بالصور| أمام محطة القطار.. الكلب "هاتشيكو" انتظر صاحبه 10 سنوات

كتب: سارة سعيد

بالصور| أمام محطة القطار.. الكلب "هاتشيكو" انتظر صاحبه 10 سنوات

بالصور| أمام محطة القطار.. الكلب "هاتشيكو" انتظر صاحبه 10 سنوات

يسير في الطرقات بعد أن حفظها عن ظهر قلب، لا يعنيه فيها شيئًا سوى هدفه الذي يبغي الوصول إليه، لا يلتفت إلى تلك الضحكات التي تقابله والأيادي التي تتحسسه بحنو، فقط يعرفها ويكن لها حبًا إلا أنها لا تزاحم صاحبه في عالمه، يركض فرحًا مشتاقًا لرؤيته، وبمجرد الوصول لوجهته يجلس مستندًا على قدميه منتظرًا ذلك الوجه المجهد، لتحل البهجة على كليهما وترتسم الابتسامة، ليركض صديقنا العزيز نحو صديقه وتتجسد كل المشاعر في حضن دافئ، هو كل ما يملكه أحدهم، ليهون به على الآخر.

"هاتشيكو".. ليس شخصية مشهورة أو حازت على جائزة مرموقة أو تداولتها الأوساط، بل هو مجرد "كلب" قدم للإنسانية كلها أسمى معاني رقي المشاعر، أعطى للبشر درسًا عمليًا في الوفاء، في طوكيو كانت بداية حكايته، عندما سكنها مع مالكه البروفيسور هتسابورو أوينو، أستاذ قسم الزراعة بجامعة طوكيو، في عام 1924، فكانت صداقة فرضت نفسها بحب ملأ بيت البروفيسور وعائلته بهجة ودفء، من براءة وحنان ذاك المخلوق الذي عرفه الجميع بالوفاء، وأظهره لهم الكلب "هاتشيكو" فعليًا.

يستيقظ البروفيسور صباحًا ليجد صغيره ينتظره، يلهث وراءه في أرجاء المنزل، وينتظر فتح باب المنزل الذي يعد له بوابة على عالم آخر يسير فيه مع صديقه، يخرج الاثنان معًا، يسيران في الشوارع التي حفظها "هاتشيكو" جيدًا، يصلان لمحطة قطار "شيبويا" القريبة إلى حد ما من المنزل، يودع البروفيسور صديقه ويستقل القطار لعمله، ليرجع بعدها "هاتشيكو" وحده إلى المنزل وسط إعجاب المارة به وبحبه لصديقه.

ساعات ينتظر فيها "هاتشيكو" البروفيسور كمن ينتظر حلول العيد، لا يدرك الوقت إلا أنه يميِّز جيدًا موعد وصوله، يخرج بخفة ورشاقة يسير بين الطرقات، ينظر في وجوه أصحاب المحال والجيران، أصبحوا مألوفين له ومقرب منهم، اعتادوا على خروجه يوميًا لاستقبال البروفيسور، يصل إلى وجهته، وفي مكانه المعتاد يجلس ينتظره أمام المحطة، حتى يحل عليه ليجري نحوه بلهفة فيحتضنه ويسيران سويًا في طريق عودتهما للمنزل.

أيام وشهور مرَّت على هذه الحال، صباحًا يخرج الكلب "هاتشيكو" مع البروفيسور، ثم يعود وحده للمنزل، ويرجع للمحطة بعد الظهر ينتظره ليرجعا سويًا ثانية، وظلَّ "هاتشيكو" هكذا يوميًا دون كلل أو ملل، بل يشعر بنفس البهجة للقاء صديقه يوميًا، شعر بها كل المحيطين بهما، إلا أن الرياح تأتي دائمًا بما لا تشتهي السفن، فخرج هاتشيكو في أحد أيام شهر مايو عام 1925 دون أن يعلم أن الأمور لن تسير كما اعتاد، بل أن كل شيء تغير منذ ذلك الصباح.

جلس "هاتشيكو" أمام المحطة، وعيناه صوب الباب ينتظر مجيء البروفيسور، الذي لم يأتِ في ميعاده المحدد، وانتظر الكلب ساعات وساعات ولم يأتِ البروفيسور، إلا أن "هاتشيكو" لم يكل ولم يرجع، وربما لو علم أن صديقه الأقرب والوحيد تعرض لجلطة بالدماغ تسببت في وفاته، لم يكن ليتركه أبدًا يرحل عنه هذا الصباح، لم يستوعب هاتشيكو ما حدث، لم يفهم سر غياب صديقه، بل ظل منتظرًا على أمل رؤيته، لم يرجع للمنزل ولم يترك مكانه، ظل قابعًا في مكانه، لا سبيل له سوى الانتظار.

عدة أيام ينتظر، يعود للمنزل ولا يجد البروفيسور، ينتظر ثانية، هائمًا في الشوارع يبحث عن صديقه، في عيون يملؤها الحزن على فراق البروفيسور، الجميع أدرك رحيله، وهو ما زال منتظرًا بين الشوارع ومنزله يذهب ويجيء ليستقر في النهاية أمام المحطة، نفس المشهد نفس الانتظار نفس الركاب الذين يراهم كل يوم ويفتش بينهم عن وجهه المألوف دون فائدة، فاختفت اللهفة بغياب صاحبها، وأصاب الاكتئاب "هاتشيكو" مع مرور الأيام، وأصبح هزيلًا لا يأكل سوى ما تقدمه له تلك القلوب التي أسعدها أيامًا كثيرة بوفائه وحبه وبهجته بصديقه.

أيام وشهور ينتظر "هاتشيكو" دون أن يفقد الأمل، 10 سنوات مرَّت وما زال يجلس أمام المحطة، يراقب ويفتش بين رواد المحطة، الذين تبدَّلت ملامحهم كلية، لم تفرق معه أشعة الشمس الحارة أو برودة الشتاء وأمطاره، كان يدفئه حب صديقه الذي ينتظره، ويهون عليه أي صعاب، لم يستطع حب الآخرين وعطفهم عليه أن يرجعوه عن عزمه أو يكسبوا حبه وينسوه صديقه، الأمر الذي جعل فنان ياباني ينحت للكلب "هاتشيكو" تمثالًا عام 1933، بعد أن تأثر بقصته، وقامت بلدية المدينة بتدشين التمثال أمام محطة القطار بحضور "الوفي" هاتشيكو.

نفق "هاتشيكو" بعد 10 سنوات من الانتظار وتحديدًا في 8 مارس عام 1935، أعوام تعلم فيها المحيطون بالكلب وفاءه الذي لازمه حتى انطلقت روحه، لتقابل روح صديقه في عالم آخر لا يوجد به انتظار، أمام محطة "شيبويا" مات هاتشيكو وبقي تمثاله خالدًا، يتحاكى به الجميع، ويتوارثون قصته بين أطفالهم لتعليمهم قيمة من حيوان استطاع أن يكون قدوة لهم، وفي عام 1948 استبدل التمثال بآخر برونزي، وتخليدًا له سميت البوابة التي كان ينتظر أمامها بـ"هاتشيكو كوتشي" أي "مخرج هاتشيكو".

بوابة المحطة وتمثال هاتشيكو أمامها وتمثاله في مسقط رأسه في أكيتا، باتوا مزارًا سياحيًا في طوكيو، ورمزًا للأصدقاء الأوفياء، ورقد "هاتشيكو" ذاته منذ ذلك الحين في المتحف الوطني للعلوم في أوينو بطوكيو، بعد أن حُنطت جثته وحفظت، وانتشرت قصته لعدة سنوات بعد موته، يتحدث عنها الكُتاب وتتداولها الإذاعات، ورُسخت في الكتب المدرسية رمزًا للوفاء، ثم تحولت لفيلم قام بأدائه الفنان ريتشارد جير.

ملف خاص الحيوانات في مصر.. بين الرحمة و"ربيلك عيل أحسن" يعتنون بالحيوانات مثل أبنائهم، لا يهتمون بسخرية الآخرين منهم بسبب اهتمامهم للمزيد أشهر 6 ملاجئ للحيوانات في القاهرة والجيزة تتشرد في شوارع تحميها من الظروف لكنها لا تستطيع حمايتها من قسوة البعض للمزيد في يومها العالمي.. الحيوانات تواجه الفناء.. والبشرية في قفص الاتهام عالم بسيط لا يعكره بغض أو كره، لا يرغب سوى العيش بسلام، وحده السلام الذي يشغلهم في عالم تبخرت منه مشاعر الحب والرحمة للمزيد ليه "تقتل" قطة بلدي لما ممكن تبيعها للأجانب بـ450 جنيه إسترليني لا تكاد تقترب منك حتى تنفر منها وتبتعد عنها، وربما تشعر ببعض العطف المصحوب بالاشمئزاز للمزيد نصف حيوانات العالم اختفت خلال 40 عاما.. والمتهم "قسوة الإنسان" تتعرض لضغوطات لا دخل لها بها، بيئة فرضت ظروفها عليها دون إرادتها للمزيد


مواضيع متعلقة