«تامر» ضحّى بعمله ليرافق زوجته فى مرضها: دعيت ربنا أكون مكانها
الزوج: احتوتنى فى مرضى ولم تتخلَّ عنى وهى «طعم الحياة بالنسبة لى»
«تامر» مع زوجته «إيمان»
دموعه تخونه وتوتره يزداد، فينسيه اسمه ولا يتذكر غير وجع صدمة إصابة شريكة عمره بالسرطان، فيبكى وتشد هى من أزره، وتخبره بأن الله معهما وألا يبكى، المريض صار المداوى، لحظة أدرك فيها أنها من تحتاج إليه ولكنها عالمه الذى يبهت أمامه، فكان خير معين، تاركاً الدنيا بما فيها ويلازمها ويسبق خطواتها لمحاربة المرض اللعين.
لم تنسَ إيمان عبدالوهاب، 42 عاماً، بدايات مرضها بسرطان الثدى الذى لم تكن تعلم إصابتها به، حتى شجعها زوجها على ضرورة الكشف واكتشاف أسباب الألم، فتشق الابتسامة ثغرها، متذكرة سعيه فى اليوم التالى حتى ذهب لمستشفى «بهية»، ثم أخذها من يدها كصغيرته المدللة، ومرافقها فى كل الفحوصات حتى كانت الصدمة.
فى عام 2019، سلبت الصدمة روح «تامر»، حينما فاجأته النتيجة بإصابة زوجته ورفيقة دربه بسرطان الثدى، لا يدرى متى خانته دموعه، أو كيف يهدأ صوت بكائه، لا يدرك غير أن زوجته فى خطر، هو يحتاجها، وهى تحتضنه وتخبره بأن كل مُر سيمر: «كانت بالنسبة لى مش زوجتى وبس، زوجتك بتدّى طعم للحياة، بالنسبة ليّا هى الحياة، ده مش مرض عادى يعنى مش كلية أقدر أديهالها، أنا كنت بقف عاجز عن إنى أخفف عليها، كان نفسى أقدر أديها أكتر، لدرجة أنى كنت بدعى ربنا يشفيها وأكون أنا مكانها».
تتذكر «إيمان» هول الصدمة على زوجها الذى تربت على يديه، حتى إنها خشيت من المرض لخوفها عليه: «من جوايا أنا مرعوبة وخايفة، بس أنا ما عيّطتش ولا عملت حاجة علشانه هو». لم تأخذهما الصدمة طويلاً حتى بدأت فى مشوار العلاج: «بدأت الأول بالكيماوى، ما دخلتش عمليات لأن الإصابة كانت فى الثدى وخرجت على العظم»، فأبلغتها الطبيبة بأنهم سيبدأون بعلاج العظام أولاً، ولا يوجد داعٍ فى الوقت الحالى لإزالة الثدى: «تلقيت العلاج الكيماوى والهرمونى، وحالياً بتعالج تانى لأنه انتشر عندى فى العظام، وبعمل نقل دم كل فترة».
«إيمان»: تماسكت أمامه وحبست دموعى خشية عليه وساندنى فى رحلة علاجى فى كل خطوة
بدعم من زوجها وأولادها وأهلها، وجلسات الدعم النفسى، قررت «إيمان» مواجهة مرضها، بالخروج والتعرف على محاربات جدد لدعم بعضهن، «جوزى وقف من الأول للآخر، كان بيحضر معايا جلسات العلاج، ولم يتركنى لحظة واحدة لحالى، كان ملازماً لى فى كل خطوة».
الزوج والأولاد تكاتفوا معاً، حتى لا تقدم «إيمان» على أى عمل يرهقها، ينفذون الأعمال المنزلية، يتقاسمون فيما بينهم الأدوار كيلا تضع يدها فيها، وإلى جانب مشواره معها فى المستشفى، كان مهتماً بالطعام الذى تتناوله، يطبق تعليمات الطبيب بحذافيرها، وجعلها هى الوحيدة صاحبة الاهتمام والرعاية فى المنزل، وكلما احتاجت إلى مشوار يخص العلاج، يترك زوجها عمله غير عابئ بأى شىء سواها.
شعر «تامر» بالخطر يداهم قلبه، حينما رأى شعلة النشاط فى المنزل تنطفئ: «أول جرعة خدتها إيمان تعبت بعدها بيومين، أنا شايف واحدة مش بتتحرك فكنت مش قادر أعملّها حاجة، إيمان كانت واحدة من النوع اللى مش بتقعد وإيديها فى كل حاجة فى البيت، ولحد دلوقتى أنا مش متخيل إنها تعبانة».
فى أشد لحظات «إيمان» ضعفاً، كان يتذكر زوجها لحظات مرضه، ورفيقة عمره تسنده: «أنا تعبت قبل كده وكانت هى اللى واقفة بجانبى وساندانى، كنت شايف إن اللى بتعمله ده طبيعى، لكن عرفت العكس لما هى تعبت، أنا حالياً فى مرحلة صدمة حتى الآن».
يروى تفاصيل مرضه وموقفها المؤثر، بعدما مرت عليه فترة لم يكن يرى فيها جيداً بسبب ضغوط العمل الذى تركه من أجل التفرغ لخدمتها، وكان فى منزله 3 سمكات، وقتها عاد نظره ولم يخبرها ليرى كيف كانت تتعب فى المنزل ولم تخبره بمعاناتها: «قدمت لى السمك كله قدامى، وكنت بشوفها بتغمس العيش فى الزيت وتاكل وتعمل نفسها بتاكل معايا، أنا كنت هبكى بس اتحججت وقتها إنى مش طايق ريحة السمك لتأكل، وحينما انتهيت وجدتها تبكى، وهى تأكل، مهما عملت أنا مش هقدر أوفى جزء صغير من اللى قدمته».
لم تكن فكرة التخلى عن الزوجة موجودة فى قاموس «تامر»: «مهما عملت ليها بعد جلسات الكيماوى، مكنتش هقدر أخفف عنها، أو أحس بتعبها، كنت بقعد أتكلم معاها، وبتعامل معاها لحد فترة قريبة إنها تمام ومعندهاش أى مرض، وأهزر وأتكلم معاها، وأحسسها إنها طبيعية».