رئيس «بحوث الغابات»: الأشجار تزيد الإنتاج الزراعى وتحمى الطرق والمنشآت

كتب: خالد عبدالرسول

رئيس «بحوث الغابات»: الأشجار تزيد الإنتاج الزراعى وتحمى الطرق والمنشآت

رئيس «بحوث الغابات»: الأشجار تزيد الإنتاج الزراعى وتحمى الطرق والمنشآت

أكدت الدكتورة مها فاروق، أستاذ ورئيس قسم بحوث الأشجار الخشبية والغابات بمعهد بحوث البساتين، أن المبادرة الرئاسية لزراعة 100 مليون شجرة «مبادرة طيبة جداً»، مشيرة إلى أنه يجب استغلالها لتحقيق الأهداف المرجوة منها فى مواجهة التغيرات المناخية وتحسين البيئة والتقليل من التلوث.

وشددت رئيس بحوث الأشجار والغابات، فى الوقت نفسه، على أن زراعة الأشجار بشكل علمى مخطط ومدروس، سيؤدى لفوائد عديدة من بينها زيادة الإنتاج الزراعى وتوفير المياه وحماية البشر والطرق والمنشآت وإطالة عمرها، فضلاً عن تخفيض درجات الحرارة المرتفعة وبالتالى تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون.. وإلى نص الحوار:

ما الشروط الكفيلة بإنجاح المبادرة الرئاسية لزراعة 100 مليون شجرة؟

- أول شىء يجب أن تهتم به مبادرة التشجير هو إنتاج شتلات جيدة تصلح للأماكن التى يمكن زراعة الأشجار فيها، وينبغى أولاً أن نؤهل أو نُعيد تأهيل مشاتلنا، سواء كانت حكومية تابعة لوزارة البيئة أو للزراعة أو للحكم المحلى أو قطاع المحافظات، وكل هذه المشاتل تحتاج لأن نوجهها لإنتاج شتلة جيدة لنضعها فى المكان المناسب، وإنتاج الشتلات يحتاج بذوراً، ويمكن أن نجمع البذور محلياً أو نستوردها بالنسبة للأنواع التى لا توجد لدينا منها كمية تسمح بإنتاج عدد الشتلات المطلوب.

ماذا عن المجالات والأماكن المناسبة لتوزيع زراعة الـ100 مليون شجرة عليها؟

- هناك أكثر من مجال لزراعتها بها، من بينها الطرق والشوارع، وهو ما يسمى بـ«التشجير الطولى»، سواء فى تشجير المدن أو الريف أو الطرق السريعة كلها، أما المجال الثانى، فهو استغلال مياه الصرف الصحى فى زراعة الغابات الشجرية فى الظهير الصحراوى للمحافظات، وذلك بدلاً من أن تذهب هذه المياه إلى المجارى المائية أو المياه الجوفية وتلوثها، علماً بأن هذه التجربة بدأت فى مصر منذ تسعينات القرن الماضى من خلال وزارة الزارعة، حيث جرى إنشاء 32 غابة من الأشجار الخشبية الناجحة والمتأقلمة بشكل جيد مع البيئة المصرية، من شمال لجنوب الجمهورية.

مها فاروق: المبادرة تبرز جهود مصر فى مواجهة تغير المناخ

كيف تم توزيع أنواع الأشجار على مستوى المحافظات؟

- فى الشمال كانت أشجار السرو والتاكسوديوم ناجحة جداً، كما فى برج العرب، كما نجحت زارعة أنواع الصنوبر فى غابة السادات وسرابيوم فى الإسماعيلية، وهى نفس أشجار الصنوبر التى نستورد خشبها من الخارج. وفيما يتعلق بالجنوب فقد نجحت جداً زراعة أشجار الكايا أو الماهوجنى الأفريقى، التى يُصنع منها أجود أنواع الأثاث، وصنع قسم الأشجار الخشبية منها أثاثاً جيداً جداً، كما أن أشجار السرسوع طبعاً تنجح فى محافظات الجنوب، وتقوم عليها الصناعات الخشبية اليدوية، وهناك قرى بأكملها تعيش على تصنيع هذا النوع من الأخشاب. وأشجار الحور من أشجار ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهى توجد من أول الشمال حتى ملوى فى المنيا، ويُصنع منها ألواح الأبلكاش، التى نستوردها من الخارج، ويمكن أن تدخل فى صناعة الألواح الخشبية المضغوطة وألواح الكونتر، وهى سريعة النمو جداً، ويمكن أن تنمو فى الغابات وعلى جانبى المصارف والترع فى الريف، ولا تتعارض مع الزراعات، أما بالنسبة للكافور والجازورينا فهما ناجحان من الشمال للجنوب.

سبق وأشرتم لإمكانية استخدام الأشجار فى منع تبوير آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية سنوياً، كيف ذلك؟

- يمكن زراعة أشجار معينة لعلاج مشكلات الأراضى المتدهورة فى الصحراء الغربية ومحافظة الفيوم، غير المربوطة بشبكة الصرف الخاصة بالجمهورية، والتى تدخلها المياه ولا تخرج منها، وهو ما يؤدى بالتالى لتبوير الأراضى وضياع نحو 10 آلاف فدان سنوياً، وهنا فإن زراعة أشجار معينة تستهلك كميات كبيرة من المياه ستقوم بوظيفة تعرف باسم «الصرف البيولوجى» لتُخلصنا من مشكلة تدهور الأراضى، ونحصل فى الوقت نفسه على ثروة بيئية واقتصادية كبيرة جداً من هذه الأشجار، علماً بأنه إذا اقترنت مشكلة ارتفاع الماء الأرضى مع الملوحة، فلابد من زراعة أنواع معينة مخصصة لهذا الغرض، وفى مقدمتها الكافور، وإذا كانت الملوحة منخفضة أو متوسطة فيمكن زراعة أشجار الحور، وفى حال كانت فى حدود 2000 جزء فى المليون، يمكن زراعة أشجار التاكسوديوم، ذات الأخشاب الجيدة جداً والصالحة للتصنيع، كما أنها ستؤدى غرضاً بيئياً مهماً فى علاج مشكلة ارتفاع الماء الأرضى فضلاً عن اصطياد ثانى أكسيد الكربون.

الأولوية بالشوارع للأشجار الخشبية للوقاية من الشمس والتلوث

كيف يمكن توظيف مبادرة الـ100 مليون شجرة فى زراعة الأحزمة الشجرية، وما الفوائد التى يمكن أن تعود علينا من هذه الأحزمة؟

- الأحزمة الشجرية تدخل تحت بند يسمى بـ«تشجير الحماية»، وتشمل زراعة الأحزمة الواقية ومصدات الرياح سواء للأراضى المستصلحة أو المدن الجديدة، ومما يزيد أهمية هذه الأحزمة والمصدات أنه بالنسبة لمصر الأراضى التى نستصلحها كلها فى الصحراء، وبالتالى من الضرورى إحاطتها بحماية كبيرة جداً، وخاصة من الأماكن التى تأتى منها رياح ضارة، وهى الرياح التى تزيد سرعتها وشدتها مع التغيرات المناخية، وذلك يفرض زراعة حزام شجرى واقٍ حول أى مشروع استصلاح جديد، سواء كان لمحاصيل حقلية أو بستانية، وتجب زراعة أشجار الحماية قبل بداية المشروع بمدة تتراوح ما بين 3 و5 سنوات، ووجود حزام شجرى حول المزروعات يؤدى لتحسين جودة المحصول كذلك.

هل صحيح أن الأشجار تستهلك المياه المتاحة للزراعة؟

- هذا مفهوم خاطئ، فالأشجار لا تستهلك من المياه المتاحة للزراعة، ووجود مصدات رياح وأحزمة شجرية فى الأماكن المكشوفة فى الصحراء يوفر من 3 إلى 4% من الاحتياجات المائية للمزروعات، حيث إنها تقلل تبخر المياه، وبالتالى تحافظ على المياه.

ما موقع الأشجار المثمرة من مبادرة زراعة 100 مليون شجرة، والأماكن المناسبة لزراعتها؟

- الأشجار المثمرة مكانها بساتين الفاكهة، حيث إن هناك أبحاثاً تم إجراؤها منذ أكثر من 20 سنة فى معهد بحوث البساتين، قام بها متخصصون بدراسة الأشجار التى كانت مزروعة فى بساتين على جوانب الطرق، وكانت عرضة للأدخنة والغبار والعوادم، ووجدوا أن الثمار تتأثر سلباً فى البستان الذى على طريق ولا توجد حماية شجرية له، حيث كانت بها نسبة من العناصر الثقيلة الناتجة عن العوادم والضارة بصحة الإنسان، فما بالنا بأن نزرع الأشجار المثمرة فى الطريق نفسه أو على جانبيه، كما أن الأشجار المثمرة المزروعة فى الشارع إذا وصلت لمرحلة الإثمار ستكون غير صالحة لأن تؤكل، لكونها مُعرَّضة للعوادم والغبار والأتربة، ولن ينتج عنها إنتاج جيد لأنها لم تمر ببرامج وقاية أو تسميد أو رى صحيحة.

ما أنسب مكان لزراعة الأشجار المثمرة؟

- الأشجار المثمرة مكانها هو الريف، حيث إن الأطفال هناك معتادون على الأشجار والمزروعات ولن يقطعوها، ويمكن أن نزرع هناك الأشجار المصرية القديمة مثل الجميز والنبق والتوت، التى يمكن أن تقوم عليها أنشطة اقتصادية، كما هو الحال فى استخدام ورق التوت فى تربية دودة القز لإنتاج الحرير. أما فى المدن وشوارعها فنحن نريد أن نحقق الظل والحماية من الرياح والحفاظ على المنشآت ورفع الغبار لمستويات عالية، وهذه المزايا كلها تحققها الأشجار الخشبية.

أهمية «الأحزمة الشجرية»

بالنسبة لزراعة الأحزمة الشجرية الواقية ومصدات الرياح حول المدن وداخلها، فضلاً عن التشجير عموماً، وخاصة بالنسبة للمدن الجديدة الموجودة كلها فى مواجهة الصحراء، فإنها توفر مميزات كثيرة، حيث تُطيل عمر المنشآت فى المدينة بداية من الأسفلت وحتى بقية المنشآت الأخرى، كما أنها من خلال تخفيضها لدرجات الحرارة تؤدى لتقليل استهلاك الطاقة من خلال تقليلها لاستخدام أجهزة التكييف، وتقليل استهلاك الطاقة معناه حرق وقود أقل، وهو ما يقلل من مخاطر التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة أيضاً، فضلاً عما تؤدى إليه الأشجار من امتصاص العوادم وتقليل نسب التلوث، والضوضاء، وبالتالى تحسين الحالة النفسية وإمدادنا بطاقة إيجابية، وهو ما ينعكس فى النهاية إيجاباً على طاقتنا الإنتاجية.


مواضيع متعلقة