التحديات المناخية تبدأ.. والهرم الأخضر خطوة إنقاذ بـ7 معايير
المتحف المصرى الكبير أحد المبانى الخضراء
فى إطار التوجهات العالمية لوضع معايير لنُظم البناء الأخضر، مع مراعاة التحديات المحلية لكل بلد على حدة، أعد خبراء بمركز بحوث الإسكان والبناء، التابع لوزارة الإسكان، نظام تقييم الهرم الأخضر للمبانى الخضراء، فى عام 2010، الذى أخذ صفة رسمية بإصداره بقرار وزارى من وزير الإسكان فى نفس العام.
هند فروح: المعايير المصرية لتقييم المبانى فى مقدمتها كفاءة استهلاك المياه والطاقة ومواد البناء.. ونريد جذب استثمارات وإعطاءها الطاقة المتوفرة لدينا
وعن هذا النظام تقول الدكتورة هند فروح، أستاذ العمارة بمركز بحوث الإسكان والبناء، وعضو المجلس المصرى للعمارة الخضراء والمدن المستدامة، وأحد المشاركين فى إعداد نظام «الهرم الأخضر»: «فى الفترة الأخيرة بدأ يظهر توجه عالمى بالتوازى مع توجه محلى للقيادة السياسية بالتوجه ناحية فكرة المدن المستدامة وإدماج الطاقة المتجددة، وذلك بسبب الأزمات العالمية التى فُرضت علينا فى هذا الصدد، وبالتالى كان لا بد أن يتم تفعيل فكرة المبانى الخضراء أكثر».
وترتبط بالرغبة فى تفعيل المبانى الخضراء، كما تشير الدكتورة هند فروح إلى ضرورة وجود معايير لهذه المبانى، لأنه إذا قامت شركة استثمارية، أو مقاول، أو مواطن، بعمل مبنى، وقال إنه «مبنى أخضر»، فمن الذى سيفصل فيما إذا كان هذا المبنى أخضر أم لا، وما المعايير التى على أساسها يتم التقييم؟
وفى الطريق نحو وضع هذه المعايير «كان أمام مصر إما أن تأخذ النظام الأمريكى المطبق فى أنحاء كثيرة من العالم، أو أن نقوم، كما فعلنا، بعمل مقارنات ما بين كل نظم التقييم العالمية، والخروج بنظام تقييم محلى يستجيب للتحديات والاحتياجات المصرية».
ويقوم نظام الهرم الأخضر المصرى، وفقاً لأستاذة العمارة، على 7 معايير للتقييم، تشمل: أولاً: معيار الموقع المستدام، وثانياً: معيار كفاءة استهلاك الطاقة والطاقات المتجددة، وثالثاً: معيار كفاءة استهلاك المياه، ورابعاً: معايير تتعلق بجودة البيئة الداخلية ودرجات الحرارة والصوت والضوضاء، والانبعاثات الموجودة، والمركبات العضوية المتطايرة، وخامساً: المعايير المتعلقة بمواد البناء والموارد بشكل عام، وسادساً: المعايير التى لها علاقة بإدارة المبنى، لأنه إذا بنيت مبنى أخضر ولم تتم إدارته جيداً فإنه سيتدهور، ثم يأتى أخيراً المعيار السابع المتعلق بالابتكار.
لكن هذه المعايير لها أوزان نسبية مختلفة فى التقييم، حسبما توضح الدكتورة هند فروح، حيث حظيت كل من الطاقة والمياه بأكثر من 50% من إجمالى درجات التقييم، وذلك لأن مصر لديها تحدٍ فيما يتعلق بالمياه، وخاصة بعدما أعلن وزير الرى أننا أصبحنا تحت خط الفقر المائى المحدد بـ1000 متر مكعب للفرد، ووصل نصيب الفرد لـ570 متراً مكعباً سنوياً، وبالتالى لم تعد لدينا حلول غير التوفير فى المياه وخصوصاً فى كل ما له علاقة بالمبانى.
ونفس الأمر تقريباً بالنسبة للطاقة، فبالرغم مما لدينا الآن من استقرار فى هذا الملف، حسبما تضيف أستاذ العمارة وعضو المجلس المصرى للمدن المستدامة، فإننا نريد جذب استثمارات وإعطاءها الطاقة المتوفرة لدينا، وبالتالى ينبغى التقليل من استهلاك الغاز الذى نستهلكه فى إنتاج الكهرباء، وهو الأمر الذى أكده مؤخراً رئيس الوزراء، خصوصاً أنه وفقاً للشركة القابضة للكهرباء فإن 46% من استهلاك الكهرباء يذهب للمبانى.
من هذا المنطلق تؤكد أستاذة العمارة أن نظام الهرم الأخضر جاء بالدرجة الأولى استجابة لتحديات محلية أصبحت موجودة على أرض الواقع، وهى تحديات اقتصادية وفى نفس الوقت بيئية، وذلك نظراً لأن لدينا نسب تلوث أصبحت موجودة وعدداً من الأمراض التنفسية التى باتت مزمنة، وغيرها، بالإضافة للتحديات الاجتماعية، فى الوقت الذى نريد فيه أن نخلق «جودة حياة»، وكل ذلك مرتبط بأن ينتقل المواطن من البناء التقليدى إلى البناء الأخضر.
وهكذا فإنه من المنتظر أن «تعود فوائد عديدة على كل من الدولة والمجتمع، من وراء تطبيق هذا النظام على المبانى، ففيما يتعلق بالدولة فإنها ستوفر فى مواردها خصوصاً المياه والطاقة، أما بالنسبة للمواطن فإنه سيمثل حلاً بالنسبة له لمواجهة الارتفاع المضطرد فى أسعار فاتورتى الكهرباء والمياه، هذا فضلاً عن أنه سيوفر له حياة صحية، وألا تكون لديه مشاكل فى نوعية الهواء الموجودة داخل المبنى، كما ستوفر له مساحات خضراء «يشم شوية هواء فيها»، وهى كلها أشياء مهمة وتعود على المواطن بالنفع.
لكن أمام هذه الفوائد يثار التساؤل حول سبب عدم كون نظام الهرم الأخضر ملزماً للجميع حتى الآن. هنا تجيب الدكتورة هند فروح: أنا ضد مبدأ الإلزام، ومع أن نبدأ بشكل طوعى، خاصة أن الإلزام يتطلب أن تكون المنظومة كلها مكتملة، والمقاولون تدربوا، والمكاتب الاستشارية عارفة هتعمل إيه، وجهاز المدينة أو المحليات لديها «قائمة اختبار بسيطة» لإعطاء الرخصة. لذلك فإنه لا بد من تهيئة المنظومة ككل أولاً، وأن تقدم الدولة نماذج على أرض الواقع يراها الناس، هو ما يحدث بالفعل، ثم بعد ذلك تأتى عملية الإلزام.
وتؤكد أستاذة العمارة أن الخطوة التى اتخذتها الدولة مؤخراً لتفعيل المجلس المصرى للبناء الأخضر والمدن المستدامة هى خطوة مهمة على طريق تفعيل تطبيق «نظام الهرم الأخضر»، وذلك بعد صدور قرار وزارى فى مايو 2022، بإعادة تشكيل هذا المجلس، ليشمل 11 وزارة معنية، وعضوية 4 وزراء، هم وزراء الإسكان، والتخطيط، والبيئة، والكهرباء، بالإضافة لمجموعة من الخبراء.
وتؤكد الدكتورة هند فروح أن أحد الأهداف الرئيسية لهذا المجلس هو وضع خارطة طريق لكيفية التحول نحو العمران الأخضر والمدن الخضراء المستدامة، هذا فضلاً عن تفعيل كودات الهرم الأخضر المصرى، حيث يجرى تشكيل لجان فرعية داخل المجلس من أجل ذلك، كما يجرى دراسة وضع منظومة حوافز لتشجيع البناء الأخضر.
عضو المجلس المصرى للعمارة الخضراء: سيتم اعتماد المتحف المصرى الكبير ضمن نظام الهرم الأخضر
وتكشف أستاذ العمارة وعضو المجلس المصرى للبناء الأخضر والمدن المستدامة، عن أنه جارٍ حالياً اعتماد 25 ألف وحدة سكنية ضمن الإسكان الاجتماعى الأخضر، فضلاً عن اعتماد عدد من المبانى المهمة ومنها على سبيل المثال المتحف المصرى الكبير، وسيكون من المشروعات الرائدة فى هذا المجال.