عيد العذراء في درنكة.. «حج مصغر» يجتمع فيه 3 ملايين محب للسيدة مريم

كتب: كيرلس مجدى

عيد العذراء في درنكة.. «حج مصغر» يجتمع فيه 3 ملايين محب للسيدة مريم

عيد العذراء في درنكة.. «حج مصغر» يجتمع فيه 3 ملايين محب للسيدة مريم

«على دير العدرا وديني.. أوفي ندري والرب راعيني».. كلمات ترنيمة تراثية تعكس محبة الأقباط لزيارة أديرة العذراء مريم، وبالتحديد دير درنكة في أسيوط، الذي يعد أكبر احتفال قبطي أرثوذكسي بالعذراء بحسب الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط والساحل والبداري، والذي أكد أن 3 ملايين شخص يزورون درنكة خلال 15 يوم مدة صوم العذراء، وفقا لما توثقه أجهزة الدخول عبر بوابات المداخل، ما يجعل منه الاحتفالية الأكبر للعذراء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

دير درنكة قبلة المسيحيين في أغسطس 

الدير الذي يمتد على مساحة كبرى ويقع على بعد 10 كم من مدينة أسيوط و3 كم من قرية درنكة، ويرتفع أكثر من 100 متر عن سطح البحر، أصبح هو المحطة الأخيرة لرحلة العائلة المقدسة قبل عودتها إلى فلسطين، ما جعل منه بديلا عن «الحج» الذي منعه البابا شنودة الثالث خلال فترة جلوسه على كرسي البطريرك بسبب فلسطين، الأمر الذي يعكس سبب ارتباط الأقباط به والتوافد عليه بهذا القدر.

زفة عيد العذراء في درنكة

على جوانب المغارة التي احتمت فيها العائلة المقدسة، يقف المصلون على الجوانب يوميا، بينما تمر «زفة العذراء» يتقدمهم الأنبا يوأنس بسيارته الكهربائية الصغيرة نظراً لظروفه الصحية التي تعيقه عن السير في تلك الدورة، أو ما تعرف بمسمى «الزفة»، والتي تستمر لقرابة نصف ساعة من السير يوميا، حيث يطلق أسقف أسيوط حماما أبيض رمزا للعذراء مريم التي تلقب بـ«الحمامة الحسنة».

فيما يأتي من خلفه عشرات الشمامسة الذين يسيرون في خطوط مستقيمة حاملين إيقونات السيدة العذراء والصلبان، وسط أجواء روحية يستغلها المتواجدون في الطلبات والدعاء أملا في نيل مبتغاهم.

«بقالي 5 سنين متجوزة ومش بخلف، وقفت السنة اللي فاتت في دورة العذراء وصرخت لها عاوزة طفل، السنة دي جيت درنكة وانا معايا كاراس».. هكذا قصت إحدى الزائرات معجزتها على الأنبا يوأنس، والتي أعلنها في تصريحات صحفية هذا العام كأحد أبرز المعجزات التي تتم خلال فترة الصلوات، ليطلب الجميع بإيمان ويتشفعوا بالعذراء مريم.

تغيير أنظمة الإقامة في عيد العذراء 

وأوضح أسقف أسيوط، أن الدير يحوي أكثر من 600 غرفة، وكانت تُخصص لكل عائلة غرفة لمدة شهر، وذلك أيام فترة الأنبا ميخائيل المطران المتنيح، إلا أنه مع ازدياد الزائرين فقد تقرر أن تتاح الغرفة لكل أسرة لمدة 3 أيام لاتساع أكبر قدر ممكن، لافتاً إلى أنه رغم ذلك هناك قرابة 630 أسرة لم تجد لها مكانا، مؤكدا أن الدير يبني سنويا مبنى جديدا يسع قرابة 33 غرفة أملا في استيعاب تلك الأعداد.

بادرة طيبة في عيد العذراء مريم بأسيوط 

وشهد هذا العام أيضا بادرة طيبة من الأنبا يوأنس، حيث وفر كل الاحتياجات في الكافيتريا بأسعار أقل من التكلفة، موضحاً أنه يدرك أن هناك بسطاء يتواجدون ولا يريد زيادة العبء عليهم، لذا يعطي فرصة لهم قائلا: «الفقير ياكل، والغني يحط في الصندوق».

سبب موعد عيد العذراء مريم 

وعن موعد الاحتفال، أرجع توقيت شهر أغسطس نظرا لصوم العذراء بالإضافة إلى الاعتقاد القبطي بأن العذراء تواجدت برفقة ابنها السيد المسيح ويوسف النجار خلال تلك الآونة، حيث أن تلك المغارة كان يتم اللجوء إليها للاحتماء من فيضان النيل منذ أيام الفراعنة وهو ما كان يحدث خلال شهري يوليو وأغسطس. 

باحث: عيد العذراء في درنكة مختلف عن أي مكان آخر 

من جهته، يرى كريم كمال الكاتب والباحث في الشأن القبطي، أن صوم وعيد السيدة العذراء مريم ارتبط بديرها في درنكة بمحافظة أسيوط، ما يجعله يجزم بأنه لا يوجد قبطي لم يزر هذا الدير في أيام الاحتفالات، أو على مدار أيام العام المختلفة.

وأضاف الباحث لـ«الوطن»، أن احتفالات السيدة العذراء في درنكة لها طابع خاص ويعتبرها قطاع كبير من الأقباط «حج» إلى هذا الدير العريق الأثري، حيث يوجد تقليد شفاهي قديم متداول بين الأقباط مفاده أن العائلة المقدسة اختبأت وقتا ما في مغارة بجبل أسيوط هربا من اضطهاد الامبارطور الروماني هيرودس، وهي المغارة التي أقيم عليها بعد ذلك دير العذراء الشهير بدير الدرنكة، وذُكر ذلك في عدد من المراجع المهمة على مدار التاريخ، ما يؤكد صحة الزيارة ومكوث العائلة المقدسة في المغارة الأثرية، وهذة هي أول العوامل التي تعطي الدير جوا روحيا لا مثيل له في أي مكان آخر.

وأوضح، أن الراحل الأنبا ميخائيل مطران أسيوط أعاد تعمير هذه المنطقة في خمسينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك التاريخ بدأت زفة السيدة العذراء في الدير، والتي تعطي طابعا روحيا وتهز وجدان من يحضرها.

واستكمل «أتذكر أني حضرت عددا من المرات الاحتفال بعيد السيدة العذراء في حبرية الأنبا ميخائيل، وكنت ألاحظ مشاركة عدد كبير من أخوتنا المسلمين، بجانب أبناء جميع الطوائف، حيث وحد الدير الجميع في حب السيدة العذراء، وحينما تبدأ الزفة نسمع المدح في البتول يرددها الآلاف، لتجد نفسك انتقلت من الأرض إلى قطعة من السماء تحيط بك الملائكة من كل جهة، وتجد السيدة العذراء حاضرة أمامك في زفتها وايقونتها والمغارة الأثرية والألحان والترميم التي تنفذ الي القلوب والعقول».

وأكد أنه رغم حضوره ومشاركته في العديد من الكنائس الشهيرة التي تحمل اسم السيدة العذراء في عيدها داخل وخارج مصر، لكن يظل الاحتفال بعيد العذراء في درنكة له مذاق خاص.

 

 


مواضيع متعلقة