التنظيمات المسلحة فى سيناء: 11 جماعة تكفيرية.. و«بيت المقدس» فى المقدمة

التنظيمات المسلحة فى سيناء: 11 جماعة تكفيرية.. و«بيت المقدس» فى المقدمة
تشهد سيناء حالياً، ولادة أجيال جديدة من المتطرفين، الذين ينتهجون القتل والتكفير وسيلة لردع كل من يخالفهم الرأى، بالقيام بعمليات إرهابية واستهداف عناصر من الجيش والشرطة. ويُعد الجيل الحالى، من أجيال العنف، أبرز الأجيال التكفيرية، وأكثرها قدرة على القيام بعمليات نوعية، داخل سيناء، وفى قلب القاهرة.
ومنذ عزل محمد مرسى، تغيرت ملامح خارطة الجماعات التكفيرية بشمال سيناء وضمت 11 جماعة تكفيرية على رأسها «أنصار الشريعة» و«جند الإسلام» التى انصهرت فى «أنصار بيت المقدس» بعد 30 يونيو، وجماعة «التوحيد والجهاد» التى أسسها الدكتور خالد مساعد والتى كانت تتخذ من قرى الفيتات والزوارعة والمهدية والثومة مقراً لها، وجماعة «أنصار الجهاد» وهى جماعة تمثل «تنظيم القاعدة» على أرض سيناء وتمركزت فى رفح بالقرب من منطقتى «الماسورة والوفاق» ومن الشريط الحدودى مع قطاع غزة ولا سيما بقرية العجرة، وجماعة «التكفير والهجرة» و«الأنصار والمهاجرين» والأخيرة أسسها عادل حبارة المحبوس حالياً بتهمة تنفيذ مذبحة رفح الثانية التى استشهد خلالها 25 من جنود الأمن المركزى وتمركزت بإحدى المزارع بمنطقة «باب سيدوت» جنوب رفح وضمت تلك الجماعة مجموعة كبيرة من العناصر التكفيرية التى جاءت من محافظات أخرى للإقامة بسيناء، لذلك أطلق عليها اسم «المهاجرين والأنصار» فضلاً عن جماعة «أنصار الشريعة» التى كان يقودها هانى أبوشيتة وجماعة «السلفية الجهادية»، وذلك خلاف بعض الجماعات الفلسطينية التى وجدت داخل سيناء ومن بينها «جيش الإسلام» التى يقودها التكفيرى الفلسطينى ممتاز دغمش المتهم الرئيسى فى مذبحة رفح الأولى والتى استشهد خلالها 16 من جنود الجيش المصرى وقت الإفطار فى رمضان قبل الماضى بجانب جماعة «مجلس شورى المجاهدين» التى أسستها السلفية الجهادية بقطاع غزة.
وعلى الرغم من أن عدد الجماعات الجهادية فى سيناء بلغ 11 جماعة، فإن معظم هذه الجماعات لم يعد فى حالة نشاط إلا تنظيم «أنصار بيت المقدس» و«مجلس شورى المجاهدين- أكناف بيت المقدس» و«السلفية الجهادية فى سيناء»، بالإضافة إلى جماعات جهادية صغيرة، وهذه التنظيمات هى التى تقوم الآن بعمليات ضد قوات الجيش والشرطة.
وفى نهاية شهر يونيو من عام 2012، أعلن تنظيم «مجلس شورى المجاهدين»، عن نفسه، فى بيان، تداولته المنتديات الجهادية على شبكة الإنترنت، وأعلن تشكيل جماعة جديدة فى سيناء وغزة، بالإضافة إلى تسجيل مرئى يعلن فيه مسئوليته عن استهداف دورية إسرائيلية على الحدود بين مصر وإسرائيل، فيما سماه وقتها «غزوة النصرة للأقصى والأسرى».
ولجأ التنظيم إلى إصدار أكثر من بيان لتوضيح منهجه الفكرى واستراتيجيته فى العمل على نحو يخالف الإشارات التى وردت فى البيان التأسيسى، ويؤكد بشكل قاطع أن عمل التنظيم سيقتصر فقط على ساحة الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى، وأن سلاحه لن يمتد صوب أى نظام عربى مهما تكن رؤيتهم لنظام الحكم فيه، وهو أمر يؤكد أن مرحلة التأسيس الأولى للتنظيم شهدت قدراً كبيراً من التخبط وعدم وضوح الرؤية والأهداف.
وخلال فترة استمرت نحو عامين من عمل التنظيم، بدا واضحاً أنه منغمس بشكل كامل فى الشأن الفلسطينى، لا سيما فى غزة، وأن دائرة حلفائه وأعدائه ترتبط بالأطراف الفاعلة هناك. فعلى سبيل المثال، لم ينفذ التنظيم أى عملية مشتركة مع أى تنظيم آخر فى سيناء أو فى مصر بشكل عام، بينما نفذ عمليات بالاشتراك مع تنظيم جيش الإسلام الموجود فى غزة، كذلك لم يصدر التنظيم أى بيانات يهاجم فيها أى طرف مصرى، سواء قبل 3 يوليو أو بعدها، فى حين أصدر عدة بيانات ضد سلطة حماس فى غزة، وهى أمور تشير إلى تعاظم دور العناصر الجهادية الفلسطينية داخل التنظيم بالمقارنة بالعناصر المصرية.
ويرى محمد إسماعيل، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، فى دراسة له بعنوان: «خريطة الجيل الثالث من تنظيمات العنف فى مصر»، أن العلاقة المعلنة بين «مجلس شورى المجاهدين» وباقى الجماعات الجهادية فى سيناء، اقتصرت على مجموعة من الأمور الشكلية، مثل أن يصدر بياناً عن «أنصار بيت المقدس» يقدم فيه التعزية لمقتل مجموعة من عناصر «مجلس شورى المجاهدين»، أو العكس. وبعد عزل محمد مرسى، تسربت أنباء حول اندماج التنظيمين بسبب انحسار نشاط أحدهما، وهو «مجلس شورى المجاهدين»، وبروز دور «أنصار بيت المقدس». لكن هذه الأنباء ثبت عدم صحتها جملة وتفصيلاً، عندما بدأ التنظيم يستعيد نشاطه ضد المصالح الإسرائيلية خلال العدوان الأخير على غزة.
ويؤكد إسماعيل أن «أنصار بيت المقدس» نشطت بوصفها جماعة مقاومة ضد المصالح الإسرائيلية لفترة استغرقت نحو ثلاثة أعوام، ثم عدلت استراتيجيتها إلى جماعة تمارس العنف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها، بعد فض اعتصام ميدانى رابعة العدوية والنهضة فى منتصف أغسطس 2013، واستهلت نشاطها بعملية ضد قوات الجيش فى سيناء، وأعلنت عنها فى 11 سبتمبر 2013 بالتزامن مع ذكرى تدمير برجى مركز التجارة العالمى فى الولايات المتحدة الأمريكية. ويومها، عنونت بيانها بالعبارة الآتية «الجيش المصرى.. عمالة وإجرام»، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يحدث فيها أن يتضمن بيان للتنظيم هجوماً ضد القوات المسلحة المصرية.
وخلال شهر منذ ذلك التاريخ، أعلنت «أنصار بيت المقدس» أنها انتقلت إلى المرحلة الثالثة من مراحل تطورها، وهى التى يمكن تسميتها بمرحلة «تصدير العنف إلى خارج سيناء»، وذلك حين أعلنت رسمياً فى 26 أكتوبر 2013 مسئوليتها عن محاولة اغتيال وزير الداخلية، محمد إبراهيم، التى كانت قد وقعت قبل ذلك التاريخ بأكثر من 40 يوماً. وأعلن «بيت المقدس» كذلك عن تبنيه للعديد من العمليات الإرهابية، فى سيناء ورفح والفرافرة، وكان آخرها أمس الأول الجمعة، التى راح ضحيتها ما يقرب من 30 ضابطاً ومجنداً، لكن التنظيم لم يعلن رسمياً مسئوليته، حتى مثول الجريدة للطبع.
وقال جهادى سابق يعيش على أرض سيناء «رفض ذكر اسمه خوفاً من بطش الجماعات التكفيرية»: نتيجة للضربات الأمنية فإن 4 جماعات فقط نشطة وهى أنصار بيت المقدس، والسلفية الجهادية التى كان يقودها من القاهرة محمد الظواهرى زعيم السلفية الجهادية فى مصر والتى اكتفت بإصدار البيانات عقب 30 يونيو لتهدد وتتوعد من خلالها قوات الجيش والشرطة بالقيام ببعض العمليات الفردية، و«جند الإسلام» التى نفذت عملية إرهابية واحدة ثم اختفت تماماً حيث استهدفت مبنى المخابرات الحربية برفح بسيارة مفخخة يقودها انتحارى بتاريخ 12 سبتمبر 2013 وأسفر الحادث عن استشهاد 6 جنود وإصابة 17 آخرين، وجماعة «الأنصار والمهاجرين» وهى الجماعة التى أسسها عادل حبارة واندثرت عقب القبض على قيادتها وتقديمهم للمحاكمة فى قضية مذبحة رفح الثانية.
وأضاف الجهادى السابق أنه عقب ثورة 30 يونيو وإسقاط حكم الإخوان فضلت بعض الجماعات العودة مرة أخرى لقطاع غزة للمشاركة فى المقاومة ضد إسرائيل وقررت جماعات أخرى العمل تحت لواء «أنصار بيت المقدس»، منها جماعة «التوحيد والجهاد» ومجموعة كبيرة من عناصر تنظيم «أنصار السنة - أكناف بيت المقدس» الذين تسللوا لسيناء هرباً من ملاحقات الجيش الإسرائيلى.
وأوضح أن أرض سيناء عقب ثورة يناير أصبح لا ينشط على أرضها من الجماعات التكفيرية إلا تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذى أصبح التنظيم الأقوى، حيث امتدت عملياته ضد الجيش والشرطة لبعض المحافظات خارج سيناء، وكان أبرزها محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، على الرغم من أن الهدف الرئيسى من تأسيس هذا «التنظيم» توجيه أسلحته للعدو الإسرائيلى ولكن بعد سقوط الإخوان تغير الحال وغير التنظيم من هدفه وبدأ يوجه أسلحته للداخل لاستهداف قوات الجيش والشرطة.