كنت أسيرا في سجن جلبوع.. صديق الزنزانة يكشف لـ«الوطن» خطة «نفق الحرية»

كنت أسيرا في سجن جلبوع.. صديق الزنزانة يكشف لـ«الوطن» خطة «نفق الحرية»
- سجن جلبوع
- نفق الحرية
- الاحتلال الإسرائيلي
- أسرى فلسطين
- جلبوع
- جيش الاحتلال
- سجن جلبوع
- نفق الحرية
- الاحتلال الإسرائيلي
- أسرى فلسطين
- جلبوع
- جيش الاحتلال
«هل يوجد في السجون الإسرائيلية ملاعق تحفر خنادق؟، أين ذهب التراب؟، هل اختلق الاحتلال قصة الهروب؟، الضفة الغربية أو الداخل الإسرائيلي أو قطاع غزة أم الأردن؟، أتكفي الحفرة لعبور شخص بالغ؟»، وغيرها من الأسئلة التي دارت في الأذهان، فبالتزامن مع مباركة الشعب الفلسطيني والعرب وكل إنسان في العالم يساند قضية الأسرى الفلسطينيين القابعين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، تداولت روايات كان بعضها يشكك في نجاح الأسرى الستة في الفرار من سجن «جلبوع» الإسرائيلي، شديد الحراسة، والبعض الآخر لم يستوعب تفاصيل «نفق الحرية» الذي خلّد ملحمة جديدة من صفحات تاريخ النضال الفلسطيني.
ولأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة، انتزع كل من الأسرى محمود عبد الله عارضة، يعقوب محمود أحمد قادري، زكريا الزبيدي، مناضل يعقوب عبد الجبار نفيعات، أيهم فؤاد نايف كمامجي، ومحمد قاسم أحمد عارضة، حريتهم من براثن الاحتلال الإسرائيلي في فجر السادس من سبتمبر 2021، ذلك اليوم الذي انحنى فيه سجانو «جلبوع» أمام «نفق الحرية»، وكثرت التساؤلات والسيناريوهات والتحليلات، ما جعل «الوطن» تفتش ليس عن الحقيقة فقط بل عن تفاصيلها، التي لا يعرفها سوى ثلاثة أطراف، الأسرى الستة والاحتلال الإسرائيلي وزميل الزنزانة السابق في سجن جلبوع.
أبو رزق: الاحتلال اعتقلني للمرة الأولى يوم استشهاد ياسر عرفات
13 عاما قضاها الأسير الفلسطيني المحرر محمد أبو رزق في معتقلات الاحتلال، أي ما يوازي ثلث عمره فهو يبلغ 39 عاما، بينهم 4 سنوات في سجن جلبوع، زامل خلالها عمداء الأسرى ومناضلين لم يبخلوا بأعمارهم على فلسطين، كـ«عبدالله البرغوثي، أحمد سعدات، ناصر عويض، خالد خديش، وماجد المصري»، وخمسة من أبطال عملية «نفق الحرية»، حيث اعتقل لأول مرة في 11 نوفمبر من العام 2004 مصادفا يوم استشهاد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
«أن تشارك في الانتفاضة يكفي توجيه اتهامات لك من قبل الاحتلال تتلخص في أنك خطر على الأمن ويحكم عليك بالمؤبد ويُزج بك في المعتقلات سيئة السمعة كـ(جلبوع وشطة)، دعني أحدثك عن المعتقل الأول، الذي يعاني الأسرى بين جدرانه من الإهمال الطبي وضرب السجانين والمعاملة الوحشية من قبل المحققين، فلن تجد هناك حقوق إنسان بل يتفنن الاحتلال في سحق ذلك الإنسان الذي يدافع عن أرضه ويناضل في سبيل وطنه، لا فتحات للتهوية فمن السهل أن يصاب الأسير بداء الربو أو الالتهاب الرئوي، ناهيك عن مياه الشرب أو حتى المراحيض، فلا مجال للراحة في جلبوع، نحن نذكر هنا الجانب الأخطر من القهر الإنساني والاغتيال المعنوي»، بتلك الكلمات بدأ الأسير المحرر محمد أبو رزق، صديق الزنزانة للأسرى الفلسطينيين أبطال عملية «نفق الحرية» لـ«الوطن».
الصداقة لم تبدأ من سجن جلبوع، فأبو رزق تعرف على محمود عارضة ، قائد عملية التحرر من المعتقل الإسرائيلي في سجن الرملة خلال عام 2005، الذي يصفه بـ«منتمي للقضية الفلسطينية ومن الشباب الوطني المحترم الذي يعشق فلسطين من غزة جنوبا ليافا شمالا».
3 أسرى من الستة الفارين حاولوا الهروب من السجن أكثر من مرة
يتجدد اللقاء مرة أخرى بين الأصدقاء، لكن هذه المرة في سجن جلبوع، ليجتمع أبو رزق ابن محافظة نابلس بأبناء محافظة جنين، محمود ومحمد عارضة و قادري ونفيعات وكمامجي حيث إن جميعهم محكوم عليهم بالمؤبد، ولم يكن زكريا الزبيدي قد وصل لجلبوع بعد، «لكن ثلاثة من هؤلاء الأسرى حاولوا الهروب أكثر من مرة خلال السنوات الماضية وبالطبع كان قائدهم محمود عارضة الذي يقبع في المعتقلات الإسرائيلية منذ العام 1996، ما جعل إدارة السجون الإسرائيلية تصنفهم (مسجلين خطر) داخل سجن جلبوع، وفي النهاية نجحوا في استنشاق نسيم الحرية رغما عن السجان»، بحسب أبو رزق.
وعن تأمين سجن جلبوع، يؤكد أبو رزق أن نظام الأمن داخل السجن الإسرائيلي قوي للغاية، ويشهد العديد من أنواع الفحص، فيوجد فحص أسبوعي داخل الزنازين وتفتيشات كل أسبوعين في الغرف أما الفحص الشهري فيكون ذاتيا، موضحا أن الرقابة دائمة في جلبوع أكثر من أي سجن آخر من سجون الاحتلال».
الأسير داخل المعتقل الإسرائيلي لديه حس أمني أكثر من السجان
يستنكر أبو رزق السيناريوهات المختلقة بشأن «الملاعق والحفرة»، حيث يقول: «بالطبع توجد ملاعق داخل المعتقلات الإسرائيلية، والأسير داخل المعتقل يستطيع صناعة ملعقة بالأدوات والموارد المتاحة في بيئة السجن، كنا نصنع ما نريد بأي شيء حولنا، لأن أي مادة في محيط الأسير تبقى ذات قيمة من ذرة التراب حتى الهواء الطلق، فالإرادة الحقيقية هي كل ما يحتاجه الأسير في المعتقل الإسرائيلي، وبتراكم الخبرات في المعتقل يصبح لديه حس أمني أكثر من السجان ذاته».
السؤال الأكثر طرحا كان «أين ذهب التراب؟»، ليرد الأسير المحرر: «ما تم ترويجه لهروب الأسرى الستة من فتحة الصرف الصحي غير صحيح نهائيا، حيث إن عملية الهروب تمت عبر فتحة (الدش) المستخدمة للاستحمام، ولهذا كان الأسرى يضعون التراب في الفتحة ثم مياه ساخنة وساعدتهم طبيعة التربة في المنطقة، حيث إن التراب كان يتسرب عبر مجرى المياه»، أما حول ما تردد عن كيفية تخطي الأسرى الستة لكلاب الحراسة، أوضح: «الكلاب تكون في محيط الأقسام داخل السجن لكن الفتحة اللي خرج منها الأسرى كانت في الخارج حيث لا يوجد أي كلاب حراسة».
يعد الحفر المرحلة الأصعب في عملية الهروب من «جلبوع»
مرحلة الحفر كانت الأصعب في عملية «نفق الحرية»، حيث يؤكد أبو رزق لـ«الوطن» أنها استغرقت بين 9 أشهر إلى سنة، واحتاجت لحس أمني واعٍ بكل ما تحمله الكلمة من معاني، و يجب الأخذ في الاعتبار أن هؤلاء الأسرى لديهم تجارب سابقة في الهروب أخفقوا فيها لكن نجحوا هذه المرة.
يختتم أبو رزق حديثه لـ«الوطن»: «بحكم معرفتي بهؤلاء الشباب الذين تحملوا مصاعب حفر استمر لمدة عاما كاملا وخططوا للعملية لسنوات، أتوقع عدم عبورهم حدود فلسطين، أما عن رواية القتل التي انتشرت في الأيام الماضية، فأنا أؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي ليس عنده أي إشكالية في إعلان قتلهم ولكن هذا لم يحدث فهم ما زالوا على قيد الحياة، وهناك اغتيالات عديدة نفذها الاحتلال بحق أسرى داخل المعتقلات ودفنهم في مقابر الأرقام».