علا الشافعى تكتب: محمود حميدة.. تذكرة النقل العام إلى قلوب المشاهدين

كتب: علا الشافعي

علا الشافعى تكتب: محمود حميدة.. تذكرة النقل العام إلى قلوب المشاهدين

علا الشافعى تكتب: محمود حميدة.. تذكرة النقل العام إلى قلوب المشاهدين

لا يختلف أحد على أنه وحتى هذه اللحظة لا يزال موسم الدراما الرمضانى هو الأهم، ويتنافس الكثير من النجوم على عرض أعمالهم والتواجد خلال هذا الشهر الكريم، الذى تحظى فيه الأعمال بأكثر نسب مشاهدة وبالتالى أعلى عوائد إعلانات، ولكن فى نفس الوقت أصبحت هناك مواسم جيدة خارج السباق الرمضانى.

وتشهد هذه المواسم عرض أعمال متميزة، ومن بين الأعمال اللافتة التى تعرض حاليا هو مسلسل «نقل عام»، المعروض على قنوات ON، ويقوم ببطولته عدد كبير من النجوم والفنانين،على رأسهم الفنان القدير محمود حميدة وسوسن بدر، والعظيمة سميحة أيوب ودينا ومحسن محى الدين ونهلة سلامة، وايهاب فهمى إضافة لعدد كبير من الوجوه الشابة المبشرة، والمسلسل تأليف وليد خيرى و إخراج عادل أديب.

«نقل عام» يناقش الكثير من القضايا الأجتماعية المعاصرة فى مقدمتها الزيادة السكانية، وذلك من خلال شخصية البطل «أحمد الشربينى» سائق أتوبيس النقل العام الرجل البسيط الذى يعيش حياته بإستسلام وخضوع شديد سواء لأقداره ومقدراته، أو لأوامر وطلبات والدته المرأة الصعيدية التى عانت الأمرين سواء من نيران الثأر، تحملها بمفردها مسئولية من تبقى لها من أبنائها، ورغبتها فى أن ينجبوا لها أكبر عدد من الأحفاد لتعيد بناء عائلتها التى راحت ضحية للثأر، لدرجة أنه يتخلى عن زوجته الأولى سوسن بدر، التى ترى والدته أنها لا تنجب سوى بنات، فى حين يرفض شقيقه «عادل»، محسن محى الدين، الخضوع لأوامرها لذلك تقاطعه لأن زوجته كانت تعمل صحفية وقامت بتأجيل الإنجاب، ثم أنجبت الولد والبنت ومع هذا تظل الأم رافضة لزواج ابنها من تلك المرأة.

الخطوط الدرامية تتشعب فى المسلسل، سواء تلك المتعلقة بتفاصيل حياة أحمد وأبنائه الثمانية، أو ابنتيه من زوجته الأولى، وأيضا شقيقة عادل وعائلته، والحقيقة أن المسلسل الذى قاربت حلقاته على الإنتهاء استطاع أن يلفت الأنظار منذ لقطاته الأولى

 

وتلك الصورة الغنية والمليئة بالتفاصيل (أتحفظ فقط على الإضاءة التى بدت قاتمة فى كثير من المشاهد وقد يناسب هذا الخيار السينما ولكنه فى الدراما يؤثر على متعة المشاهدة)، حيث نرى أحمد فى منزله بحى شعبى وبيت نظيف مرتب رغم بساطته وزحمة الأبناء و تظهر «دينا» زوجة «أحمد» الثالثة فقد تزوج أحمد بناء على رغبة أمه من سيدة أنجبت له «فيصل» ثم ماتت فتزوج أختها «دينا» لتربى الخالة الطفل اليتيم الذى لم يستطع استكمال تعليمه، وبالتالى لم يحترف أى مهنة، وقام والده بتزويجه من ابنة صديقه، ويحاول فيصل أن يبحث لنفسه عن طريق ، وسرعان ما ينجب «أحمد» من زوجته الثالثة دينا ولدين وثلاث بنات إحداهما تهوى الشهرة والتيك توك والمال والربح السريع «سندس» طالبة الحقوق التى تقع فريسة لأحد مستغلى الفتيات على «السوشيال ميديا» وتجد نفسها متورطة فى قضية اتجار بالبشر، ومن المشاهد المهمة التى جسدها الفنان محمود حميدة بأداء راق ومقنع استطاع من خلاله تجسيد الكثير من المعانى هو لحظة دخوله إلى القسم مصطحبا فتاة من ركاب الأتوبيس تحرش بها أحد الركاب وقام هو بالدفاع عنها وحمايتها، وهاهو يخرج من القسم مرفوع الرأس منتشيا ويشعر بالسعادة من ثناء الضابط عليه، ليصادف ابنته سندس مكبلة بالقيود، ثم اللحظة التى وقف فيها أمام الضابط منكس الرأس وهو يشعر بأنه ظهره اتقسم على حد تعبيره حميدة من خلال المشهد ودون أى مغالاة أو انفعال زائد عن الحد اكتفى بالصمت ولغة العيون وتوظيف جسده وأكتافه التى انحنت ونظرته تجاه الأرض، وعدم قدرته على النظر فى وجه ابنته التى كان يعقد عليها الكثير من الآمال فهى الطالبة الجامعية دارسة الحقوق التى يتباهى بها.

تألق حميدة مع الكبار.. وإدارة جيدة لنجوم المسلسل

«أحمد» الذى يصبح مرهق مادياً ومعنوياً فهو غير قادر على الوفاء بالتزامات هذه الأسرة ، لذلك يجد نفسه مستسلما لزميله فى العمل الذى يسأله أن يقوم بتهريب «مواد مخدرة» داخل الأتوبيس الذى يعمل عليه ويتحرك من خلاله بحرية داخل القاهرة .

والمفارقة أن قضية المسلسل الاجتماعية وخطوطه الإنسانية، ومعاناة تلك الأسرة فى مقابل نموذج أسرة العم، وتأثير غياب الأب عن ابنتيه من زيجته الأولى كانت تكفى بعيدا عن الخط الدرامى المتعلق بتهريب الآثار والعصابات الدولية ورغم أنه خط درامى فرعى إلا أنه حمل قدرا من المبالغة.

وأعتقد أنه كان من الأفضل التركيز فقط على ما يطرحه المسلسل من قضايا اجتماعية حاضرة وبقوة وتمس الأسرة المصرية واستطاع الكاتب وليد خيرى وفريق العمل من طرحها بشكل جيد، وأيضا إدارة جيدة من المخرج عادل أديب لمعظم نجوم المسلسل ومنهم دنيا ونور النبوى، ومريهان حسين، وريم البارودى، وحتى الطفل آدم النحاس ولكن وللحق جزء كبير من بهجة المسلسل وجاذبيته يكمن في وجود النجم الكبير محمود حميدة والذي بمجرد ظهوره في الكادر يمنحه حيوية وسحرا خاصا، وهناك حالة استمتاع بأدائه ومشاهده وهناك الكثير من المشاهد التى يصعب نسيانها سواء تلك التى جمعته مع النجم محسن محى الدين، والقديرة سميحة أيوب، ومشهده مع القدير لطفى لبيب، هذا التناغم فى الأداء بين هؤلاء النجوم المتميزين أحد عناصر سحر وتميز «نقل عام»، إضافة إلى باقى عناصره الفنية بدءا من اختيار أماكن التصوير، والديكور، والملابس، والموسيقى التصويرية للمبدع راجح داوود.

فى الحقيقة نحتاج تلك النوعية من الاعمال التى تناقش قضاينا الاجتماعية وبأبطال يشبهون أناس من المجتمع، وليس بالضرورة أن يكون بطلنا سوبر هيرو ولكنا يكفينا أن يكون سائق نقل عام بسيط نرى مجتمعنا من خلاله.. ويكون واضح لنا جيدا الفارق بين الحى الشعبى بناسه والعشوائيات وما تحمله.

 

 


مواضيع متعلقة