تعاسة قط (قصة قصيرة)

كتب: محمد رمضان

تعاسة قط (قصة قصيرة)

تعاسة قط (قصة قصيرة)

في إحدى حدائق الحيوان، كان هناك قط تعيس يتسكع بين جبلاية لقرود البابون المتوحشة بحثًا عن الطعام، لا أحد يدري كيف ومتى وصل هذا الهر بين هذه القبيلة من القرود!!

يوميًا كان هذا القط المسكين يعافر كي يبقى على قيد الحياة بين هذه القرود القارتة التي تأكل الأخضر واليابس.. اللحم والنبات.. الموز والفئران والحشرات!!

أصبح القط في حالة مطاردة يومية مع القرود، فمبجرد أن يقترب منه كبير القردة وهو يحبو على يديه وقدميه بشعره الكثيف مكشرًا عن أنيابه ومحدقًا بعينيه ويهرول خلف القط محدثًا «عفرة» من التراب حتى يتناوب جميع أفراد قبيلة القرود في الجري خلف القط.. حتى تلك القردة التي تحمل صغيرها على ظهرها!!.. تريد القرود فقط أن تبعد القط عن طريقها أو ربما ليكون صيدًا ثمينًا ووجبة دسمة فيما بعد.. أو حتى لمجرد التخويف وفرض السيطرة!!

وأحيانًا تمر القرود بجوار القط وهي ترمقه بنظرات خاطفة ولسان حالها يقول «مصيرك هتقع يا قط يا مقطقط» وتمضي نحو السور الذي يقف الناس في أعلاه لكي يرموا الموز والفول السوداني إلى القرود.

«بابا هو القط ده بيعمل إيه هنا؟» تحدث طفل من زوار الحديقة إلى أبيه وهو يشير بسبابته نحو القط التعيس الذي يهز ذيله يمينًا ويسارًا وهو يراقب القرود وهي مجتمعة بالقرب من السور وتقشر الموز والفول لكي تلتهمه، بينما هو يلقِّط رزقه من الحشرات والقوارض والزواحف الصغيرة التي نادرًا ما يبقى أو يظهر منها شيء في الجبلاية، فالقرود تأكل كل شيء وأي شيء.

«أنا أعرف يا ابني.. إحنا مالنا.. إحنا جايين هنا علشان القرود.. هو إيه المميز في القط؟ ما إحنا بنشوفه كل يوم في الشارع» كان هذا هو رد الأب على السؤال البريء لطفله.

ورد الطفل وهو يرفع حاجبيه ويحدِّق بعينيه نحو القط: «بس القط ده ممكن القرود تموِّته لأنهم أكتر منه»، وزفر الأب في ضيق دون أن يرد على ابنه وواصل رمي حبات الفول السوداني للقرود.

أما القط فولَّى وجهه بعيدًا عن القرود التي كانت تأكل الولائم، واتجه نحو ذلك الجزء المنعزل من الجبلاية وانزوى فيه واستلقى على جانبه ولسان حاله يقول في مرارة: «أنا القط.. سليل الأسد.. أصبحت وجبة محتملة لمجموعة من القرود.. يا للمهزلة!!»، وأغمض عينيه نائمًا.. أو محاولًا النوم!!


مواضيع متعلقة