«المركزى» يحاصر التضخم بعد رفع الفائدة 100 نقطة أساس

«المركزى» يحاصر التضخم بعد رفع الفائدة 100 نقطة أساس
فى ظل ترقب سوق المال المصرى، واجتماع البنك المركزى لبحث أسعار الفائدة يوم الخميس 24 مارس الجارى، فاجأ «المركزى» الأسواق برفع معدلات الفائدة بشكل استثنائى بمعدل 100 نقطة أساس يوم الاثنين الموافق 21 مارس 2022، لتصل أسعار العائد على الإيداع والإقراض إلى 9.25% و10.25% على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 9.75%.
ويعد قرار رفع أسعار الفائدة فى ثانى اجتماعات البنك المركزى خلال عام 2022، هو أول قرار رفع منذ 5 سنوات، حيث اتبع البنك المركزى سياسة انكماشية ظهرت عقب قرار تحرير أسعار الصرف فى نوفمبر 2016، وما قابلته من تداعيات أجبرت المركزى على رفع الفائدة بنسبة 7% خلال عام 2017، وكان آخرها اجتماع يوليو 2017 بقرار رفع الفائدة 2%، لتصل إلى 18.75% على الإيداع و19.75% على الإقراض، والذى نجح فى تعزيز نمو ودائع البنوك بنسبة 20% خلال عام 2017، والحد من الضغوط التضخمية فى ذلك الوقت.
المؤسسات الدولية تشيد بمرونة سعر الصرف فى مصر بعد تراجع الجنيه أمام العملات الأجنبية
بينما غير البنك المركزى دفة المسار متبعاً سياسة توسعية ظهرت فى تراجع أسعار الفائدة لأول مرة منذ قرار تحرير أسعار الصرف فى فبراير 2018 بنحو 100 نقطة أساس، والتزم «المركزى» التثبيت خلال عام 2018، ثم عاود التخفيض خلال 2019 من خلال 3 اجتماعات للجنة السياسة النقدية، استقرت أسعار العائد وقتها عند 13.25% للإيداع، و14.25% للإقراض، ونتيجة تداعيات كورونا توجه «المركزى» بمزيد من الخفض لأسعار الفائدة من خلال 3 اجتماعات لتستقر عند 8.25% للإيداع، و9.25% للإقراض، ومع استقرار الأوضاع الاقتصادية حافظ المركزى خلال عام 2021 على أسعار الفائدة دون تغيير.
شعبة الصرافة: «إصدار شهادات مرتفعة العائد» من بنكى الأهلى المصرى ومصر يرفع حصيلة التنازل عن الدولار 300%
بينما يبدو أن البنك المركزى سيعاود استخدام سياسته الانكماشية من جديد برفع أسعار الفائدة الأخيرة، التى تزامن معها تراجع متوسط سعر صرف الجنيه مقابل الدولار فى البنوك بنحو 16.94% ليصل إلى 18.36 جنيه مقابل 15.70 جنيه قبل القرار، كما أعلن بنكا الأهلى ومصر الحكوميان عن طرح شهادات ادخارية مدتها عام واحد، بعائد 18% فى خطوة لمواكبة التطورات التى تشهدها الأسواق التى تمكنت من جذب حصيلة بقيمة 153 مليار جنيه خلال 4 أيام من طرحها، ودفعت الإجراءات السابقة لارتفاع حصيلة التنازل عن الدولار والعملات الأجنبية بنسبة 300% عقب قرار رفع الفائدة لتوجيه العملاء مدخراتهم إلى شهادات الادخار مرتفعة العائد الذى سيعزز من تدفق السيولة الدولارية للقنوات الرسمية للدولة الذى سيحد من ارتفاع الدولار بمعدلات كبيرة وفقاً لشعبة الصرافة بغرفة القاهرة التجارية.
التضخم والمعروض النقدى
بدأت الضغوط التضخمية العالمية فى الظهور من جديد بعد بوادر تعافى الاقتصاد العالمى من الاضطرابات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجد، وذلك بسبب تطورات الصراع الروسى الأوكرانى؛ حيث ارتفعت المخاطر المتعلقة بالاقتصاد العالمى نتيجة هذا الصراع، ويأتى على رأس تلك الضغوط الارتفاع الملحوظ فى الأسعار العالمية للسلع الأساسية، واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، بالإضافة إلى تقلبات الأسواق المالية فى الدول الناشئة، مما أدى إلى ضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط على الميزان الخارجى.
ودفعت الضغوط التضخمية إلى نمو تدريجى ومتواصل لمعدل التضخم الأساسى خلال آخر 7 شهور، حيث ارتفع معدل التضخم العام ليصل إلى 10% نهاية فبراير الماضى، وبالنظر إلى معدل التضخم المستهدف للبنك المركزى والبالغ 7% (± 2 نقطة مئوية) فى المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022، قررت لجنة السياسة النقدية رفع أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزى بمقدار 100 نقطة أساس.
وعلى صعيد آخر، نجح البنك المركزى فى السيطرة على معدلات التضخم من خلال تباطؤ معدل نمو المعروض النقدى فى النصف الثانى من عام 2021 مسجلاً نمواً بنسبة 9.52%، مقارنة بنمو المعروض النقدى فى النصف الأول من العام ذاته بنسبة 11.50%، ليستقر عند 1.38 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2021، ما يشير إلى نجاح البنك المركزى فى اتخاذ خطوات فعالة للسيطرة على معدلات التضخم وحجم الكاش المتداول خارج الجهاز المصرفى، وذلك على الرغم من عدم تحريك أسعار الفائدة خلال هذه الفترة.
ولم تكن تلك أولى معارك المركزى المصرى مع التضخم؛ ففى يوليو 2017 خاض «المركزى» معركة شرسة مع التضخم بعدما ارتفع إلى 35.3% لأول مرة منذ عام 1986 نتيجة تداعيات قرار تحرير أسعار الصرف، بينما نجح المركزى فى السيطرة على التضخم ليشهد التضخم تراجعاً كبيراً خلال عام ليسجل 8.5% فى يوليو 2018، و5.9% فى يوليو 2019.
المؤسسات الدولية تشيد بالقرار
أشادت المؤسسة الدولية وعلى رأسها موديز وجولدمان ساكس بالقرار مؤكدين انعكاساته الإيجابية على سوق النقد فى مصر وتعزيز استقرار الاقتصاد المصرى، وتوقعت جولدمان ساكس أن تبدأ مصر فى طلب برنامج تمويلى جديد من صندوق النقد الدولى، وهو ما تحقق بالفعل وفق بيان رسمى صادر عن الصندوق أكد فيه أن الحكومة المصرية طلبت دعماً جديداً لتمويل برنامجها الشامل، عقب التمويل الأخير التى حصلت عليه مصر بقيمة 12 مليار دولار على 6 شرائح تم صرفها خلال 3 سنوات منذ 2016.
طارق عامر: القرارات الأخيرة تعزز استقرار الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات العالمية
أكد طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، أن قرار البنك المركزى برفع أسعار الفائدة وما تبعها من تداعيات بخفض قيمة العملة المحلية، فضلاً عن إصدار شهادات بعائد مرتفع سجل 18% كان له هدفان رئيسيان، هما الحفاظ على المقدرات المالية لمصر، وكذا الحفاظ على سيولة النقد الأجنبى، من أجل تأمين احتياجات المجتمع المصرى، فى ظل هذه الظروف الدولية الصعبة، لافتاً إلى أن الأهمية الأولى للبنك المركزى تتمثل فى توفير السيولة، ومن منطلق السياسة النقدية كان لا بد أن تتسق مع المتطلبات الدولية، لدى الأسواق الدولية وشركائنا الدوليين، الذين نحتاجهم فى تمويل جزء كبير من احتياجاتنا.
ولفت إلى أن الحركة فى أسعار الصرف كانت عملية تصحيح، فسعر الصرف فى مصر محرر، وبالتالى يعكس الأوضاع النقدية والاقتصادية فى العالم، وفى مصر، ونحن جزء من العالم.
نجحنا فى تقييد الآثار السلبية لجائحة كورونا بسبب كفاءة السياسات
وأضاف: لا يخفى على أحد أن التطورات فى العالم كانت صعبة جداً خلال العامين الماضيين، ولكن بالتنسيق بين البنك المركزى والحكومة، وبدعم الرئيس عبدالفتاح السيسى، نجحنا فى تجاوزها، فخلال أزمة كورونا، التى كانت أزمة عنيفة جداً، أطاحت بفرص عمل، وتسببت فى بطالة بنسب كبيرة حتى فى الدول المتقدمة، وأدت إلى زيادة أسعار السلع، وبالتالى إفلاس كثير من الشركات الصغيرة، إلا أن آثارها كانت محدودة جداً فى مصر بفعل كفاءة السياسات الاقتصادية.