حكم بأحقية الدولة في الحصول على 251 مليون جنيه من شركة أسمنت 

كتب: محمد عيسى

حكم بأحقية الدولة في الحصول على 251 مليون جنيه من شركة أسمنت 

حكم بأحقية الدولة في الحصول على 251 مليون جنيه من شركة أسمنت 

قضت المحكمه الإدارية العليا، اليوم، بأحقية الدولة في الحصول على 251 مليون جنيه من شركة جنوب الوادي للأسمنت مقابل الترخيص لها بالحصول على مصنع أسمنت من حصة المصانع المحددة لجمهورية مصر العربية.

وجاء منطوق الحكم في الطعن رقم 10927 لسنة 56 ق ع، برفض دعوى الشركة بطلب الحصول على ترخيص دون سداد قيمة مزاد بيع الرخصة. 

وصدر الحكم برئاسة المستشار أحمد شمس وعضوية المستشارين حسن هند، وعادل فاروق، وهشام عزب، وعمر السيد نواب رئيس مجلس الدولة، وبحضور المستشار أحمد عصام مفوض الدولة.

المحكمة تؤكد صحة إجراءات وزارة الصناعة

وأكدت المحكمة، في حيثيات حكمها، على صحة الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصناعة وهيئة التنمية الصناعية بشأن بيع تراخيص مصانع الأسمنت بالمزاد العلني بعد تأهيل الشركات المتقدمة، ومن بينهم شركة جنوب الوادي وفقا لأحكام قانون المناقصات والمزايدات.

وأضافت المحكمة، أنه إزاء الطلبات المتكررة والشكاوى التي تقدمت بها الشركة المدعية، بطلب إعفائها من الاشتراك في المزايدة، فقد قامت الجهة الإدارية بإحالة الأمر إلى اللجنة الفنية المختصة بدراسة طلبات منح تراخيص مصانع الأسمنت.

 يجوز منح الترخص حال سداد سعر المزاد 

وانتهت اللجنة إلى أنه يجوز منح الترخيص للشركة، إذا قامت بسداد السعر الذي رسى به المزاد، وذلك حفاظًا على المال العام، ولكن ثار تساؤل قانوني بشأن تحديد سعر المزايدة بهذه المحافظة، ويكون مبلغ 134.5 مليون جنيه، أم 251 مليون جنيه.

وتنفيذاً لاتفاق وسطي، تضمن اعتبار سعر المزايدة 134 ونصف مليون جنيه، أصدرت الجهة الإدارية موافقة نهائية للشركة المدعية لإقامة وتشغيل مصنع أسمنت بمحافظة بني سويف، بطاقة إنتاجية مليون وخمسمائة ألف طن سنوياً، واستهلاك غاز طبيعي 135 مليون متر مكعب سنويًا. 

الشركة المدعية نقضت الاتفاق 

ولكن ثبت للمحكمة، أن الشركة المدعية نقضت هذا الاتفاق، ولم تقدم دليلاً على سداد المبلغ المتفق عليه، وأصرت الشركة على أحقيتها في الحصول على الترخيص بعد سداد جنيهين مصريين لا غير، الجعل المالي المقرر بمقتضى قانون الصناعة الصادر منذ ما يزيد على ستين عامًا.

ورأت المحكمة، أن طرح رخصة أسمنت بمحافظة بني سويف في مزايدة علنية وفق الشروط التي أعلنت عنها الجهة الإدارية، وسريان هذه الشروط على الشركة المدعية، يتفق مع القانون، ومع المصلحة العامة؛ فإجراءات هذه المزايدة كانت محققة بصدق لتكافؤ الفرص بين الشركات التي تزاحمت على الحصول على رخصة مصنع الأسمنت المزمع إقامته في بني سويف، وتمت الإجراءات في شفافية ونزاهة.

كما أن اتفاق الجهة الإدارية مع الشركة المدعية على سداد الأخيرة لسعر المزاد، على الرغم من عدم اشتراكها في المزايدة يعد بمثابة قرار بإلغاء المزايدة لتقديم سعر وحيد لأن الشركات انسحبت من المزايدة قبل إتمام الجولة الثانية ، وإلغاء المزايدة في هذه الحالة، أمر تملكه الجهة الإدارية، وقدرت أن الإلغاء يحقق المصلحة العامة، وخلت الأوراق مما يفيد انحراف أو تعسف الجهة الإدارية بسلطتها عند إلغاء المزايدة أو الاتفاق مع الشركة المدعية، بل إن هذا الاتفاق كان إدراكاً من الجهة الإدارية لظروف واقع مشروع الشركة كونها اتخذت خطوات جادة نحو إقامة المشروع.

وهذه الخطوات وإن لم تضع الشركة المدعية في مركز قانوني يمنحها وصف المرخص له قانوناً.

بيد إن الجهة الإدارية لم تغفل هذا الواقع، واعتبرته جديراً بالحماية، ولكن الجهة الإدارية أحدثت توازناً بين حماية هذا الواقع الجاد وبين المحافظة على المال العام، لذلك اشترطت سداد الشركة لسعر المزايدة ، وحتى تتم المساواة بين باقي المستثمرين الذين لم يحصلوا على رخص مصانعهم إلا بعد سداد السعر الذى رسى به المزاد.

وهذه المرونة التي أبدتها الجهة الإدارية اتسمت بالمشروعية، وتوافقت مع معايير الرشد الإداري، وتهدف إلى تحقيق التوازن الفعال بين المحافظة على المال العام وبين تشجيع الاستثمار الصناعي بما يتوافق مع خطط التنمية المستدامة ، ومن ثم فليس صحيحاً ما زعمته الشركة من وصف سعر المزايدة بأنه ضريبة فرضتها الجهة الإدارية بالمخالفة للدستور.

الدولة تحتاج إلى الاستثمار الخاص

ورأت المحكمة، أنه طالما أن الدولة المصرية بحاجة إلى الاستثمار الخاص، فإن حاجتها لا تحرمها من حقها في تحديد عدد المشروعات الصناعية بما يحقق أعلى عائد مالي واقتصادي وتنموي للناتج القومي لاقتصادها، وفى الحقيقة فإن حق الدولة المستضيفة للاستثمار الداخلي في اختيار أفضل المتنافسين على العدد المحدود من المشروعات الصناعية بما يتفق وخطط التنمية، هذا الحق يعد توقع مشروع للدولة، وجدير بالحماية، شأنه شأن حق المستثمر في تحقيق أعلى ربح، إذ لا تعارض بينهما.

كما أن حق الدولة في هذا الشأن من مظاهر سيادتها التي لا يجوز قانوناً أن تحرم منه، ولو تحت وطأة حاجتها لمشاركة القطاع الخاص في تنفيذ خطط التنمية الحاصل على أن الجهة الإدارية وهى تمارس سلطة الضبط الاقتصادي بشأن منح رخص لإقامة عدد محدود من مصانع الأسمنت، ما كان ينبغي لها ألا تضع القواعد الموضوعية التي تقدم بيانها للاختيار بين المتزاحمين على رخص هذه المشروعات.

 

 

 


مواضيع متعلقة