إيمان الشعراوي تكتب: «سياسة ملكية الدولة» وتشجيع الاستثمار الأفريقي في مصر

إيمان الشعراوي تكتب: «سياسة ملكية الدولة» وتشجيع الاستثمار الأفريقي في مصر
- الحياد التنافسى بين القطاعين الخاص والعام
- «سياسة ملكية الدولة»
- المستثمرين الأفارقة
- زيادة الاستثمارات المصرية فى أفريقيا
- الحياد التنافسى بين القطاعين الخاص والعام
- «سياسة ملكية الدولة»
- المستثمرين الأفارقة
- زيادة الاستثمارات المصرية فى أفريقيا
على مدار أكثر من 40 عاماً ونحن نسمع عن ضرورة تحقيق الحياد التنافسى بين القطاعين الخاص والعام، وتمكين مشاركة القطاع الخاص فى الأنشطة الاقتصادية، بما يُحقق التنمية وزيادة الإنتاج المحلى، وتحقيق الاكتفاء الذاتى، إلا أنه خلال هذه السنوات الطويلة الماضية لم يتم تحقيق ذلك، ولم يتم إيجاد الرباط اللازم للقيام بهذه الخطوة، إلى أن أعلنت الحكومة المصرية عن إطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة لإتاحة مشاركة أكبر للقطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى، ليمثل 65% خلال 3 سنوات مقبلة.
رغم اقتصار البعض الحديث على مميزات هذه الوثيقة على الجانب المحلى، سواء ما يتعلق بفتح مجال كبير للقطاع الخاص وتسهيل مشاركته فى استكمال المشروعات القومية التى تقوم بها مصر، أو ما يتضمن تقديم الخدمات العامة بجودة أعلى للمواطن، مروراً بتعزيز البنية الأساسية الداعمة للاستثمار المحلى والأجنبى، إلا أنه يمكن الاستفادة من هذه الوثيقة فى تشجيع القطاع الخاص الأفريقى على الاستثمار والتحرك فى مصر وفق طرق ممهدة ومدروسة وواعدة، وزيادة التعاون الاقتصادى بين مصر وأفريقيا، فى ظل ما تطمح إليه الوثيقة من رفع معدل الاستثمار إلى ما يتراوح بين 25% و30%، ووفق توجّهات القيادة السياسية المصرية ورؤية الرئيس عبدالفتاح السيسى بتحقيق التكامل الاقتصادى مع أفريقيا فى كل المجالات، باعتباره ركيزة أساسية فى حماية الأمن القومى المصرى.
تخارج الدولة من بعض القطاعات سيسهم فى جذب أكبر قدر من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة، ولكن يجب أن يتم تغيير النظرة السلبية لدول القارة الأفريقية من أنها دول فقيرة تحتاج إلى الدعم والمساندة، إلى أنها قارة الفرص، وأن الكثير من دولها بمثابة أسواق صاعدة اليوم، وستصبح قوى اقتصادية عظمى فى المستقبل القريب، فى ظل التغيرات التى يشهدها العالم وتراجع الكثير من القوى الكبرى، وفى ظل ما تتمتع به هذه الدول من موارد طبيعية وثروات هائلة، ومثالاً لذلك نيجيريا وكينيا وجنوب أفريقيا ورواندا، وأنجولا.
كما أنه لا يجب تركيز العمل على زيادة الاستثمارات المصرية فى أفريقيا فقط رغم أهمية ذلك، وأن يتم اتخاذ الخطوات اللازمة لتسهيل وجذب الاستثمار الأفريقى فى مصر، استغلالاً لبنود وثيقة سياسة ملكية الدولة، بالإضافة إلى إزالة المعوقات أمامهم، وإقرار حوافز تفضيلية وتسهيلات استثمارية تساعد المستثمرين الأفارقة فى أعمالهم بمصر.
هذه الخطوة لا تقتصر أهميتها على الجانب الاقتصادى فقط، بل إنها تدعم جهود الدولة المصرية فى استعادة أفريقيا بمثابة عمق استراتيجى لها، فضلاً عن خطواتها الثابتة فى سياق إعادة ضبط المسافات من القاهرة إلى غالبية العواصم الأفريقية، بالشكل الذى تصبح فيه الدائرة الأفريقية إحدى أهم دوائر الأمن القومى المصرى قولاً وفعلاً.
يقيناً وثيقة سياسة ملكية الدولة تضع إطاراً مؤسسياً لإصلاح ما يوصف بالخلل الهيكلى فى الاقتصاد المصرى، وستسهم فى جذب أكبر قدر من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة فى خطوة من شأنها أن تدعم النمو الاقتصادى البطىء، ولكن الأهم من بنود الوثيقة ما يتعلق بكيفية تطبيقها على أرض الواقع وأن تكون هناك إرادة حقيقية فى إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص، والأهم من ذلك تغيير النظرة السلبية والتوجّس من الاستثمار والمستثمرين، بالشكل الذى يحقّق النمو الاقتصادى والعدالة الاجتماعية معاً.
وأخيراً إعطاء المستثمرين الأفارقة فرصاً واعدة للاستثمار فى مصر وفق الوثيقة تنطلق من أن التشابك المصرى الأفريقى اقتصادياً وسياسياً وأمنياً بات أمراً حتمياً، حتى تنحاز قارتنا السمراء لشعوبها مجدداً.
* مدير وحدة الدراسات الأفريقية بمركز المستقبل الإقليمى للدراسات الاستراتيجية