«كُشك المحمل».. دشنه الخديو إسماعيل لإطلاق موكب الحجاز

«كُشك المحمل».. دشنه الخديو إسماعيل لإطلاق موكب الحجاز
- كسوة الكعبة
- تاريخ كسوة الكعبة في مصر
- صناعة كسوة الكعبة
- صناعة كسوة الكعبة في مصر
- كسوة الكعبة
- تاريخ كسوة الكعبة في مصر
- صناعة كسوة الكعبة
- صناعة كسوة الكعبة في مصر
أصابه الخراب من كل حدب وصوب، حتى إنه لم يتبقَّ منه سوى أحجار متراكمة لمبنى مهدّم، وكأن ما حل به أفقده مكانته الروحانية التى طالما اهتزت لها القلوب برؤيتها خروج كسوة الكعبة الشريفة من أبواب كُشك المحمل، فى احتفالات شعبية رسمية، إيذاناً بانطلاقها نحو الأراضى الحجازية.
مشهد مهيب استمر لسنوات طوال حتى دارت الدنيا على المبنى العتيق الذى يقبع أسفل سور قلعة صلاح الدين، فتبدلت حاله إلى صورة مؤسفة، إذ التهمته النيران ولم يعد له ذكر إلا فى حكايات كبار السن.
قبل نحو 40 عاماً، يحتفظ الرجل الثمانينى بمكانه فى الجهة المقابلة لكشك المحمل، حيث يبيع «فوط السيارات» على عربة خشبية صغيرة، ما يجعله من الشاهدين على تاريخ المبنى العريق. بابتسامة ملأت وجهه، تذكر أحمد على، حين أعطته الحياة فرصة وهو طفل فى سنواته الأولى، لمشاهدة احتفالات كسوة الكعبة التى انطلقت من كشك المحمل، وكانت تحتشد لها الجموع ليلاً ونهاراً، وينضم إليها الملك فاروق ووزراؤه: «ياه دى أيام محدش كان بينام من حلاوتها» حسب روايته لـ«الوطن».
«أحمد»: شاركت فى احتفالاته.. والقاهرة ماكانتش بتنام
سنوات محدودة شارك الرجل فى الاحتفالات التى توقفت فى عام 1962، فيما استمرت الحكايات عن المبنى العريق، الذى تحول كوجهة تنتهى عندها الموالد الصوفية: «كان شيخ طريقة المحمودية يركب على حصانه، وخلق ياما وراه، يصقفوا وكان الموكب يبدأ من سيدنا الحسين لغاية باب كشك المحمل» استمر هذا المشهد حتى سبعينات القرن الماضى.
تبدّلت ابتسامة الرجل حزناً وتقطيباً، عندما تلاقى وجهه بأطلال المبنى المنكوب: «تبدّل المبنى بعدما تحول إلى مقر للحزب الوطنى، ومع الأحداث التخريبية التى صاحبت ثورة 25 يناير، النار ولعت فى المبنى» لتنتهى حكاياته العريقة التى بقيت فى ذاكرة وقلب «عم أحمد».
باحثة: الحاكم كان يؤذن للموكب بالمسير بعد إطلاق 21 طلقة مدفع وتقبيل مفتاح الكعبة
عرضت الدكتورة إنجى أبوالخير، الباحثة التاريخية ودكتورة الأدب الفرنسى بكلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر، لـ«الوطن»، ملامح تاريخية عن مبنى كشك المحمل، الذى بناه الخديو إسماعيل قبل نحو 158 عاماً فى 1864 ميلادياً، لحفظ الكسوة بعد صناعتها فى دار شارع «الخرنفش»، لحين بدء احتفالات خروج موكبها.
«مصطبة المحمل» أو كُشك الخديو، هكذا عُرف مبنى كشك المحمل، حسب الباحثة التاريخية، إذ اختار الخديو إسماعيل موقع بنائه خلف السور الغربى للقلعة، فهذه النقطة تجعل القلعة من خلفه، ومن أمامه مسجد السلطان حسن، الذى كان يعتبر هرم مصر الإسلامى، مما يدل على هيمنة الدولة المصرية سياسياً وروحانياً على الشرق.
وحول الاحتفالات، قالت «إنجى» إن الاحتفالات الشعبية كانت تبدأ قبل خروج المحمل من الكشك بيوم واحد، فتطوف كسوة الكعبة مدينة القاهرة بأكملها، وفى اليوم التالى يبدأ احتفال رسمى مهيب، يحضره الخديو إسماعيل، ثم من تلاه من الحكام، حيث يأتى على عربة مكشوفة ووراءه 148 من فرسان الجيش المصرى، ليبدأ السلام الوطنى، ومع إطلاق 21 طلقة مدفعية، ويشارك فى الاحتفالات كبار العلماء والوزراء والمندوب العثمانلى وكبار رجال الدولة وجموع الشعب.
وعقب الطلقات المدفعية، يدور موكب المحمل 3 مرات متتالية ويتوجّه بعد ذلك للخديو ليُقبل كسوة الكعبة ومفتاح الكعبة، ثم يتلو دعاء المحمل، الذى يبدأ رحلته نحو الأراضى الحجازية.
واختتمت «إنجى» حديثها عن المبنى العريق الذى تحول بعد ذلك إلى مقرات لمؤسسات الدولة وأحزابها من الاتحاد الاشتراكى إلى الحزب الوطنى، إلى أن أضرمت فيه النيران ضمن الأحداث التخريبية التى صاحبت ثورة 25 يناير، موضحة أنه رغم الحريق تم تسجيل كشك المحمل كمبنى أثرى، الأمر الذى يعطى أملاً فى إعادة تأهيله وترميمه مرة أخرى.
الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، قال إنه رغم إضرام النيران فى كشك المحمل تم تسجيله بالفعل ضمن المبانى الأثرية، وكذلك دار الكسوة فى الجمالية، إلا أنها تابعة لوزارة الأوقاف، فهى المسئولة عنها وتمتلك المفتاح الخاص لدخولها.