مصنع الملابس: باب رزق للسيدات.. والإنتاج مطلوب فى الخارج

مصنع الملابس: باب رزق للسيدات.. والإنتاج مطلوب فى الخارج
«مصنع حى الأسمرات»، الذى يستقر فى الدور الأرضى بأحد العقارات، تجلس داخله عدد كبير من السيدات، تتفاوت أعمارهن من العشرينيات إلى الستينيات، وجميعهن يجلسن فى أماكنهن المخصصة لهن، وأمامهن ماكينات الخياطة، وطاولات المكواة، والكراتين الكبيرة لتعبئة الملابس التى يتم الانتهاء من تصنيعها، حيث يصدّر المصنع منتجاته إلى دول عدة فى الخارج، منها أمريكا وأوروبا.. بعباءة وطرحة، جلست سنية محمد، 60 عاماً، على كرسى خشبى، وأمامها طاولة خشبية مستطيلة، عليها عدد لا بأس به من البناطيل ذات اللون الأسود منقوشة بالورد، بعضها ما زال مبعثراً والآخر قامت «سنية» بطيِّه ووضعه داخل الأكياس البلاستيكية الشفافة، لتكون هذه هى المرحلة الأخيرة للعمل داخل المصنع، ثم يتم حفظها فى مكان ما، لتسير فى طريقها للتصدير إلى الخارج.
كانت «سنية» تعيش فى منطقة السيدة عائشة قبل نقلها إلى حى الأسمرات منذ 4 سنوات، وكغيرها من سكان العشوائيات لم تكن تعمل من قبل، ولكن عقب تسكينها داخل حى الأسمرات سمعت من جيرانها الجدد عن وجود مصنع داخل الحى يوفر فرص عمل للسيدات، وعلى الفور ذهبت «سنية» للالتحاق بالمصنع، وقالت: «بشتغل هنا بقالى سنتين، وكان وش الخير عليا، ومافرقش معايا سنى».
تنفق «سنية» راتبها الشهرى على مصاريف البيت وعلاج زوجها المريض بالقلب، الذى منعته حالته الصحية من العمل، حتى ولدها الوحيد لم يتمكن من الإنفاق عليها بعد زواجه، لذلك قررت التوجه والالتحاق بالعمل داخل المصنع.
فى تمام الثامنة صباحاً، تخرج منى حسين، 55 عاماً، من منزلها الذى يبعد خطوات قليلة من المصنع، لتبدأ عملها فى تكييس الملابس التى يتم تصنيعها داخل المصنع، بعدما عملت داخله فور تسكينها داخل حى الأسمرات منذ عامين، وقالت: «كنت عايشة فى الدويقة، وكنت بشتغل هناك، بس لما جيت هنا وسمعت عن المصنع، قلت أوفر فلوس المواصلات، وأشتغل جنب البيت».
اختلاف كبير فى الحياة شعرت به «منى» منذ معيشتها وعملها داخل الحى، حيث شعرت أنها وُلدت من جديد، فأصبح لديها نشاط وحيوية، وحب للحياة من جديد، حيث تعيش هى وزوجها، بعد زواج أبنائها: وتابعت: «اتكتب لنا عمر جديد هنا، كفاية إننا بنشتغل ولينا مرتب كويس آخر الشهر».
داخل مكتب صغير، جلس الدكتور عماد شبل، المدير الفنى بالمصنع، الذى يخرج من حين لآخر ليتابع حركة العمل فى كافة التخصصات الموجودة، وقال إن فكرة إنشاء مصنع للملابس داخل حى الأسمرات كان أساسها والهدف منها توفير فرص عمل لسيدات الحى، وبالتنسيق مع رئيس الحى تم توفير مدربين للسيدات، لمعرفة آلية العمل داخل المصنع، ومن ثم توزيع السيدات على التخصصات، وفقاً لقدراتهن، ومدى استجابتهن للتدريب.
وأضاف «شبل» أنه فور الإعلان عن فرص العمل، وتدريب السيدات، تم تحديد راتب شهرى بحد أدنى 1200 جنيه، وأضاف: «الستات هنا كانوا عاوزين يشتغلوا عشان يصرفوا على بيوتهم نظراً لظروفهم المادية، عشان كده صرفنا لهم مرتب من أول ما جُم عشان يتدربوا».
«قسم خياطة، وقسم المكواة، وقسم الجودة، وقسم التعبئة».. هذه هى الأقسام الموجودة داخل مصنع حى الأسمرات، وكل قسم يضم عدداً من السيدات، وفقاً للمدير الفنى للمصنع الذى قال: «بنستورد الفتلة، وبنصبغها ونصنّعها، وبعدين نصدّرها ملابس جاهزة سواء داخلية أو خارجية».
لا يقتصر العمل داخل المصنع على سيدات الحى، بل يتم تدريب طلاب التعليم الفنى داخله.