ملائكة القراءة.. أنا محمد رفعت: قتلني سرطان الحنجرة ولا أريد تبرعات لعلاجي

كتب: حسام حربى

ملائكة القراءة.. أنا محمد رفعت: قتلني سرطان الحنجرة ولا أريد تبرعات لعلاجي

ملائكة القراءة.. أنا محمد رفعت: قتلني سرطان الحنجرة ولا أريد تبرعات لعلاجي

بلبل الجنة او صوت رمضان، كما ارتبط بآذان المصريين والوطن العربي، فهو سيد قراء هذا الزمن كما تم اطلاق هذا اللقب عليه من الأدباء حينها. الشيخ محمد رفعت الذي حظى بمكانة كبيرة وقامة مصرية، صاحب الصوت الذي يأسر ويُسحر كل من يستمع إليه وكأنه ينصت إلى لحن موسيقي.

السيرة الذاتية للشيخ محمد رفعت

الشيخ محمد رفعت هو إبن حي المغربلين بمنطقة الدرب الأحمر بالقاهرة الذي وُلد في عام 1882، اسمه محمد رفعت محمود رفعت، أراد الله أن يفقد بصره مبكرًا، حيث كُف بصره وهو في عمر الثانية بعدما أُصيب بمرض في عينيه.

والده مأمور قسم الخليفة، نذر نجله لخدمة القرآن الكريم، فقرر أن يلتحق نجله  بكُتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بحي السيدة زينب؛ ليحفظ آيات القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف، وبالفعل قبل بلوغ سن العاشرة كان قد أتم حفظ القرآن الكريم بأكلمه، رغم حزنه على وفاة والده الذي رحل قبل عام واحد فقط من اتمام حفظ القرآن.

وبعد وفاة والده وجد نفسه عائلا لأسرته، فالتجأ إلى القرآن الكريم ليكون حصنًا يقيه الفقر، وهي المرحلة التى رآى فيها أن القرآن الكريم اكسبه بصيرة عوضته خيرًا عن فقدان بصره.

وحسب ماورد على لسان أفراد أسرته، فقد بدأ الشيخ محمد رفعت، القراءة رسميا في عمر الخامسة عشر، بالمسجد الذي حفظ فيه القرآن، مسجد فاضل باشا، فكان صوته العذب سببًا لاستقطاب جموع المصلين، حتى ضجت ساحة المسجد والطرقات المحيطة به بعشاق صوت الشيخ رفعت، وهو الأمر الذي استمر لأكثر من 30 عاما.

دخول الشيخ محمد رفعت الإذاعة

لم يكن الشيخ رفعت، راغبا في دخول الإذاعة، حيث كان مترددًا من اتخاذ هذه الخطوة عندما عُرض عليه الأمر، وكان سبب تردده ألا يستمع وينصت الناس إلى تلاوة القرآة الكريم واعطائها حقها، وعند افتتاح الإذاعة المصرية في مايو عام 1934، رشحه البرنس محمد علي توفيق والذي كان يشغل وقتها منصب ولي عهد الديار المصرية، ولقد اضطر الشيخ رفعت بعد تردد شديد استشارة شيخ الأزهر الأحمدي الظواهري، والذي افتى له بجواز ذلك.

أصبح الشيخ محمد رفعت هو أول قارئ للقرآن الكريم في الإذاعة المصرية، ليطل علينا مع انطلاق البث اللاسلكي للإذاعة المصرية، بافتتاحية من سورة الفاتحة وذلك بعد المقولة الشهيرة «هنا القاهرة»، وهو التقليد المستمر في الإذاعة حتى يومنا هذا ، إذ يبدأ بث الإذاعات بآيات من القرآن الكريم.

وارتبط مستمعو الإذاعة بصوت محمد رفعت بشكل كبير وقتها، وكان مع كل ظهور إذاعي جديد يبدع ويتألق بحنجرته الذهبية فكان أداؤه خاشعًا، وأصبح صوت الشيخ مرتبطا بالاذاعة.

المرض الذي قضى على الصوت العذب

يبدو أن الحسد الذي لازم الشيخ محمد رفعت في الصغر استمر في الكبر، حيث أنّ هناك رواية تقول إن رفعت اصيب بالعمى، بعدما رآته سيدة وهو في عمر الثانية وأبدت اعجابها بعينيه التي كانت تلمع، وعندما استيقظ من النوم بعد تلك الليلة، ظل يصرخ من آلم في عينيه، وهو المرض الذي انتهى بضياع بصره.

يبدو أن الحسد لم يغب عن الشيخ محمد رفعته، ففي الكبر أصيب بمرض في حنجرته وهي التي كانت أكثر شيء يُميز الشيخ الراحل محمد رفعت  التي كانت تأسر القلوب، حيث اصبح صوته رهينا للفواق «الزغطة» لدرجة أنها كانت تصل لــ 3 ساعات يومية، وكان ذلك في عام 1943.

ذهب الشيخ محمد رفعت إلى العديد من الأطباء دون أن يجد علاجًا ناجعًا، ليقطع سبع سنوات أفضت به إلى سرطان الحنجرة، وصل به الحال أنه في أحدى المرات داهمه المرض خلال التسجيل الإذاعي، فامتنع عن الذهاب إلى الإذاعة، وكان يرغب من وراء هذا القرار أن تحتفظ آذان الناس الذي عشقته بصوته المعهود، فقرر العودة من حيث بدأ من مسجد فاضل باشا ليقرأ القرآن به.

وفاة الشيخ محمد رفعت

اشتد المرض لدرجة جعلت محبيه يجمعوا التبرعات له من أجل الانفاق على مرضه حتى وصلت التبرعات إلى عشرات الآلاف من المقربين والمحبين والمعجبين بصوته، ولكنه رفض كل ذلك حتى عروض ملوك وحكام العالمين العربى والإسلامى بالعلاج، وعلى رأسهم الملك فاروق.

كانت كل محاولات التبرعات يواجهها الرفض المباشر، قائلًا جملته الشهيرة: «أنا مستور الحال والحمد لله.. ولست في الحالة التي تستوجب جمع كل تلك الأموال، والأطباء لن يستطيعوا وقف المرض دون إرادة الله، فالله وحده القادر على شفائي، واشكر كل الذين جمعوا لي هذه التبرعات، و قارئ القرآن لا يهان». ليرحل عن عالمنا بلبل الجنة في مايو عام 1950.


مواضيع متعلقة