مبدع تمثال صالح سليم: كانت مغامرة.. وأنجزته في 6 أشهر (حوار)

مبدع تمثال صالح سليم: كانت مغامرة.. وأنجزته في 6 أشهر (حوار)
- صالح سليم
- تمثال صالح سليم
- الأهلي
- النادي الأهلي
- ذكرى ميلاد صالح سليم
- عصام درويش
- صالح سليم
- تمثال صالح سليم
- الأهلي
- النادي الأهلي
- ذكرى ميلاد صالح سليم
- عصام درويش
تمر السنوات وتظل الحضارة المصرية القديمة معروفة بالبناء والنحت، فأن تعمل نحاتا هو امتداد لأجدادنا القدماء منذ آلاف السنين، الذين يضعونك تحت ضغط المقارنة باستمرار، وأن تتصدى لتمثال للمايسترو صالح سليم هو عين التحدي، لتمثال يحمل بين ثناياه الرمزية والقوة والشخصية الفردية لشخصه والجماعية لجماهير محبة له، ترى فيه رمزا لها.
الدكتور عصام درويش، أحد أبرز نحاتي عصره، يوضح في حواره مع «الوطن» في ذكرى ميلاد صالح سليم، كواليس اختياره لبناء التمثال وكيف مرت عليه هذه الفترة، وإلى نص الحوار..
حدثنا عن كواليس اختيارك لنحت تمثال صالح سليم؟
النادي الأهلي طرح مسابقة وخصص لها 15 فنانا، واختارت الإدارة أبرز 15 فنانا في مجال النحت، وكنت في غاية السعادة لاختيار اسمي ضمنهم، خصوصا أنني كنت في بداياتي، «كنت لسه متخرج، وطلبوا مننا اسكتشات واختاروا 3 منها بس، وحظي الكويس إني كنت ضمنهم، وكان معايا اسمين كبار، وطلبوا مننا نعمل ماكيت وربنا وفقني واختاروني أعمل المشروع، وكانت فرصة عظيمة بالنسبة لي».
كانت مغامرة لي أن أعمل على تنفيذ عمل خاص بالنادي الأهلي، وأشد ما أعجبني في التعامل معهم الاحترافية في العمل، «المشروع لم يطرح لأي شخص بل خصص له عدد من الفنانين، وهذا دليل على الاحترافية».
كم استغرق العمل في التمثال؟
وطلبوا الانتهاء من العمل خلال 6 أشهر، وبالفعل انتهيت منه خلال المدة المحددة، «اشتغلت عليه بتركيز شديد، وشغل متواصل والإدارة الهندسية في النادي وفرتلي مكان داخل النادي للعمل فيه، «وبعد كدا وديت التمثال المسبك وعملناه برونز، والقاعدة بتاعته كتلة جرانيت وعملناه بأفضل حاجة ممكنة، والبرنز دا لو رميته في البحر يعيش، ومع الوقت يبقى أثر».
ما مراحل العمل؟
بعد رسم الاسكتشات يتم تنفيذ نموذج صغير، بارتفاع 60 سم، وبعد الاستقرار على الشكل يتم تكبير النموذج الصغير، وإلى حد ما أكون استقريت على حركة التمثال ووقفته، ثم أبدأ في بناء التمثال، الذي بلغ نحو 3 أمتار ونصف، «بعمل ما يشبه الهيكل العظمي للتمثال من الحديد، لأن هو دا اللي هيشيل الصلصال، وبعدين تبنيه كله بالصلصال أو بالطين الأسواني، وبعدين يتعمل عليه استامبه بالجبس بعد ميخلص تماما، وأفك الاستانبه كأنه نيجاتيف فيلم، وأصب جوا الاستانبه جبس، واظبط التفاصيل بتاعت التمثال من خلال الجبس، وبعدين أعمل عليه استانبه تانية وأفكها، وأصب جوا الاستانبه شمع بسماكة 8 ملي، وبعد ما أفكها يطلع نفس الشكل بالشمع، ويظهر تفاصيل أكتر، وأملاه كله مونة حرارية وبدخله الفرن، والشمع هيسيح بين المونة الحرارية اللي جوا ويبقى التمثال كله عبارة عن فراغ 8 ملي بين المونة الحرارية اللي برا واللي جوا، وأصب داخل الفراغ برونز سايح، وأدلقه في الفراغ اللي في النص وأكسر المونة الحرارية من برا ومن جوا وأفضيها ويطلعلي تمثال برونز».
في الافتتاح حضر الآلاف وكانت هناك حالة من البهجة، وكانت أفضل التعليقات التي سمعتها من سيدتين، «وأنا بصور التمثال سمعت سيدتين بيقولوا لبعض التمثال حتى من ضهره صالح سليم»، وهذا هو أكبر دليل على نجاح العمل، لأنه خلال عمل الشخصية لا يهمك الملامح فقط، فلا بد أن يكون التمثال من بعيد أيضا دالا على الشخصية، وكلما اقتربت منه تظهر ملامح الشخصية أكثر، «العمل الميداني لازم تكون مركز إنه يعبر عن الشخصية، مش ملامح الوجه فقط».
لماذا اخترت نحت المايسترو في مرحلة الشباب؟
صالح سليم شخصية تاريخية، وعندما تبني له تمثالا فأنت تبني تمثالا للتاريخ الخاص بكل الأجيال، لأنه ليس شخصية مرحلية، فكان واضحا جدا عندما زرت النادي، أن صالح سليم أيقونة في النادي، كما أنه في مصر شخصية رياضية عظيمة ومؤثرة، وجان سينمائي عظيم، وأولا وأخيرا هو رئيس النادي الأهلي، فلا يجوز اختزاله في رجل كبير في السن مثل تماثيل المحامين أو رجال الأعمال، و«كمان مينفعش يتعمل لاعب كرة وخلاص لأنه تجاوز مرحلة إنه يبقى لاعب كرة، لأنه أكبر من كدا وقيمته أعلى»، لذلك كان لا بد من تحقيق كل ذلك من خلال تركيبة تجمع جان سينمائي وشخصية رياضية مؤثرة، لنخرج بالتأثير الجيد الذي قرأته في وجه من رأوا التمثال.
هل تختلف التعبيرات الشخصية من تمثال لآخر؟
أشاهد الصور والفيديوهات الخاصة بالشخصية التي سأعمل عليها، ودائما عندما يعمل المصور أو النحات أو الرسام، يظهر شخصيته في عمله الفني، «بتشوف الشخصية ملمسة جواك وبيطلع من جواك الجزء بتاع الشخصية، بحيث تلمسوا بعض، أنا بستدعي دا من جوايا، فمثلا قد يعمل 4 نحاتين على تماثيل لـ صالح سليم، وربما يخرجون لنا نفس الشكل ونفس الشبه لكن تجد أن كل تمثال مختلف عن الآخر لأن كل شخص يرى صالح سليم من وجهة نظره هو».
كم استغرقت في نحت شعار النادي الأهلي؟
الوحدة الزمنية لدى النادي الأهلي هي 6 أشهر، فقد انتهيت من نحت التمثال في 6 أشهر وكان 5 أمتار في 5 أمتار، «أي عمل للأهلي بيكون جماهيري وله الأولوية، ولازم يخلص، الحجم دا والتكنيك دا، وإنك تعمله بيلمع وبيبرق من مادة البرونز كان جديد على مصر، والشعار كان أول مرة يتنحت، النسر كان واقف على ضوافره ووزنه نحو 3 أو 4 أطنان»، كان تحديا بالنسبة لي كيف يقف التمثال على أظافره فكان الحل أن أجعله كالقابض على شيء وأدخلت قدميه في قاعدة التمثال ومن خلاله تم تقوية الرسغين، «كل دا أعطى هيئة حلوة للتمثال، وكانت مغامرة صعبة لأنك لو أثقلت على الرجلين كان التمثال هيفضل يهتز ودا هيؤدي لسقوطه، لكن الحل أعطاه هيئة نحت قوية، وتعبير حلو كأنه بينقض على شيء، وكان برضو فيه رد فعل مش بطال».
تعرضت بعض أعمالك للهجوم.. كيف ترد عليه؟
الشعب المصري محب للنحت وأرى النقد من زاوية إيجابية، كما أن الشعب المصري مهتم بالنحت على عكس المجالات الأخرى، وذلك لأن حضارتنا مبنية على النحت «كل دا جوانا، والاهتمام الزايد بيكون بصورة إيجابية وعايزين نبان في أحسن حاجة، فيه ناس بتتكلم بفهم، وناس بعدم فهم، وناس بتتكلم وتبالغ، لكن القيمة بتفضل والحاجة اللي مش مهمة بتختفي».
مستوى الهجوم طبيعته تغيرت، و«كان زمان بتتحط حاجات بشعة في الميادين، دلوقتي لا، قدام هتلاقي نقطة الهجوم تشبعت والناس بتتكلم بشكل موضوعي، وفي الحالتين دا مش هجوم دا اهتمام، وهو بيتطور ودا المهم، ودا شيء كويس وأتمنى أن الهجوم السلبي ميجبش أثر عكسي، أتمنى الناس تتريث في حكمها على الشغل، فلو عمل عجبها أهلا وسهلا، ملقتش عمل يعجبها تشوف غيره، والحاجة الوحشة هتختفي مع الوقت والحلوة هتسيب أثر».
ما أهم شيء لدى النحات؟
أن يتاح عملك للناس، فالعمل مثلا لدى الأهلي له الأولوية لأنه عمل جماهيري، «أهم هدف بالنسبة لأي نحات أن الناس تشوف شغله ومفيش أهم من جمهور الأهلي أنه يشوف شغله».
آخر أعمالي تمثال للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ويعرض في متحف قناة السويس قريبا.