"تمرد" و"عكاشة".. دخول التاريخ من باب "كتب الوزارة"

"تمرد" و"عكاشة".. دخول التاريخ من باب "كتب الوزارة"
"التاريخ".. حكايات أمم، تُسطَّر على مدار عشرات السنين من انتهاء الحدث المراد الكتابة عنه، تشكّل قصصه وجدان طفل يظل متشبثًا به ومحتميًا فيه أمام مستقبل لم يدركه، فالماضي يصنع الحاضر ويرسم المستقبل، هكذا تسير قناعات أجيال ناشئة تختزن حضاراتها من تاريخ له طرق عدّة في كتابته، فالبعض يتعرّف عليه من خلال الروايات والأشعار الأدبية، أو كتب مستقلة يطرحها معاصرون للحدث، أو متخصصون في مجال تدوين التاريخ، كلها أمور اختيارية لقراءته، أما الأجيال المتلاحقة مُجبرة على تلقيه من كتاب الدراسات الاجتماعية، في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، و"التاريخ" في الثانوية.
يرسم الأطفال صورًا أسطورية للشخصيات التي يذكرها التاريخ، اعتقادًا منهم أنهم صناع الأحداث التي يعيشون على حسها حتى اللحظة المرهونة، لأنهم لم يعايشوا الحدث الأصلي، لكن في الوقت الحالي يكتشف الجيل المعاصر أن الشخصيات المطروحة للتاريخ أضحت مشاعًا، لكل مَن شارك أو ساهم فكان جزءًا من ثورة أو حدثًا جليلًا أثّر في التاريخ المصري.
قامت الدنيا ولم تقعد حينما جاء في كتاب الصف السادس الابتدائي، نبذة في جمل عن حركة تمرد بأنها "نذر الثورة" ضد حكم الإخوان، بتجمعهم في 26 أبريل 2013، ودعوا "لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن تنتهي المهلة في 30 يونيو"، وعليه أقام المحامي شادي طلعت ببلاغ ضد وزارة التربية والتعليم لسحب هذا الكتاب، واعتبر آخرون أن اختزال ثورة 30 يونيو في حركة تمرد "تشويه للتاريخ".
"شخصنة التاريخ مشكلة".. يعتبر الدكتور محمد عفيفي، المؤرخ ورئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن البطل في كتب التاريخ يجب أن يكون دائما الشعب نفسه، معترضًا على اختزال ثورة كاملة في حركة "تمرد" كما تُختزل ثورة 25 يناير في الشباب، على الرغم من أن جميع الفئات شاركت فيها، مستشهدًا بثورة 1919 والتي فجّرها شباب لكن لم يُقل ذلك لأنها ضمت الجميع.
ثم صار التاريخ مشاعًا حينما طالبت الإعلامية حياة الدرديري، مقدمة برنامج "مصر اليوم" على قناة "الفراعين"، بوضع اسم توفيق عكاشة في كتب التاريخ الدراسية باعتباره "مُفجر ثورة 30 يونيو"، وقالت، في مداخلة مع الإعلامي وائل الإبراشي، في برنامج "العاشرة مساءً"، إنه لا يمكن تجاهل عكاشة، وأنه يجب تخصيص "درس" باسمه كقائد لـ30 يونيو، وأبدت اعتراضها على ذكر أسماء أعضاء حركة تمرد في الكتب فقط.
لذا رأى عفيفي، في تصريحه لـ"الوطن"، أن الأزمة تكمن فيمن يكتب التاريخ، وليست في وزارة التربية والتعليم، فهؤلاء الأشخاص تحتاج إلى مراجعة، لأن كتب التاريخ يجب أن تعود الطالب أن البطل هو الشعب المصري حتى يثق في نفسه، وليس في أشخاص.