«الوطن» تواصل نشر «خريطة الألغام فى الطريق إلى البرلمان» (2-2)
مرشح «الفردى» من حقه إنفاق 700 ألف جنيه فى المرحلتين.. و3 ملايين سقف الإنفاق لقائمة الـ45 .. وتعيين نواب بقرار من الرئيس «إهدار لإرادة الناخبين»
نشرت «الوطن» أمس الجزء الأول من دراسة الأستاذ الدكتور على الصاوى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن «النظام الانتخابى الجديد»، التى تعرض فيها لما أقره الدستور من مبادئ تحكم الانتخابات البرلمانية، وما شملته القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، وفى ختام الجزء المنشور أمس، تعرض «الصاوى» لنقد السياسة التشريعية للنظام الانتخابى، وماهية السياسة التشريعية للنظام الانتخابى، من حيث، أولاً: تعدد طرق الحصول على المقعد، وثانياً: التمثيل الخاص لبعض الفئات. وفى الجزء المنشور اليوم، يكمل «الصاوى» تفنيده لباقى محاور نقد «السياسة التشريعية للنظام الانتخابى».
ثالثاً: التمييز بين المرشحين
حدد قانون مجلس النواب إجراءات الترشح الواجب اتباعها، ومنها ما ورد فى المادة العاشرة من قانون مجلس النواب بشأن إيداع المرشح مبلغاً بصفة تأمين، وكذلك ما ورد فى المادة 25 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وفى الحالتين يجد المرء عدة ملاحظات ومطاعن على التنظيم القانونى للانتخابات من زاوية عدم مراعاة المساواة وتكافؤ الفرص بين المرشحين.
فبالنسبة لمبلغ التأمين، يودع المرشح الفردى ثلاثة آلاف جنيه مصرى «كتأمين»، أما القائمة المكونة من 15 مرشحاً فتودع مجتمعة ستة آلاف جنيه للقائمة ككل، أما القائمة التى تضم 45 مرشحاً فتودع ثمانية عشر ألفاً فقط، أى أن نصيب المرشح الواحد فى القائمة (سواء ذات الـ15 أو الـ45 مرشحاً) حوالى 400 جنيه مصرى فقط، الأمر الذى يعد تمييزاً بين مرشحى الفردى والقوائم لصالح مرشحى القوائم. [FirstQuote]
ولا يقتصر الأمر فقط على التأمينات، بل كذلك على الإنفاق؛ فمرشح النظام الفردى من حقه أن ينفق نصف مليون جنيه فى المرحلة الأولى و200 ألف فى مرحلة الإعادة، أما مرشح قائمة الـ15 فيحق له إنفاق مليون جنيه فى المرحلة الأولى ثم 400 ألف فى مرحلة الإعادة، ولقائمة الــ45 يكون السقف 3 ملايين، ومليوناً و200 ألف فى الإعادة.. الأمر الذى يعد تمييزاً بين مرشح الفردى ومرشح القائمة فى مسألة حجم الإنفاق؛ حيث إنه من المفترض حسابياً التساوى بين المرشحين.
ومن مآخذ الصياغة أن المادة 10 من قانون مجلس النواب فى فقرتها قبل الأخيرة استخدمت عبارة «ويضاعَف هذا المبلغ إلى ثلاثة أضعاف»، والصواب هو «ثلاثة أمثال» باعتبار أن الضعف حاصل ضرب الرقم فى نفسه، بينما المثل هو ذات الرقم مكرراً، فإذا قلنا يضاعف مبلغ الستة آلاف ثلاثة أضعاف فيعنى ذلك أن الإجمالى 3x12 ألفاً= 36 ألف جنيه، بينما القصد هو 3 أمثال، أى 3x6000= 18 ألف جنيه، وقد راعى قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية هذا فى مادته رقم 25، التى أوردت الحد الأقصى للإنفاق للمرشح الفردى فى الجولة الأولى وفى الإعادة، ثم استخدمت عبارة «ويضاعف الحدان لكل 15 مرشحاً تجمعهم قائمة واحدة»، وكان أحرى بقانون مجلس النواب أن يتسق مع قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية فى هذه الصياغة.
رابعاً: تمثيل المرأة: سياسة لا صياغة
شهدت المجالس النيابية السابقة تمثيلاً ضئيلاً لمشاركة المرأة لم تتجاوز 2% إلى 3%، ولكن من المنتظر أن يكون هناك تمثيل أكبر للمرأة فى البرلمان المقبل؛ فمن المتوقَّع أن تحوز المرأة على الأقل من 75 إلى 80 مقعداً، أى 13-15%، والشاهد أن قانون مجلس النواب قد تبنى تفسيراً كمياً للمادة 11 من الدستور؛ بحيث تأتى هذه النسبة المتوقعة من خلال تخصيص مقاعد للمرأة على القوائم الانتخابية ومن خلال نسبة الأعضاء بالتعيين؛ فبالنظر إلى المادة «5» من قانون مجلس النواب، نجد أنه قد خصص للمرأة 56 مقعداً على الأقل، يضاف إلى هذا نسبة الأعضاء المعينات بقرار من رئيس الجمهورية؛ حيث يشترط أن يكون نصف المعينين من السيدات، فإذا عين الرئيس كل النسبة المقررة له (أى 27 عضواً) أضاف بذلك 13 امرأة على الأقل للمنتخبات، فأصبح حوالى 69 عضواً من النساء على الأقل، إضافة لمن تنجح على المقاعد الفردية.
ولعل النقد الموجَّه لهذا القانون يتمثل فى غياب السند المنطقى لتقديره الكمى فى تمثيل المرأة، الذى تضمن تخصيص 12-13% من المقاعد للمرأة، وليس هذا الرقم سوى تقدير مطلق يؤخذ ويرد؛ حيث لا يعبر عن الوزن النسبى للمرأة فى المجتمع أو الوزن النسبى للنساء فى قاعدة بيانات الناخبين، أو الوزن النسبى للمرأة فى عضوية الأحزاب السياسية، أو الوزن النسبى لأى شىء آخر فى المجتمع والدولة، ومن ثم يصعب القول: إن تفسير القانون لحكم المادة 11 من الدستور صواب أم لا، ومتوافق مع الدستور أم لا، كما يصعب إقناع الجمهور بأن هذه النسبة التى قررها القانون تفوق أم تقل عن التمثيل «المناسب» للمرأة فى مجلس النواب.
وربما ينظر المرء فى تفسير الدستور بطريقة تكاملية، بمعنى أن نص المادة 11 أشار إلى مسيرة مستمرة وطرق غير محدودة ولم يتضمن بأى معنى من المعانى تمثيلاً كمياً، ولهذا قال: «وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية»، ومن ثم فإن النص ذاته لا يحتمل ترجمته إلى 56 مقعداً مخصصاً للمرأة فى مجلس النواب.
من ناحية أخرى، وانطلاقاً من تفسير الدستور بعضه لبعض؛ فعندما نصت المادة 11 على تمثيل المرأة تمثيلاً مناسباً فى المجالس النيابية ولم تحدد رقماً أو نسبة أو آلية لهذا التمثيل، فإن المادة 181 من الدستور كانت أكثر وضوحاً -وهى مادة مستمرة وليست حكماً انتقالياً- حيث حددت نسبة الربع على الأقل فى تشكيل كل مجلس محلى منتخب، وبما أنه هو المجلس المنتخب الثانى فى النظام السياسى (بعد مجلس النواب) فيمكن الاسترشاد بتركيبه فى الدستور وما تضمنه من تمثيل محدد للمرأة لتحديد تركيب المجلس الأول (أى مجلس النواب) وحجم تمثيل المرأة فيه، وبما يحقق الاتساق التشريعى فى تركيب المجالس النيابية وفقاً للدستور![SecondQuote]
خامساً: إشكالية المعينين!
أجاز القانون لرئيس الجمهورية تعيين عدد من الأعضاء، لا يتجاوز نسبة 5% من إجمالى عدد الأعضاء المنتخبين، وبشرط أن يكون لهم نفس الحقوق وعليهم ذات الواجبات، كما اشترط القانون أن يكون نصفهم على الأقل من النساء، وتمثيل الخبراء وأصحاب الإنجازات العلمية والعملية فى مختلف المجالات، والاستعانة بترشيحات المجالس القومية والمجلس الأعلى للجامعات ومراكز البحوث العلمية والنقابات المهنية والعمالية، وذلك كله فى إطار مجموعة من الضوابط، هى:
- أن تتوافر فيمن يعيَّن الشروط ذاتها للترشح لعضوية مجلس النواب.
- ألا يعيَّن أحد أعضاء الحزب الذى كان ينتمى له الرئيس قبل أن يتولى مهام منصبه.
- ألا يعيَّن عدد من الأشخاص ذوى الانتماء الحزبى الواحد، ما يؤدى إلى تغيير الأكثرية النيابية فى المجلس.
- ألا يعيَّن من خسر الانتخابات فى الفصل التشريعى ذاته، وبالتالى على الشخصيات العامة ومرشحى القوائم الحاصلين على 49% من الأصوات أن ينتبهوا إلى ذلك.
صحيح أن القانون قد أحسن عندما قرر مساواة الأعضاء جميعاً فى الحقوق والواجبات، فى حين أن القوانين السابقة كانت تميز بين المعينين، ولم يكن يحق لهم التصويت على تعديلات الدستور مثلاً، والمنتخبين، وأنه أيضاً نظم استخدام رئيس الجمهورية لرخصته «الدستورية» فى التعيين بالبرلمان «المنتخب»، إلا أن النقد الجوهرى الذى يوجَّه لتلك السياسية التشريعية يتمثل فى مغزاها الأخلاقى، فرغم أن الدستور هو الذى أعطى تلك الرخصة لرئيس الجمهورية؛ وليس قانون مجلس النواب، فالأهم أن البرلمانات «الديمقراطية» المعاصرة لا تعرف فكرة تعيين النواب، لأن تعيين نائب واحد يعنى إهداراً ضمنياً لإرادة مجموع الناخبين، لا سيما عندما يتمتع المعيَّن بذات صلاحيات المنتخب، فكأن السلطة التشريعية التى أودعها الشعب (صاحب السيادة) فى أيدى ممثليه أصبحت منقوصة وتم اقتسامها مع من لم يختاره الشعب بالأساس.
من ناحية أخرى، فإن الدستور ذاته قد أشار فى المادة 101 إلى أن مجلس النواب «يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية»، التى يعتبر الرئيس أحد مستوياتها أو مكوناتها الثلاثة، فكيف يتأتى احترام مبدأ «الفصل بين السلطات والتوازن بينها» الوارد فى المادة الخامسة من الدستور فى ظل وجود أعضاء غير منتخبين؛ وإنما هم معينون بقرار منفرد من رئيس السلطة التنفيذية التى من المفترض أن يراقبوها، لا سيما إذا وصل المعينون إلى المواقع القيادية فى مجلس النواب وكانوا بذلك أصحاب القرار فى مراقبة السلطة التى عينتهم؟
سادساً: المبالغة فى إسقاط العضوية
درج العرف الدستورى المصرى، والمقارن، على اعتبار إسقاط العضوية عن «عضو منتخب» أمراً استثنائياً، أحاطه الدستور بقيود معقدة وإجراءات خاصة لما فيه من جسامة فى دلالته على استقلال السلطة التشريعية وخطورة فى إعماله على الفصل بين السلطات والثقة فى المؤسسات المنتخبة، ولهذا جاء نص المادة 110 من الدستور بصيغة النفى والاستثناء، وهو أسلوب يوجب التروى فى فهم الحكم التشريعى للمادة، ويجعل الجواز الذى فيها هو بالقطع استثناء لا يجوز التوسع فيه. وقد حدد الدستور فى هذه المادة ثلاث حالات للسير فى إجراءات إسقاط العضوية، أولاها: فقدان الثقة والاعتبار، والثانية: فقدان أحد شروط العضوية التى انتخب على أساسها، والثالثة: الإخلال بواجبات العضوية.
وقد اتجه القرار بقانون إلى التزيد على الدستور ذاته، وصار محلاً للطعن من عدة أوجه:
1- أن القانون أضاف حالات لإسقاط العضوية لم يقرها الدستور فى مادته 110، وذلك بعد أن حصرت المادة 102 شروط العضوية الجوهرية هذه فى فقرتها الأولى (مصرى، متمتع بالحقوق.. تعليم أساسى.. 25 سنة)، ثم جاءت المادة فى فقرة منفصلة وتالية عددت شروطاً أخرى موجهة إلى تقسيم الدوائر (التقسيم لضمان التمثيل العادل)، ثم أحالت للقانون العادى وضع شروط أخرى، يمكن اعتبارها «شروطاً ثانوية» (مثل: محل الإقامة، أو المهنة)، يجب توافرها عند الترشح ولكن لا ترتقى إلى الشروط الجوهرية التى يترتب على فقدانها إسقاط العضوية.
ومع ذلك، توسع قانون مجلس النواب فى حالات وأسباب إسقاط العضوية، حيث نصت المادة «6» على أحد أسبابه وهى تغيير الصفة الخاصة بالمرشح، فيحدد القانون صفات الشباب، العمال والفلاحين، المرأة، ذوى الإعاقة، والمصرى المقيم بالخارج، وإذا غير أحد الأعضاء إحدى هذه الصفات، تسقط عضويته، وتعد مسألة تغيير الصفة أمراً مبالغاً فيه ليكون سبباً لإسقاط العضوية.
2- كذلك، فإن أول بند وأهم حصانة للحزبيين فى المادة «9» بقانون الأحزاب السياسية هو «عدم جواز اشتراط الإفصاح عن العضوية الحزبية فى الوثائق الرسمية»، فكيف يشترط قانون مجلس النواب فى المادة العاشرة الإفصاح عن الانتماء الحزبى للمرشح، سواء الفردى أو القوائم فى حين أن قانون الأحزاب يمنع ذلك الشرط؟
3- إضافة إلى هذا، فإن العضوية العاملة بالحزب تتطلب وقتاً حسب النظام الأساسى أو اللائحة الداخلية للحزب، كما يجب إخطار لجنة شئون الأحزاب بخطاب موصى بأى تغيير فى الهيئة العليا أو دمجه أو رئاسته، وبهذا، فمن الناحية الواقعية فإن تطبيق هذا القيد -أى إثبات الانتماء الحزبى- فى القانون الجديد لا يفسح مجالاً لمراعاة الوقت المتاح عملياً أمام المرشحين «المحتملين» لكى ينضموا إلى أحزاب ويكتسبوا العضوية العاملة، كما لا يتيح للأحزاب اتباع النظم الداخلية والالتزام بالقانون فى مسألة العضوية، التى تستغرق وقتاً يصل إلى أشهر حتى يقيد المرء عضواً فى الحزب، وتبلغ بذلك لجنة الأحزاب المنصوص عليها فى قانون الأحزاب ذاته، وإلا تركنا الأمر لتقدير المسئول الإدارى أو رئيس الحزب فى ضم أى شخص فى لحظة ودون مراعاة الإجراءات المقررة فى نظامه الداخلى والتى تتيح للغير الطعن على ضمه أمام القضاء الإدارى وقد يقوم أيضاً بطرد أى عضو وحرمانه من الترشح كعضو فى الحزب.
4- كما أن هذا القيد السابق لا يتمتع بالاتساق مع سائر أحكام القانون ذاته والنظام الانتخابى الذى تضمنه، حيث استوجب إثبات الانتماء الحزبى (وهو إجراء موضوعى يثبت فقط بطريقة شكلية أى شهادة الحزب وخاتمه أو بحكم قضائى) ضمن مستندات الترشح، ولكنه لم يشترط أن يترشح هذا الشخص على قائمة حزبه، بل يستطيع الترشح على قائمة حزب منافس لحزبه دون إخلال بهذا القانون!! ومن ثم فإنه يفتقد الاتساق التشريعى والملاءمة السياسية اللازمة لتفعيل المادة 5 من الدستور («يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية..»).
وعلى هذا، فإن اتجاه القرار بقانون 46/2014 إلى إسقاط العضوية عن العضو الذى يغير انتماءه الحزبى أمر فيه تزيد إن لم يكن مشوباً بالعوار، أولاً لأن الانتماء الحزبى لا يظهر فى العقد بين الناخب والمرشح (أى بطاقة الاقتراع) سواء فى انتخاب الفردى أو القوائم، وثانياً لأن الانتماء الحزبى للمرء يتحدد بفعل عاملين أحدهما فى سلطة الحزب (وله فصله وفقاً لنظامه الداخلى) وثانيهما فى يد المرء (بالاستقالة) وبالتالى فإن «تأبيد» الانتماء الحزبى يتعارض مع حرية تكوين والانضمام للأحزاب غير المشروطة فى المادة 74، حيث إنه وفقاً لقانون مجلس النواب الحالى يترتب على تغير الانتماء الحزبى فقدان المقعد، وبالتالى نضع العضو بين شقى رحى، إما يخضع للحزب ولا يغيره حتى لا يفقد المقعد أو يكفر بالأحزاب ويظل مستقلاً ويدخل فى مساومات مع الأحزاب عند التصويت، مما يتعارض مع مصداقية وشفافية الانتماء الحزبى للعضو.[ThirdQuote]
من هنا، فإما يكون النظام الانتخابى حزبياً واضحاً (أى قوائم حزبية خالصة، وهو غير وارد حالياً) أو أن نكون واقعيين فى مسألة الانتماء الحزبى للعضو، على الأقل حالياً، فطالما ليس الانتماء الحزبى من مكونات العقد الانتخابى فمن الأوفق أن تترك مسألة الانتماء الحزبى للعضو إلى اللائحة الداخلية للمجلس (كما هو العرف منذ دستور 1971 ذاته، حيث يذكر العضو انتماءه الحزبى فى استمارة التعارف التى يحررها عند استخراج الكارنيه).
5- كما توسع قانون مجلس النواب فى إيراد حالات أخرى اعتبرها واجبات العضوية، وبالتالى أصبح واجباً على العضو الالتزام بها، ومن بينها أمور مستحدثة القيام صار اقترافها إخلالاً بواجبات العضوية مما يوجب إسقاطها عنه، ومنها:
- فى حالة عدم تقديم إقرار ذمة مالية قبل توليه المقعد، وكل عام خلال فترة انعقاد المجلس، وعند ترك المجلس.
- فى حالة عدم تبليغ المجلس بأى هدية يتلقاها بسبب عضويته فى المجلس سواء كانت نقدية أو عينية.
- فى حالة عدم فصل ملكية العضو من الأسهم والحصص بإحدى الشركات عن إدارتهم، أو التصرف فيها خلال 60 يوماً.
- فى حالة شراء أسهم أو حصص إلا فى حالتين: زيادة الملكية، واكتتاب فى صناديق مصرية أو سندات حكومية.
- فى حالة عدم تعامله على سلع وخدمات ليس لها سعر سائد من خلال طلب خبير مالى يعينه مكتب المجلس لتحديد سعرها.
- فى حالة عدم إخطار المجلس بحصوله على قرض أو شراء بالتقسيط، وبكل تسوية مع البنوك.
- فى حالة عدم إخطار الأعضاء المهنيين المجلس كتابة بنشاطه المهنى، منفرداً أو مع الغير.
- فى حالة تعيين العضو فى الحكومة أو المحليات أو العمد أو الهيئات المستقلة دون تقديم اعتذار مكتوب عن قبول التعيين خلال أسبوع على الأكثر.
- فى حالة تعيينه ابتداء فى الحكومة أو القطاع العام أو الأعمال أو الشركات المصرية أو الأجنبية أو المنظمات الدولية.
- فى حالة إهانة الرئيس أو المجلس أو العلم، أو بطلب من خمسة الأعضاء.
- فى حالة فقد الثقة والاعتبار أو فقد أحد شروط العضوية التى تم انتخابه على أساسها أو أخل بواجباته.
- فضلاً عن ذلك، تتضمن اللائحة الداخلية لمجلس النواب (الشعب) حالات إضافية لإسقاط العضوية، إذا «أهان العضو رئيس الدولة أو المجلس أو العلم، أو بطلب من خمس الأعضاء».
6- وبرغم ذلك، فمن مظاهر التمييز بين الأعضاء فى مسألة إسقاط العضوية ما ورد فى المادة (6) من قانون مجلس النواب، حيث أوجبت إسقاط العضوية إذا غير العضو الصفة أو الانتماء الحزبى، عدا المرأة فلا تسقط إلا إذا غيرت انتماءها الحزبى أو المستقل، وهو ما يعد أحد أشكال التمييز بين الأعضاء بسبب النوع، حيث قد يرى المرء أنه لا يترتب أى جزاء على المرأة العضوة حتى إذا غيرت أحد الشروط «الجوهرية» التى انتخبت على أساسها، حيث جاء النص بصيغة النفى والاستثناء فكان حصرياً فى حكمه بأنه «فى جميع الأحوال لا تسقط عضوية المرأة إلا إذا غيرت انتماءها الحزبى».
بل وربما يقول البعض إن المقصود باستثناء المرأة العضوة من جزاء إسقاط العضوية ينصب فقط على «الصفة» التى تضمنتها المادة 5 من ذات القانون، وتتعلق بتمثيل أصحاب الصفات الخاصة (شباب، مسيحيين، عمال وفلاحين، معوقين، مصريين بالخارج، والنساء) وهو قول مردود عليه بأنه تمييز فج بين النواب الرجال والنساء الذين ينجحون بنظام القوائم، لأن النائب الرجل المسيحى أو المسلم الذى يتحول عن ديانته، أو النائب الرجل العامل والفلاح الذى قد يشتغل بالتجارة أو يصبح مهنياً كالمحامى أو المهندس، أو النائب الرجل المعاق إذا شفى من إعاقته، أو النائب الرجل المصرى بالخارج إذا عاد نهائياً لمصر وتوطن كمصرى عادى.. كل هذا يؤدى إلى فقدانه المقعد!! ولكن لا تفقده المرأة العضوة إذا فعلت أياً مما سبق!!
سابعاً: واقعية أحكام التمويل والإنفاق
ينظم قانون تنظيم مباشرة الحقوق المدنية والسياسية مسألة التمويل والإنفاق للمرشحين، حيث يحق للمرشح الفردى أن ينفق 500 ألف جنيه فى المرحلة الأولى و200 ألف فى الإعادة، على أن تتضاعف الأرقام مع القائمة صاحبة الـ15 مرشحاً، فيصبح سقف الإنفاق للقائمة المكونة من 15 مرشحاً مجتمعين فى الجولة الأولى هو مليون جنيه، و400 ألف جنيه فى الإعادة، كما يصبح سقف الإنفاق للقائمة المكونة من 45 مرشحاً مجتمعين فى الجولة الأولى هو 3 ملايين جنيه، ومليوناً و200 ألف جنيه فى الإعادة.
ويحق للمرشح تلقى تبرعات عينية أو نقدية من شخص طبيعى مصرى، أو أحزاب مصرية فقط، على ألا يجاوز التبرع الواحد نسبة الـ5% من سقف الإنفاق، وإلا سيُعاقب بغرامة من 10-100 ألف جنيه مصرى، وجعل مصادرة الزيادة وجوبية.
كما يلتزم المرشح بإخطار اللجنة العليا باسم الشخص أو الحزب المتبرع، وقيمة تبرعه إن كان نقداً، أما لو كان عينياً فتحدد اللجنة إجراءات تقدير قيمة التبرع العينى دون فاتورة. علماً بأن التبرع الزائد وكتمانه محظور، وإلا صودرت الأموال وعوقب المرشح بالغرامة من 10-100 ألف جنيه مصرى. وفى كل الأحوال، يقوم المرشح بفتح حساب ببنك أو بالبريد، بالجنيه المصرى، كمستند ضمن أوراق الترشح، ويودع فى هذا الحساب فقط التمويل والتبرعات.
جدير بالذكر، أنه يحظر على أى مترشح تلقى التبرعات من جهات معينة، وهى:
- أى شخص اعتبارى مصرى أو أجنبى، عدا الأحزاب.
- دولة أو جهة أجنبية، أو شخص طبيعى أجنبى (عربى أو غربى).
- كيان يساهم فى رأسماله شخص مصرى أو أجنبى، طبيعى أو اعتبارى، أو أى جهة أجنبية أياً كان شكلها القانونى.
وفى حالة ارتكاب أى من هذه المحظورات يُعاقب المرشح بالسجن وغرامة من 100 ألف إلى مليون جنيه مصرى، ومصادرة الأموال محل الجريمة. كما أضاف القانون عقوبة الشطب من خلال تقدم رئيس اللجنة العليا بطلب شطب المرشح المخالف إلى المحكمة الإدارية العليا.
ويُثار هنا عدد من التساؤلات حول واقعية واتساق التشريع الانتخابى فى مسألة مهمة كالتمويل ومراقبة الإنفاق:
1- ماذا سيفعل البنك أو مكتب البريد فى تسمية هذا الحساب؟ حيث إن البنوك بصفة عامة لم تتعامل مع وجود حسابات لـ«مرشحين» من قبل. وفى هذه الحالة يجب على البنك أو البريد وعلى المرشح نفسه إبلاغ اللجنة بتحركات الحساب، أولاً بأول وبالمواعيد ووفق الإجراءات التى تحددها اللجنة. وإلا عوقب بغرامة من 10 إلى100 ألف جنيه مصرى.
2- عند تطبيق هذا النظام، يجب أن يمسك كل مرشح دفتر «أستاذ» وفق معايير المحاسبة المصرية ليبين فيه مصادر التمويل ومصاريف الدعاية، ومن ثم ينشط «سوق المحاسبين» بشكل واضح وكبير. وفى هذا الإطار ستعمل إحدى الجهات التى ستحددها اللجنة العليا على مراقبة ومراجعة السجل الخاص بالمرشح.
3- كيف سيتم احتساب ومراقبة التمويل والإنفاق بالنسبة لمرشحى القوائم؟ حيث لم يحدد قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية الجزاء الذى يترتب على قيام أحد مرشحى القوائم بمخالفة قواعد التمويل وضوابط الدعاية، وإنما عامل مرشحى القوائم بنوع من المسئولية التضامنية أحياناً (كما فى قانون مجلس النواب بشأن قيمة التأمين، أو فى قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية بالنسبة لتحديد سقف الإنفاق) وبمقتضى المسئولية الفردية أحياناً أخرى، كما فى جرائم الانتخاب بقانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، وأوجب قانون مجلس النواب فى مادته التاسعة أن يكون لكل قائمة ممثل قانونى للقائمة ككل أمام اللجنة العليا للانتخابات وأمام الغير.
ختاماً، فإن ما ورد فى هذه الدراسة ربما يحتاج إلى تأمل ومناقشة لاتخاذ التدابير اللازمة قبل فوات الأوان، حيث إن صح بعض ما فيه من «شبهة عوار دستورى» فلن يكون محصناً من الطعن عليه حتى إلى ما بعد الانتخابات، حيث جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا فى مصر على أنه «لا تنقضى شبهة العوار بإتمام الانتخابات أو بإلغاء القانون الذى جرت على أساسه.. ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية أنها تسرى على الوقائع التى تتم فى ظلها، أى خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين، ومن ثم فإن المراكز القانونية التى نشأت وترتبت آثارها فى ظل القانون القديم تخضع لحكمه وحده».