بـ"عين وأذن واحدة".. "عم عوض" يرعى الغنم ويساعد جيرانه
بعين وأذن واحدة عاش "عم عوض محمد" طيلة أربعين عامًا مضت، قانعًا بما قسمه الله له، لم يرد سؤال عاجز رغم عجزه، ولم يبخل بمال رغم فقره، العاهات التي ولد بها وتعايش معها، زادتها عاهات أخرى خارجة عن إرادته، إذ يأوى وأسرته إلى جدران مشققه وسقف خشبي يهوى على رأسه كلما حل الشتاء، ظروف لم تقف حائلًا أمام إصراره على رعاية الغنم صباحًا وتقديم المساعدة لأهله وجيرانه بقرية الخولي بمركز أبوحمص ليلًا، ليخلد إلى نومه بنهاية كل يوم منهمكًا من أثر الشقاء المتواصل.
رعاية الغنم مهنة لا تحتاج قدرات ذهنية حيث قال "ربنا يقطع من هنا ويوصل هنا، صحتي عال، دورت على شغل كتير، لكن بسبب إعاقتي، محدش رضي يشغلني علشان عندي ضعف بصر وسمع"، منذ ذلك الحين لم يعرف "عوض" طعم الراحة حتى حصل على مهنة تتوافق مع ظروفه الجسمانية" بنام 3 ساعات يوميًا، وبصحى في صلاة الفجر، أطلع من البيت قبل العيال ما يفوقوا وأروح أهّش الغنم على الطريق الغربي، وأرجع على الساعة 5 المغرب"، عودة الرجل الأربعيني من يوم عمل شاق لا تعني بالنسبة له الحصول على قسط من الاسترخاء داخل بيت يفتقر إلى سبل الراحة، "بيتي ما فيهوش ولا نقطة مياه، وكمان مش عندي سقف ولا شباك".
حياة عم "عوض" مليئة بالخير والعطاء، وسط مشكلات تلاحقه ليل نهار "مديون طول الشهر، وبتطلعلي يوميه 4 جنيه، معايا 8 عيال، 3 اتجوزوا وباقي 5 لسه بصرف عليهم"، الديون والهموم والظروف المعيشية القاسية التي تلاحق "عوض" كانت حافزًا لعمل الخير "كل أهالي أبو حمص عارفني وبيحبوني، علشان بساعد أي حد يطلبني، البخيل بماله وصحته، ربنا بيبخل عليه".
مهام يومية على راعي الغنم المعاق التهيؤ لها بصفة مستمرة، بحسبه "بملا مياه لبيتي وبيوت الجيران، وأرجع أعمل ورق كرتون أسد بيه فجوات السقف الخشب علشان الناس ماتعياش، خاصة لو بيت مش فيه راجل، أو أطفاله لسه صغيرين، بحاول أساعدهم على قد صحتي لأن بيوت القرية كلها خشب وفقيرة".