاقتصاد الحيوي الدائري، أهمية حيوية لجهودنا الرامية إلى معالجة أزمة الاحتباس الحراري».

ويترأس تشارلز الثالث عدداً من المنظمات البيئية، منها «الصندوق العالمي للحياة البرية»، في المملكة المتحدة، منذ عام 2011، كما يقدم الرعاية لعدد من المنظمات الأخرى، وبالإضافة إلى اهتمامه بقضية التغيرات المناخية، يقود ملك بريطانيا الجديد حملة واسعة للتحذير من مخاطر تدهور التنوع البيولوجي، ونشر مقالاً في مجلة «نيوزويك»، في شهر أبريل الماضي، في هذا الصدد.


مواضيع متعلقة