"الوطن" تنشر نص كلمة مطران الأرمن في صلاة قداس الميلاد الخميس المقبل

"الوطن" تنشر نص كلمة مطران الأرمن في صلاة قداس الميلاد الخميس المقبل
يترأس المطران كريكور أوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك، صلاة قداس عيد الميلاد، صباح الخميس المقبل بكاتدرائية سيدة البشارة بوسط البلد، وسط حضور عدد كبير من الشخصيات العامة، السياسية والحزبية، والشعب.
وحصلت "الوطن" على نص الكلمة التي سيلقيها المطران خلال صلاة القداس بعد غد. وجاء نصها: أن عيد الميلاد هو عيد الفرح، لفرح السماء التي تحقّق مشروعها الإلهيّ الخلاصي، بتفقد الله الأب الخالق لخليقته، وإعادة وصل العلاقة التي انقطعت بينهما بفعل الأعمال الشرّيرة التي قامت بها هذه الخليقة ،ونكرانها الجميل لعطاياه تعالى.
"وهو أيضًا فرح الأرض لاستقبالها الطفل الإلهيّ، الذي أراد الانضمام إلى عائلة بشريّة، تواضع وتجرّد من ذاته متخذًا صورة العبد وصار على مثال البشر وظهر في هيئة إنسان" (فيلبي 6:2-7)، لينسبهم جميعًا إلى عائلة السماء فتتدفّق عليهم خيراته محبّةً وسلامًا".
"أنه في قلب الليل وظلامه، منذ 2014 سنة، "أشرق على الرعاة البسطاء، نور مجد الرّب" (لوقا 9:1)، وجاءت الملائكة تعلن لهم الخبر السار، ومن خلالهم للعالم كله، وفي الوقت نفسه ظهر في المشرق، نجم فريد من نوعه قرأ فيه العلماء الوثنيون ميلاد ملك الأزمنة الجديدة في أيام الملِك هيرودُس، إذا مجوسٌ قدموا أورشليم من المشرق وقالوا: أين ملِك اليهود الذي وُلِد؟ فقد رأينا نجمه في المشرق، فجئنا لنسجُد له (متّى 1:2-2). كلهم تركوا كل شيء، الرعاة الفقراء من قريب، والمجوس العلماء الأغنياء من بعيد، وأتوا إلى بيت لحم. سجدوا للطفل، وأهدوا إليه ذهبًا وبخورًا ومُرًّا (متّى 11:2)، قدّموا إليه هدايا حُبِّهم وإيمانهم ورجائهم، فبادلهم المشاركة في الطبيعة الإلهيّة.
"معلنًا عن خضوعه سجودًا في بلدان هذا المشرق وفي عالم الانتشار، أمام مغارة الميلاد، لنستنير من نور الحقيقة التي أُعلنت للعالم، ونتقدّس بنعمة الحياة الإلهيّة المعطاة لنا فمِن مِلْئِه، أن الرعاة وجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعاً في المذوّد" (لوقا 16:2). فالميلاد بركة خاصة لكل عائلة من عائلاتنا البشرية، أباء وأمهات وأبناء.
ويتساءل: أليس الله من جمعها في البدء وأعلن في الإنجيل المقدّس "ما جمعه الله لا يفرقه إنسان" (متّى 6:19)؟
لقد خلق الله النظام في الكون منذ إنشاء العالم. وهو الذي يمنح لكلِّ أبٍ صفة الأبوّة التي تتكلّم عن أسرار الأب في أبوّتهِ. ولكلّ أُمّ صفة الأمومة التي مُنحت للكنيسة ولأُمّ الكنيسة العذراء مريم. لقد اختار لابنه الحبيب أن يستقبل على الأرض في أجواء عائلية تُكرّس قدسيّة العائلة وتُظهر عظمتها في تدبير شؤون الخليقة. فكانت لنا أجمل التفاتةٍ من السماء بعطيتها مريم العذراء التي اختارها أُمًّا للقدّوس وجعلها الأجمل والأطهر والأقدس بين النساء. "المجد لله في العُلى وعلى الأرض السلام وللناس المسرّة".
وجاء في كلمته: أن ميلاد السيّد المسيح بأنواره على العالم وعلى الشرق الأوسط، رسالةً سلام، وبركةً يُغدُقها علينا بفيض من محبّته؟ هذا الشرق الذي يعطي رسالةً للعالم في العيش المشترك الحر والكريم بين مسيحيه ومُسلميه والاحترام الذي يكنُّه أحدنا للآخر في حياتنا الاجتماعية والانسانية والوطنية يجب أن يبقى قاعدة راسخة من قواعد سلوكنا وعاداتنا وتقاليدنا.
لا خلاص للإنسان دون الحب المتبادل، فالمسيح الذي هو الحقّ يبارك مساعينا في وحدتنا وتضامننا، ويقول لنا: أن لا خلاص لنا دون أن نجتمع على الحبّ المتبادل والثقة الراسخة في العقول وفي القلوب. ودون أن يضمنا في النهاية مصير واحد مشترك. فلندرك إدراكًا واعيًا أن لا قيمة لأوطاننا وشرقنا ولا لطوائفنا في ميزان الحضارة وفي مصير الأمم ما لم نكُن وطنًا واحدًا وشعبًا مبنيًا على المودّة والصفاء والإخلاص.
ويطلب أن يحل بداخلنا الحبّ بعضنا مع بعض ما في المسيح صاحب هذا العيد. فالحفاظ على تنوعنا ووحدتنا هو الطريق الذي لا طريق غيره لإنقاذ بلادنا وشرقنا والعالم من الحروب والإرهاب.
ولا شك أن طفل المغارة يرنو بعين حبّهِ في هذا اليوم الأغر إلى البلدان العربية التي تعيش اليوم تحولات تاريخية خطيرة. هو الذي أراد أن يولد فقيرًا في إسطبلٍ حقير، والذي قبِل فيما بعد أن يحمل صليب الفداء حبّاً بكل إنسان، لا بد أن يقول لنا ولإخوتنا من حولنا، على تنوع أفكارهم ومعتقداتهم ومواقعهم، الصلاة من اجل السيسي والحكومة".
ويناشد في كلمته بتّقوى الله ورفع يد الحقد والبغض والكف عن القتل وإنهاء الحروب ليحل سلام الله.
ويختتم كلمته بالدعوة للعيش معًا بتنوع جماعاتنا المسيحية والإسلامية، وبتنوع ثقافاتنا وتطلّعاتنا وآرائنا وخياراتنا السياسية والوطنية، جمال وحدتنا وتضامننا وترابطنا، ونبني معاً مصر الحديثة ذات قيمةٍ باستقرارها وإشعاع دورها في محيطها الإفريقي والعربي، وفي الأسرة الدولية.
ويطلب السلام للجميع، والتطلع معا، عبر تمنيات الميلاد والسنة الجديدة 2015، إلى ولادة ربيع عربي حقيقي، ربيع سلام ومحبّة واستقرار قائم على تعدّدية الأديان والديمقراطية وقبول الآخر بعيداً عن المصالح والسيطرة والاستغلال.
ويهنئ رئيس الجمهورية وحكومته الرشيدة وكل المسؤولين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والتربوية والصلاة من اجلهم ليحكموا مصر حكما رشيدًا.