«بينيت والسنوار».. وتحديات إثبات القوة

جيهان فوزى

جيهان فوزى

كاتب صحفي

مسلسل اقتحام المسجد الأقصى من المستوطنين مستمر، وإسرائيل ومستوطنوها لن يتوقفوا عن ممارسة الاستفزاز ضد الفلسطينيين طالما استقرت عقيدتهم بوجود «جبل الهيكل» أو هيكل سليمان تحت المسجد الأقصى، وحكومات إسرائيل المتعاقبة تمارس نفس سياسة الإقصاء والتهجير والعدوان على كل ما هو فلسطينى فى القدس، محاولات شرسة لتهويد المدينة المقدسة للاستيلاء على مقدساتها وتاريخها وتراثها، ومع بدء اندلاع الاشتباكات والتصعيد الذى يبدأ دائماً باستفزاز المستوطنين لأهالى المدينة، تتصاعد شرارة الاشتعال فى غزة، وسرعان ما تتحول إلى حرب ضارية يقودها الاحتلال ضد المقاومة التى تهبّ لنجدة القدس وأهلها من بطش عدوان الاحتلال الممنهج، الذى أصبح أسلوب حياة، اعتادت على نقله كاميرات المراسلين فى أنحاء العالم، وتبرع مئات المحللين والمراقبين لشرح مخاطره وتداعياته، وتنديد المجتمع الدولى الخجول والمتململ، لكن دون فعل مؤثر يعود بالتغيير الجذرى على أرض الواقع.

عندما يصدر رئيس الوزراء الإسرائيلى نفتالى بينيت، الأربعاء الماضى، تعليمات بالسماح للمستوطنين المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى، احتفالاً بإعلان الكيان الإسرائيلى، فهو يعلن قاصداً متعمداً أن الاشتباكات والعدوان بين قطعان المستوطنين وقوات الاحتلال من جهة وبين الفلسطينيين فى القدس المحتلة مستمر، وعندما يهنئ الإسرائيليين بمناسبة يوم الإعلان الرابع والسبعين لقيام دولتهم قائلاً: «لقد منحنا الشعب اليهودى فرصة ثالثة. هذه المرة يجب أن ننجح»! فهو بذلك يؤكد على رفض كل الحلول القاضية بتذليل العقبات أمام حل الدولتين، والرفض القاطع لقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، فإقدام المستوطنين وجيش الاحتلال على استفزاز مشاعر الفلسطينيين باقتحام الأقصى، والاحتفال بالضم غير الشرعى للقدس من شأنه أن يحول حالة التوتر المستمرة منذ بداية شهر رمضان إلى انفجار شامل يتحمل مسئوليته حكام إسرائيل وجيش الاحتلال.

أما خطاب يحيى السنوار، رئيس حركة حماس المقل فى الظهور الإعلامى قبل أيام، فلا يخلو من دلالات ورسائل محددة، فى اتجاهات مختلفة ولأطراف متعددين، منها التأكيد أن انتهاء شهر رمضان لا يعنى أن خطر اندلاع مواجهة مع المقاومة قد انخفض، وأن مسبّبات معركة سيف القدس ما زالت قائمة، وأن الإنذار بتجدّد اشتعال الموقف غير مرتبط بشهر رمضان فقط، بل بسلوك الاحتلال وغلاة المستوطنين، أما رسالة التهديد الموجّهة إلى إسرائيل فهى رسالة مزدوجة، عنوانها أن الحرب المقبلة لن تقتصر على مواجهة مع المقاومة فى غزة، بل ستتعداها إلى حرب إقليمية متعددة الجبهات؟! عنوانها حماية المسجد الأقصى من العدو الذى ينتهك حرماته. ويبدو أن السنوار يشير بذلك إلى رسالة لم يصرّح عنها فى خطابه؟ والرسالة الثانية موجّهة إلى محور القدس -محور المقاومة- فقد خصّ السنوار الجمهورية الإسلامية فى إيران بالشكر والتقدير والثناء، بدءاً بمرشدها السيد على خامنئى، مروراً بقادة حرس الثورة الإسلامية وقوة القدس وكل مكوّنات الدولة، قيادة وشعباً. وهو ما يؤكد أن العلاقات مع إيران موصولة ومستمرة، فيما وجَّه رسالة تحذير إلى المجتمع الدولى مفادها أن سلوك الاحتلال فى المسجد الأقصى سيدفع باتجاه حرب إقليمية دينية؟ وهو الأمر الذى أثار حفيظة المراقبين، لأنها تحول مسار المقاومة الفلسطينية العادلة لتحرير الأراضى المحتلة، إلى حرب دينية طائفية، طالما استخدمت إسرائيل أدواتها لإقناع العالم بممارسة الفلسطينيين الإرهاب، وليس مقاومة ونضالاً ضد الاحتلال، وهو ما سيعكس آثاراً سلبية أكثر سوءاً على الفلسطينيين تزيد من حدة التضييق عليهم، وفرض المزيد من الحصار، والإشارة إليهم إذا ما تمت عملية إرهابية ضد اليهود خارج إسرائيل، وهذا فى حد ذاته يحقق الأهداف الإسرائيلية ويثبت دعايتها الإعلامية التى تصدّرها للخارج بأن الفلسطينيين إرهابيون، فى وقت تشهد فيه المنطقة العربية حراكاً واضحاً نحو التطبيع مع إسرائيل والتعاطف معها.