معاناة ساقط قيد.. «قرشي» يعيش في الشارع ويمسح الأحذية: نفسي أدخل بناتي المدرسة

كتب: تامر نادر

معاناة ساقط قيد.. «قرشي» يعيش في الشارع ويمسح الأحذية: نفسي أدخل بناتي المدرسة

معاناة ساقط قيد.. «قرشي» يعيش في الشارع ويمسح الأحذية: نفسي أدخل بناتي المدرسة

على رصيف أحد شوارع حي الدقي، فوق بطانية مهترئة تكسوها طبقة من التراب، يجلس شاب ثلاثيني، محتضنا طفلتيه، اللتان ترافقانه في كل خطاه، بعد أن توفيت والدتهما وتركتهما له، ويستقر أمامه صندوقا خشبيا، يحوي داخله أدوات لمسح الأحذية، يعتمد عليها الأب لجني رزق ابنتيه، وتوفير قوت يوم مرير.

حكاية «قرشي» وبناته

تعود أصول الأب قرشي سيد، 30 سنة، إلى منطقة الوليدية بقسم ثاني مدينة أسيوط، إلا أنه وُلد بحي الدقي في محافظة الجيزة، حيث يستقر على أحد أرصفته، وإلى جواره طفلتيه، إذ يقول لـ«الوطن»، إن زوجته توفيت منذ 5 أعوام، وتركت له ابنتيه «صباح» 8 أعوام، و«فرحة» 6 أعوام.

الشارع ملاذ الأيتام

بدأت معاناة «قرشي» منذ ولادته، إذ وجد نفسه يعيش رفقة والديه في عشة متواضعة، لا تَقيهم حر النهار ولا برد الشتاء: «والدي اتوفى وأنا عندي 18 سنة، وبعدين جزء من العشش اللي كنا عايشين فيها اتهد، فاضطريت أنا وأمي  نقعد في الشارع»، مُضيفًا أن والدته توفيت منذ عام، ليُصبح بعدها رجلًا بلا أمرأة، رفقة ابنتيه الصغيرتين، ولا يعلم ماذا يفعل لهن.

السقوط من الدفاتر الرسمية 

«كنت بعمل اللي أقدر عليه بس هما ربوا نفسهم، برغم أنهم صغيرين، بس يعتبروا أخوات وأمهات لبعض»، بحسب الشاب الثلاثيني، الذي أوضح أنه «ساقط قيد» ولا يملُك بطاقة، وهو ما عاقه عن استخراج شهادات ميلاد لطفلتيه، وبالتالي فشل في الحاقهم بأي مدرسة: «نفسي أطلَّع بطاقة وأدخَّل بناتي المدرسة زي الأطفال، لما بيشوفوا أي طفل زيهم رايح المدرسة بيغيروا، وقلبي بيوجعني عليهم».

نفسي أشوف بناتي بشنطة المدرسة

رغم الظروف القاسية التي يعيشها «قرشي» رفقة ابنتيه على الرصيف، إلا أنه لم يحلم سوى باليوم الذي يراهما فيه وهما ذاهباتٍ إلى المدرسة: «نفسي أشوف بناتي بشنطة المدرسة، وأوديهم وأجيبهم زي باقي الأبهات».

قسوة البرد ولسعات الشمس

معاناة شديدة يتكبدها الأب، رفقة طفلتيه أثناء نومهم على أرصفة الشوارع، مُتلقيًا لقسوة البرد ولفحاته في الشتاء، ولسعات الحرارة في الصيف: «بنيِّم بناتي في الجامع علشان البرد، أو ساعات بنيمهم في شبكة حديد في الشارع معايا، بفرشلهم بطانية جواها وبيناموا».

البطاقة تنهي بعض المعاناة

لا يتمنى «قرشي» أكثر من غطاءً يحميهم من ضربات الهواء ليلًا: «لما بيجي شغل سريع، حد مثلًا محتاج أطلع له رملة ولا طوب ولا أي حاجة، بخلي بناتي عند زمايلي البياعين، وأخلص الشغل بسرعة وأرجعلهم.. نفسي حالي يستقر وأقدر أطلَّع بطاقة علشان أعرف أجر أوضة ولا حاجة، وأودي عيالي المدرسة».


مواضيع متعلقة